اتهم رئيس الحكومة المغربية الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية عبد الإله ابن كيران، بعض النقابات بعرقلة مناقشة قوانين إصلاح أنظمة التقاعد بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، وذلك حتى لا يحسب هذا الإصلاح لفائدة الحكومة الحالية، محذرًا من استغلال المطالب الاجتماعية لأغراض سياسية وانتخابية.
وقال ابن كيران الذي كان يتحدث أمس في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) إنه «ليس خصمًا للنقابات ولا منافسًا لها، مشددًا على أن إصلاح التقاعد لا بد من أن يمر في عهد الحكومة الحالية، وإلا لن يجد نحو 400 ألف من المواطنين معاشا يتقاضونه في غضون 2022».
وأضاف أن الإصلاح مكلف من الناحية السياسية والانتخابية بيد أن الحكومة مصرة عليه. وزاد قائلاً: «مرروا إصلاح التقاعد واتركوا المواطنين ليحاسبوني ولا يصوتوا عليه».
وخاطب ابن كيران معارضيه قائلاً: «أنا كرئيس حكومة وضعت ملابسي في حقيبة ومستعد للمغادرة في أي لحظة، ومستعد للتنازل لكم حتى على الحقيبة والثياب».
واستعرض ابن كيران عددًا من المطالب التي تحققت لفائدة الموظفين والعمال، منتقدًا إهمال النقابات للفئات الفقيرة في المجتمع والتركيز على الزيادة في أجور الموظفين، وقال في هذا الصدد أن «التحدي التي يواجهه المغرب اليوم، ليس هو تركيز على وضعية الطبقات التي تعيش وضعًا لا بأس به، بل هو كيفية إيصال جزء من المجهود التنموي لبلادنا إلى الفئات الضعيفة والمهمشة الموجودة في أدنى السلم الاجتماعي، لأن تحقيق السِّلم الاجتماعي الحقيقي يتأتى من خلال إدماج الفئات والمجالات المقصية والمهمشة في الدورة الإنتاجية والتنموية».
وبينما وجهت فرق الأغلبية سؤالاً محوريًا لرئيس الحكومة يتعلق بمستجدات الحوار الاجتماعي، تعددت أسئلة فرق المعارضة، وتشتت في مواضيع عدة تتعلق بالمجال البيئي ووضعية المهاجرين المغاربة في الخارج، والسياسة الثقافية، والتنمية في القرى، وتفاقم الدين العام، والتأخر في إخراج مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. والوضعية الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية.
في هذا السياق، وردًا على سؤال نور الدين مضيان، رئيس الفريق النيابي لحزب الاستقلال المعارض، بشأن سياسة الحكومة في المجال البيئي، والتي تحدث فيه عما وصفه «التلوث السياسي» الذي تعاني منه البلاد، قال ابن كيران أن التلوث الطبيعي أهون من التلوث السياسي. وخاطب النائب الاستقلالي قائلاً: «أنا متفق معك في أن بلادنا بذلت مجهودات للحد من التلوث الطبيعي، لكن فيما يخص التلوث السياسي فمنذ مدة وأنا أتحدث عنه هنا (يقصد داخل البرلمان)»، وأضاف مخاطبًا نواب حزب الاستقلال بشكل عام: «لا يمكنكم أن تتخيلوا سعادتي عندما وصلتم إلى هذه النتيجة، أما بشأن اقتراحكم أن نتعاون معكم ومع الشرفاء للقضاء عليه، لأنه خطر يهدد بلادنا، فاللهم التلوث الذي تسببه أكياس البلاستيك السوداء أو التلوث بالأمور الأكثر سوادا من السواد». على حد قوله.
واختارت النائبة بشرى برجال من الاتحاد الدستوري المعارض مساءلة رئيس الحكومة بشأن السياسة العامة في مجال الثقافة بلغة أقرب إلى قصيدة شعر اشتكت فيها من «آفة الكراسي وسياسة الكراسي، لأنها أصل كل المآسي»، ليرد عليها ابن كيران أن «المشكلة ليست في الكراسي، بل في نوعية الجالسين عليها»، مضيفًا: «نحن كحزب سياسي لا نتضايق من العمل السياسي والحياة السياسية، ولا من الهزيمة السياسية، نفكر فقط فيمن سيخلفنا، هل سيكون أرحم على الشعب، وأحرص على مصلحته، وأكثر نزاهة في أموال الناس، وأكثر مساعدة ومساهمة في استقرار وأمن البلد، والحفاظ على مؤسساتها رموزها ومقدساتها، أم نبتلى ببلاء لا نعرف منه مخرجًا، ويؤدي بنا إلى ما لا يحمد عقباه».
ودافع ابن كيران عن سياسة حكومته التي اختارت الانحياز إلى الطبقات الفقيرة، «حتى لا يبقى البلد مكسرًا ويعود إليه التوازن، بدل أن تظل شريحة تعيش في البلور، وأخرى تعيش وكأنها في القرون الوسطى»، حسب تعبيره.
من جهة أخرى، كشف ابن كيران أن الحكومة انتهت من إعداد مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وسيعرض في الأيام القليلة المقبلة على مجلس الحكومة، إلى جانب القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وذلك بعد أن فتحت الحكومة الباب لمختلف المؤسسات وجمعيات المجتمع المدني المعنيين لتقديم مقترحاتهم بشأن القانون.
ابن كيران: وضعت ملابسي في الحقيبة ومستعد للمغادرة في أي وقت
رئيس الحكومة المغربية قال إن التلوث السياسي خطر يهدد البلاد
ابن كيران: وضعت ملابسي في الحقيبة ومستعد للمغادرة في أي وقت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة