تمكنت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، ذات الغالبية الكردية والمدعومة من واشنطن، من السيطرة على عشرات القرى والبلدات في ريف مدينة منبج بمحافظة حلب، وإحكام طوقها على تنظيم «داعش» داخل منبج ذاتها. إلا أن هذا الطوق العسكري حاصر عمليًا ما يقارب مائتي ألف مدني سوري داخل المدينة، وبات يهدد حياتهم بالقصف الذي بدأ يطال الأحياء السكنية، والشحّ في المواد الغذائية مع توقف الأفران عن العمل بفعل الحصار ووتيرة القصف الآخذة بالتصاعد يوميًا.
في هذه الأثناء وسّعت هذه الميليشيا، التي تشكل ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية مكونًا رئيسًا فيها، دائرة عملياتها جنوبًا، حيث حققت، بدعم أميركي، أمس السبت، مكاسب جديدة على الأرض ضد تنظيم «داعش»، واقتربت من معقل آخر من أهم معاقله في شمال سوريا، هو محيط مدينة الباب التي تبعد 30 كيلومترًا عن مدينة حلب لناحية الشرق. وأفاد ناشطون أنها أصبحت الآن على بعد 17 كيلومترا من الباب الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري.
بالنسبة لمدينة منبج، تصاعدت المخاوف على حياة المدنيين، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، قوله إن «عشرات الآلاف من المدنيين باتوا محاصرين داخل المدينة، التي تتعرض لضربات مستمرة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بعدما تم قطع كل الطرق في محيطها»، مؤكدًا أن المدنيين «يعيشون حالة رعب، جراء القصف الجوي المكثف على أحيائهم السكنية، وتوقف الأفران عن العمل وشح المواد الغذائية خصوصا بعد قطع كل الطرق الرئيسية الواصلة إلى المدينة». وكانت ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» مساء الجمعة بدعم جوي من التحالف الدولي تمكنت من تطويق المدينة، وقطع طرق الإمداد إلى مناطق سيطرة التنظيم المتطرف وباتجاه الحدود التركية. وأسفرت المعارك في الساعات الـ24 الأخيرة، عن مقتل نحو 160 مقاتلاً من «داعش» و20 آخرين من القوات المهاجمة في محيط منبج.
وهجوم منبج واحد من ثلاثة يتصدى لها تنظيم «داعش» لحماية طريق إمداده الرئيسي إلى الرقّة في شمال سوريا، مرورا بمدينة الطبقة بمحافظة الرقّة، حيث يواجه من جهة الشمال «سوريا الديمقراطية» ومن الجهة الجنوبية الغربية قوات النظام المدعومة بالطائرات الروسية، وصولا إلى منبج فجرابلس على الحدود التركية، وجرى طرد المتطرفين من ريف منبج.
وأفاد مصادر أن «بعض المنازل تضررت جزئيا، وبعضها الآخر دمّر بالكامل جراء قصف التحالف الدولي». وأشارت إلى أن «عودة المدنيين الذين نزحوا من بيوتهم خوفا من المعارك لا تزال خجولة».
ويقول الشاب منذر صالح، من قرية جب حسن آغا، الواقعة على بعد 13 كيلومترا جنوب شرقي منبج، لمراسل وكالة الصحافة الفرنسية: «نحن في أمان هنا، وسعداء بذلك، وإن شاء الله تتحرر منبج، حيث يوجد أقرباء لنا». وتحدث عن «قيود كان التنظيم يفرضها على أهالي القرية المعروفة بتهريب الدخان، وكان يلاحقنا دائما». أما ضحى حاج علي، في العقد الثالث من العمر وترتدي حجابًا أخضر اللون، وتتحدث بلكنة ريفية، فقالت: «يخرب بيت (داعش) فرجونا نجوم الضهر، كانوا يطلبون منا تغطية عيوننا ويقولون لا تخافوا منا.. خافوا من الله، ويمنعوننا من وضع الماكياج والاحتفالات والأعراس». ورغم تعبير الأهالي عن فرحهم بطرد التنظيم، فإن همّهم الأول حاليًا هو توفير قوتهم اليومي في ظل النقص في المواد الغذائية والخبز. ولا يتردد طفل في الخامسة من عمره في طلب الخبز من كل عابر طريق. ويردد عبارة: «لم آكل الخبز منذ يومين».
إلى ذلك، لقي أربعة مدنيين حتفهم وأصيب آخرون، جراء استهداف الطيران الحربي الروسي بعدّة غارات قرية جعيدين الخاضعة لسيطرة «داعش» جنوب غربي مدينة الرقّة. وقال الناشط الإعلامي المعارض عبد الرحمن علوش من مدينة الطبقة: «الطيران استهدف بأربع غارات منازل وسط القرية، أسفرت عن مقتل ثلاثة أطفال وجدتهم وإصابة أربعة آخرين، نقلوا بواسطة الأهالي إلى النقاط الطبية في مدينة الطبقة الخاضعة لسيطرة التنظيم المتطرف، كما أدى القصف إلى دمار منزلين وأضرار مادية أخرى»، مشيرًا إلى أن الطيران الروسي «استهدف بغارتين، صوامع الحبوب في بلدة دبسي عفنان الخاضعة لسيطرة التنظيم بريف الرقّة الغربي، أسفرتا عن تلف كميات كبيرة من الحبوب ودمار كبير بالصوامع وخروجها عن الخدمة، من دون سقوط قتلى أو جرحى».
أما «مكتب أخبار سوريا» المعارض، فنقل عن مصادر ميدانية في الطبقة، أن قوات النظام «سيطرت على قرى صفيان وبير زيدان وأنباج، بعد اشتباكات عنيفة مع تنظيم (داعش) جنوب غربي المدينة، وسط غارات مكثفة للطيران الحربي الروسي والنظامي»، مشيرًا إلى أن قوات النظام «باتت على بعد 30 كيلومترا من الطبقة ومطارها العسكري بريف الرقة الجنوبي الغربي». بينما تحدثت وكالة «سانا» الناطقة باسم النظام، عن أن القوات النظامية «سيطرت على مفرق مدينة الرصافة الخاضعة لسلطة التنظيم جنوب غربي الرقّة، والمعروف باسم (المثلث الاستراتيجي)، وحقل وشركة (صفيان) للنفط، ومحطة كهرباء الطبقة».
حصار منبج يهدد حياة مائتي ألف مدني بفعل القصف الجوي وشح المواد الغذائية
ميليشيا «سوريا الديمقراطية» توسع نطاق عملياتها باتجاه مدينة الباب
حصار منبج يهدد حياة مائتي ألف مدني بفعل القصف الجوي وشح المواد الغذائية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة