توجّه في لبنان لتصعيد العقوبات على «حزب الله» بإقفال حسابات عوائل نوابه ووزرائه المصرفية

مصادر مطلعة: إقفال الأرصدة بالدولار الأميركي والإبقاء على تلك المودعة بالليرة

توجّه في لبنان لتصعيد العقوبات على «حزب الله» بإقفال حسابات عوائل نوابه ووزرائه المصرفية
TT

توجّه في لبنان لتصعيد العقوبات على «حزب الله» بإقفال حسابات عوائل نوابه ووزرائه المصرفية

توجّه في لبنان لتصعيد العقوبات على «حزب الله» بإقفال حسابات عوائل نوابه ووزرائه المصرفية

باتت قضية العقوبات الأميركية من أولويات ما يسمى «حزب الله» في ضوء المعلومات التي تشير إلى التوجّه لتصعيد الإجراءات المصرفية المتعلقة بحسابات النواب والوزراء المحسوبين عليه وعائلاتهم.
وكان الهجوم الذي شنّه الحزب على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عبر كتلته النيابية أول من أمس واضحا في هذا الإطار، واصفا كلامه بـ«المريب والملتبس»، وذلك بعد قوله «لا نريد أن يكون بضعة لبنانيين السبب في تسميم صورة لبنان وتشويهها في الأسواق المالية»، معلنا عن «إقفال 100 حساب مرتبط بالحزب تطبيقًا للقانون الأميركي الخاص بمكافحة شبكة تمويل الحزب»، وأكّد أن «البنك المركزي يعمل على تنفيذ هذا القانون».
وفي هذا الإطار، قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن المصارف اللبنانية ستعمد إلى إقفال حسابات النواب والوزراء وأبنائهم وزوجاتهم المودعة بالدولار الأميركي بينما سيبقى على تلك الموضوعة بالليرة اللبنانية. ويأتي ذلك، في وقت عمد فيه «بنك لبنان والمهجر» إلى إقفال حسابات النواب والوزراء وكل الشخصيات التي تدور في فلك الحزب الموجودة لديه، بحسب ما قال مصدر نيابي في كتلة الحزب لـ«الشرق الأوسط»، واصفا هذه الخطوة بـ«الاعتباطية المنطلقة من مصالح شخصية».
ولفت المصدر إلى أن اتفاقا حصل بين سلامة والحزب سيتم بموجبه التقيد بالشروط التي تضعها هيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان لمنع المصارف اتخاذ قرارات فردية في هذا الإطار، لافتا إلى أنه على المصرف الذي اتخذ قرارا بإقفال الحسابات إعادة النظر بإجراءاته والتقيد أيضا بتعليمات المصرف المركزي الذي عليه مراقبة كيفية التطبيق وتولي مهمة محاسبة من يخالف التعليمات.
وكشفت مصادر مطلعة لـموقع «لبنان 24» أن الإجراءات المصرفية ستستمر في التضييق على بعض المؤسسات التابعة للحزب، مثل «مستشفى الرسول الأعظم» التي سيصدر القرار بشأن حساباتها في وقت قريب، إضافة إلى مؤسسات أخرى. وترى المصادر أن الحزب يتريّث قدر الإمكان قبل القيام بأي ردود فعل قد تؤثر على الاستقرار النقدي في لبنان، خاصة أنه كمؤسسة حزبية لم يتأثر بشكل فعلي بالعقوبات، لكن الضغط الذي بدأ يتزايد على البيئة الحاضنة للحزب قد يجعله مضطرًا إلى الردّ مهما كلف الأمر من تبعات على المصارف والوضع المالي عمومًا.
وتؤكد المصادر أن اللهجة الحادة التي ردت فيها كتلة الوفاء والمقاومة على حاكم مصرف لبنان توحي بأن التصعيد لم يعد بعيدًا. وتعتبر المصادر أن الضغوط المالية هي محاولة لتحسين شروط التفاوض في أي تسوية سياسية مقبلة على لبنان، لكن الأمر لن يجدي نفعًا إذ إن الحزب سيواجه العقوبات المصرفية بشكل منفصل ومباشر ولن يقبل إخضاع المسألة لأي عملية تسووية تفاوضية مرتبطة بالسياسة. وكانت معلومات صحافية أشارت إلى أن العقوبات الأميركية ستطاول جمعيات ومؤسسات ومدارس ومستشفيات تابعة للحزب، كالمستشفيات التي تتبع «مؤسسة الشهيد»، مثل «مستشفى الرسول الأعظم» و«مستشفى بعلبك» و«مستشفى البقاع الغربي»، وغيرها من المؤسسات الصحية والاجتماعية والتربوية.
من جانبها، كانت كتلة «الوفاء للمقاومة» (نواب الحزب وحلفائهم في البرلمان)، قد شدّدت على أن «سياسة الابتزاز والضغوط المتعددة التي تعتمدها الإدارات الأميركية مع دولٍ وقوى مختلفة تلتزم مواقف مناوئة لسياساتها لن تنفع إطلاقًا في لي ذراع ما يسمى «حزب الله» وتغيير مواقفه الرافضة للاستبداد والظلم اللذين تمارسهما الإدارات الأميركية». واعتبرت الكتلة أن «الإدارة الأميركية لا توفر فرصة للنيل من المقاومة وجمهورها، وقد وجدت في بعض القطاع المصرفي اللبناني ضالتها من أجل تحقيق سياساتها. لكن استهدافها الجديد لهما عبر هذا القطاع سيبوء بالفشل ولن ينجح في تحقيق أهدافه». وحمّلت الكتلة الحكومة والمصرف المركزي «مسؤولية سيادة لبنان واستقراره النقدي والاجتماعي واصفة الموقف الأخير لحاكم المصرف المركزي بـ«الملتبس والمريب ويشي بتفلت السياسة النقدية من ضوابط السيادة الوطنية، ولذلك فإننا نرفضه جملة وتفصيلاً.
وعلى الجميع أن يدرك أن جمهور المقاومة ومؤسساته التربوية والصحية عصي على محاولات النيل منه من أي كان مهما علا شأنه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».