الجبهات المفتوحة تنهك «داعش» في ريف حلب.. والمعارضة تفك حصار مارع

مجلس منبج العسكري: نتريث باقتحام المدينة حتى جلاء مصير المدنيين

المعارضة تفك الحصار عن مارع أمس وتسيطر على عشر قرى بريف حلب الشمالي (يوتيوب)
المعارضة تفك الحصار عن مارع أمس وتسيطر على عشر قرى بريف حلب الشمالي (يوتيوب)
TT

الجبهات المفتوحة تنهك «داعش» في ريف حلب.. والمعارضة تفك حصار مارع

المعارضة تفك الحصار عن مارع أمس وتسيطر على عشر قرى بريف حلب الشمالي (يوتيوب)
المعارضة تفك الحصار عن مارع أمس وتسيطر على عشر قرى بريف حلب الشمالي (يوتيوب)

شهد ريف حلب يوم أمس الأربعاء انهيارات متسارعة لتنظيم داعش إن كان في القسم الشمالي، حيث انسحب عناصره على وقع هجوم شنته الفصائل المعارضة أو في القسم الشرقي، حيث واصلت «قوات سوريا الديمقراطية» تقدمها باتجاه مدينة منبج لتتمركز على مشارفها بانتظار جلاء مصير المدنيين المحاصرين فيها للانطلاق بعملية الاقتحام.
ونجحت فصائل المعارضة في مدينة مارع والتي أعلنت قبل ساعات اندماجها تحت اسم «لواء المعتصم»، بفك الحصار الذي كان «داعش» يفرضه على المدينة من خلال هجوم مضاد شنته يوم أمس انسحب على أثره عناصر التنظيم إلى البلدات المحيطة، لتعيد بذلك فتح الطريق بين معقليها مارع وأعزاز وربطهما بالمنفذ التركي، بعد 11 يوما على سيطرة «داعش» في هجوم مفاجئ على خمس قرى فارضا بذلك حصارا على مارع من ثلاث جهات في ظل إمساك المقاتلين الأكراد بالجهة الغربية من المدينة.
شنت الفصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي «هجوما مضادا ضد تنظيم داعش تمكنت من خلاله من استعادة قريتي كفر كلبين وكلجبرين»، الواقعتين على طريق الإمداد الوحيد لفصائل المعارضة في المنطقة، مشيرا إلى أن الهجومين تما بشكل متزامن من مارع جنوبا وأعزاز شمالا على حد سواء، بعد محاولات عدة سابقة باءت بالفشل لإعادة فتح الطريق.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن مقاتلي التنظيم «لم يخوضوا اشتباكات عنيفة بل عمدوا إلى الانسحاب كونهم يتصدون لجبهات عدة أخرى في شمال سوريا»، بينها تلك التي ضد «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف الرقة الشمالي وفي مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي وأخرى ضد قوات النظام في ريف الرقة الجنوبي الغربي.
وتحدثت «شبكة الدرر الشامية» عن «انهيارات متسارعة» في صفوف تنظيم داعش في قرى ريف حلب الشمالي بحيث انسحب عناصره من 10 قرى دفعة واحدة، مؤكدة أن التنظيم سحب جميع القوات العسكرية المتواجدة في قرى جارز، يحمول، بريشة، قرى كوبري، يني يابان، غزل، لتحل محلها القوات العسكرية التابعة لـ«فصائل الثوار».
وقال قائد لواء «أحفاد صلاح الدين» المعارض أحمد أنيس، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن فصائل المعارضة المتمركزة في مارع شنت هجوما الساعة الثالثة من فجر الأربعاء على قرية صندف الخاضعة لسيطرة «داعش» في الجهة الشمالية منها، تزامنا مع هجوم للفصائل على قرية كفر كلبين جنوب شرقي مدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف حلب الشمالي، مؤكدا أن الهجومين تما بإسناد جوي من طيران التحالف الدولي الذي ألقى ذخائر للمعارضة قبل بدء المواجهات.
وأوضح أنيس أن المعارضة سيطرت على القريتين بعد اشتباكات لثلاث ساعات، ثم تابعت تقدمها واستعادت قرية كلجبرين، التي انسحب عناصر التنظيم منها بعد أن باتت الطرق المؤدية إليها مرصودة من قبل مقاتلي المعارضة بالقناصات والرشاشات الثقيلة، لافتا إلى أن عشرة عناصر من التنظيم قتلوا وأصيب آخرون جراء المواجهات، في حين لقي خمسة مقاتلين معارضين مصرعهم وأصيب أربعة آخرون بجروح خطرة.
وبعد فك الحصار عن مارع، انطلقت فصائل المعارضة الموحدة في معارك للسيطرة على البلدات المحيطة التي انسحب إليها عناصر التنظيم. وفي هذا السياق، قال القيادي في صفوف المعارضة المسلحة بريف حلب الشمالي صالح الزين لوكالة «آرا نيوز»، إن «جميع الألوية والفصائل المقاتلة داخل مدينة مارع من الفوج الأول ولواء الحمزة والسلطان مراد ومجموعات من كتائب الصفوة وحركة أحرار الشام، وغيرها، أعلنت اندماجها في صفوف لواء المعتصم بالله، بهدف حماية مدينة مارع وطرد (داعش) من جميع القرى والبلدات في الريف الشمالي». وأشار الزين إلى أن «هذا الاندماج تجسد في مواصلة القوى المتحدة تقدمها على حساب (داعش) في عدة قرى على الحدود السورية التركية، حيث سيطرت الفصائل على كل من يان يبان، بريشة وقرة كوبري». وأوضح أن الاشتباكات انتقلت إلى أطراف بلدة تل حسين، وسط محاولة «لواء المعتصم بالله» السيطرة عليها وقطع خطوط إمداد التنظيم بين بلدتي صوران أعزاز والراعي قرب الحدود السورية التركية.
في هذا الوقت، تستمر المواجهات المتقطعة بين تنظيم داعش و«قوات سوريا الديمقراطية»، على أطراف مدينة منبج من الجهتين الشرقية والشمالية الشرقية، بعد سيطرة القوات على ثلاث قرى جديدة شرق وشمال غربي المدينة. وإذ نفى المتحدث باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش ما تردد عن اقتحام مقاتلي المجلس مدينة منبج يوم أمس، أكّد لـ«الشرق الأوسط» أن «المقاتلين ما زالوا عند مشارف المدينة ويواصلون معاركهم في الريف المنبجي». وقال: «خططنا تسير كما نريد تماما، ولن نتسرع باقتحام المدينة قبل جلاء مصير المدنيين المحاصرين فيها».
وشدّد درويش على أن موضوع منبج «محسوم عسكريا وقد بتنا قاب قوسين أو أدنى من السيطرة عليها، لكننا نتروى للحفاظ على سلامة المدنيين بعد أن طرد (داعش) قسما كبيرا منهم وفرض عليهم النزوح من منازلهم وخاصة تلك الواقعة في الأحياء الشرقية وهو يقوم حاليا بتفخيخها».
وكشف الناشط الإعلامي المعارض أحمد المحمد، أحد أبناء منبج ويسكن خارجها، نقلاً عن مصادر محلية موالية للتنظيم، أن التنظيم نشر تعزيزات ضخمة تضم آليات ثقيلة ومعدات عسكرية على جبهات منبج من الجهات الثلاثة، بعد استقدامها صباح الأربعاء من مدينتي مسكنة والباب الخاضعتين لسيطرته بريف حلب الشرقي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.