كان واين روني في العاشرة من العمر عندما استضافت إنجلترا بطولة يورو 96 وحصلت كل الأشياء المجنونة، بما في ذلك فوز إنجلترا بركلات الجزاء (على إسبانيا في دور الثمانية). وأصبحت صورة مدافع إنجلترا ستيورات بيرس وهو في حالة من الهياج عقب نجاحه في إحراز ركلة جزاء ضد إسبانيا في دور الثمانية محفورة في الوعي الوطني، إلى جانب لحظات مثل هدف بول غاسكوين في مرحلة المجموعات ضد اسكتلندا، الذي أعقبه احتفال آخر كان ما زال عالقًا بالذاكرة.
يقول روني: «كانت تلك لحظة أيقونية للكرة الإنجليزية، وخصوصًا لغاسكوين. أتذكر أنني كنت خارج أنفيلد مرتين (ملعب ليفربول.. حيث أقيمت 4 من مباريات البطولة) وأتذكر الأجواء، رغم أنني أعتقد أنني كنت لا أزال صغيرًا على أن أفهم ما كان يحدث. كانت أجواء جيدة». ما كان يحدث هو تعبير ثقافي هائل - كان كثيرون يطلقون عليه تحولاً - كما كان الأبطال يصنعون، فقد أضيف هذا إلى صيف من الإثارة وإمكانية تحقيق الأشياء.
وهناك دلالة كاملة كون «بي بي سي» اختارت، في العد التنازلي لبطولة فرنسا، أن تصنع فيلمًا وثائقيًا عن الأداء الرائع لإنجلترا في يورو 96، الذي أذيع مساء الأربعاء الماضي، وتضمن حديث آلان شيرار إلى مدرب إنجلترا آنذاك، تيري فينابلز، وعدد من زملائه القدامى في الفريق فيما بدا مزيجًا بين الحنين إلى الماضي والاحتفاء المشترك.
جدير بالذكر أن إنجلترا لم تفز في واقع الأمر بالبطولة على مدار تلك السنوات، فقد خسروا أمام ألمانيا في نصف النهائي، بركلات الجزاء طبعًا. هل كان بمقدور أي شخص أن يتخيل المشهد لو أنهم نجحوا في رفع الكأس؟ يبدو الأمر كما لو أنهم فازو بيورو 96، بالنظر إلى طريقة تذكرهم وحديثهم عنها. إذن، تخيل لو أننا مضينا خطوة أفضل وفزنا بها. يقول روني: «كنت بالفعل أفكر في هذا. كنت أتحدث عن البرنامج مع ميشال فارر، الذي عمل في اتحاد الكرة لسنوات، وقد ذكرت هذا بالفعل. يبدو الأمر كما لو أنهم فازوا بالبطولة، من طريقة تذكرهم لها. إذن، تخيل لو أننا قطعنا خطوة أفضل وفزنا بها. سيتذكرنا الناس. إنه تحدٍ بالنسبة لنا، بالطبع وأتمنى أن نتمكن من عمل هذا». وهذا أمر يتوق إليه روني بشدة. كان تأهل إنجلترا للنهائيات مثاليًا، وأخيرًا جدًا، فاز الفريق بكل مبارياته التجريبية الثلاثة استعدادًا للبطولة (ضد تركيا وأستراليا والبرتغال). لكن كما يعرف روني أفضل من أي أحد آخر، فإن أجواء البطولة أمر يختلف تمامًا عن المباريات الودية، وستكون الضغوط هائلة في مرسيليا يوم السبت، عندما تبدأ إنجلترا مشوارها في دور المجموعات ضد روسيا.
يمكن لروني، وهو في الـ30 من العمر الآن، والقائد المحنك لفريق روي هودغسون الشاب، بما يحمل من خبرة 111 مباراة دولية، أن يبحث في 5 تجارب سابقة مع البطولات الأوروبية. كانت الموضوعات بالنسبة إلى قائد المنتخب تدور حول إصابات في مشط القدم، وخيبة أمل بعد خسارة بركلات الجزاء، وعدم انضباط، لكن يمكن لكل هذا أن يندرج في إطار الندم، حتى نهائيات يورو 2004، التي كانت بمثابة الانطلاقة له، عندما سجل وهو لا يزال في عامه الـ18، 4 أهداف وكان يلعب بثقة طاغية. يقول روني: «كانت بطولة إيجابية بوضوح بالنسبة لي، على الصعيد الشخصي، لكنها انتهت بكارثة». في دور الثمانية ضد البرتغال، ومع تقدم إنجلترا (1 - 0)، تعرض لإصابة في مشط قدمه، وغادر الملعب في تغيير اضطراري بعد 27 دقيقة. خسرت إنجلترا بركلات الترجيح بعد أن انتهى الوقت الأصلي بالتعادل (2 - 2).
تعرض روني لإصابة أخرى في مشط القدم قبل كأس العالم 2006، أثرت على فاعليته، وتعرض للطرد في مباراة دور الثمانية، وهي مباراة أخرى انتهت بالخسارة بركلات الجزاء الترجيحية ضد البرتغال، في حين أنه كان موقوفًا في أول مباراتين في يورو بسبب طرده في التصفيات أمام الجبل الأسود 2012. وكلما قل الحديث عن كأسي العالم 2012 و2014 كان أفضل. إذن، هل كانت البطولة دائمًا مصدرًا لخيبة الأمل؟ يقول روني: «بالطبع، إذا لم تفز بها».
يشير روني إلى كيف أنه بحلول الشهر المقبل سيكون قد مر 50 عامًا على فوز إنجلترا بكأس العالم - وهو لقبهم الكبير الوحيد - وهو ليس بحاجة على الإطلاق، ليضيف: «بالطبع، بالنسبة إلى الكرة القدم، هذا وقت طويل». لكن حياة احترافية تحت أشد الأضواء والضغوط أكسبت روني صلابة وهو لا يقبل بحديث التعاطف. وهو يعطي الانطباع بأن الأول هو الملك، والثاني لا وجود له. ويقول: «هل من المزعج أن إنجلترا لم تظهر إلى أي مدى نحن جيدون؟ أعتقد أننا لم نكن جيدين، مرورًا بالمنتخبات التي كنا نمتلكها، وهذه هي كرة القدم، أعتقد ذلك. نحن نعرف أننا نملك الآن منتخبًا جيدًا، لكن علينا أن نؤدي بالشكل المناسب. لا يمكن أن نتوقع أن نذهب إلى فرنسا بمنتخب يضم لاعبين جيدين ثم ننتظر أن تكون كل الظروف مهيأة، وأن يتم تسليمنا الكأس. نحن نعرف أن الفرق سوف تحاول إيقافنا وسيكون الأمر صعبًا».
جعلت البرتغال الأمر صعبًا على إنجلترا في ويمبلي مساء الخميس الماضي، حتى رغم أنها لعبت بـ10 لاعبين، بعد طرد برونو ألفيس في الدقيقة 35. كانت طريقة لعب «الماسة» في وسط الملعب، مع وجود روني على الحافة في معظم فترات المباراة، عقيمة وتقييدية، في حين أنها أحدثت شرخًا بين المهاجمين، هاري كين وجيمي فاردي، اللذين كانا يكافحان من أجل الحصول على الكرات والاختراق. كان إيقاع الفريق غير متنوع، ورغم هدف الفوز الذي سجله كريس سمولينغ قبل نهاية المباراة، فإن هذه المواجهة كانت بمثابة كشف حساب واقعي، وهو أمر قد لا يكون سيئًا.
يشعر روني بالتفاؤل وهو يعتقد أن عددًا من لاعبي المنتخب الذين يشاركون في البطولة لأول مرة قادرون على استغلال اللحظة، كما فعل في 2004. ويقول: «أثق بأن عددًا من هؤلاء اللاعبين سيكون له نوع من التأثير على هذه البطولة، وأتمنى أن يكون هناك عددهم أكثر من مجرد لاعب أو اثنين». يضم منتخب إنجلترا 11 لاعبًا يشاركون في اليورو لأول مرة في تاريخهم، كان 6 منهم ضمن التشكيل الأساسي الذي خاض مباراة البرتغال، وهم كين وفاردي وكايل ووكر وداني روز وإريك داير وديلي إلي.
يمكن أن يكون الشباب المتحرر من الخوف سلاحًا. «يمكن أن يكون»، على حد قول روني، الذي يضيف: «كما يمكن أن يكون تأثيره عكسيًا. نحن لا نضع كثيرًا من الضغوط على اللاعبين، وبالتأكيد اللاعبون صغار السن. نعرف أن وجودهم قد يكون عاملاً إيجابيًا حقيقيًا، وقد يكون عاملاً عكسيًا، ويمكن للاعبين تشجيعهم، ومحاولة السماح لهم بالتعبير عن أنفسهم». وتابع: «لم يخض كثير من اللاعبين على الإطلاق تجربة التجمع معًا في فريق واحد خارج البلاد لأسبوع أو أسبوعين، ومن الواضح، عندما نذهب إلى هناك، أننا سنقضي 5 أسابيع بالخارج. يتعلق الأمر بكيفية إدارة وقتك بشكل حقيقي وأن تحافظ على نفسك بحيث تكون مستعدًا دائمًا للتدريب، لأن هناك كثيرًا من أماكن الجلوس حول الفندق».
ويمضي بالقول: «كل ما هنالك هو أن يحاول كل واحد أن يبقي زميله نشطًا. يحتاج بعضنا بعضًا إلى القيام بهذا ثم، في المباريات، نحاول أن نخرج أفضل ما فينا. عندما يتاح لنا الوقت، يمكننا كذلك أن نستخدم كل التكنولوجيا المتاحة هذه الأيام لضمان قدرتنا على القيام بهذا – تحليل الفرق وتحليل أنفسنا». كانت من المظاهر اللافتة في مباراة البرتغال، إلى جانب طرد ألفيس، كيف رد كين على تعرضه لركلة في الرأس من قبل أحد المدافعين. قفز مباشرة تمامًا محاولاً الانطلاق بالكرة التي كانت في المتناول، وربما كان بإمكانه أن يصب لعناته على الحكم ماركو غيدا، الذي لم يسمح بإتاحة الفرصة. ولو أن كين دهس بحذائه قدم المدافع وكان الضحية، وليكن، بيبي، مدافع ريال مدريد الذي غاب عن هذا اللقاء بسبب الإجهاد بعد مشاركته في نهائي دوري الأبطال، لكان من الممكن أن يتمرغ هذا المدافع على أرضية الميدان. تطرق روني للحديث عن «الفنون السوداء» في عالم الكرة، لكنه ألمح إلى أنها ليست جديرة بالاهتمام.
وقال: «أنا لا أقول أي شيء سيئ عن اللاعبين الأجانب، لكنهم يقومون بهذا بشكل أفضل بالفطرة، فيما يتعلق بالبقاء على الأرض لوقت أطول وتقريبًا دفع الحكم إلى اتخاذ قرارات لصالحهم. نحن لم نترب على عمل هذا. وإذا كنا سنعتمد على هذا لنفوز أو نتقدم لخطوات أبعد في البطولة، فأعتقد أننا سنعاني. والهامش الذي يمكنك الاستفادة منه هنا هو هامش صغير، لكن الأشياء الأخرى التي نفعلها ونخطط لها أهم من هذا بكثير». يهيمن على روني إحساس مألوف بشأن التوقعات. يقول: «المباراة الأولى قوية وهي مهمة لأن نحصل على بداية مظفرة ضد روسيا. الجميع يقولون إن عليك ألا تخسر المباراة الأولى، لكن لو حققت الفوز فإن الفارق سيكون هائلاً. يملك هذا الفريق إمكانية أن يكون أفضل مجموعة لعبت معها في صفوف المنتخب، وأعتقد أن المستقبل مشرق جدًا للمنتخب الإنجليزي. يمكن أن تكون على موعد مع بداية مشهودة هذا الصيف».
روني: إنجلترا على موعد مع التاريخ في فرنسا
قائد المنتخب الإنجليزي يؤكد أن الفريق الحالي هو الأفضل منذ عقود
روني: إنجلترا على موعد مع التاريخ في فرنسا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة