يريد أليخاندرو أرافينا، المهندس المعماري التشيلي الحاصل على جوائز معمارية دولية بارزة، أن تكف حكومات المدن في شتى أنحاء العالم عن محاربة الهجرة إلى المدن، وأن ينظروا للأحياء العشوائية المترامية الأطراف في أميركا اللاتينية كمصدر إلهام لبناء مساكن جديدة.
ويقول أرافينا، الحاصل على جائرة بريتزكر لعام 2016، التي تعد مثل جائزة نوبل في الهندسة المعمارية، إن «الأحياء الفقيرة في مدن مثل ريو دي جانيرو في البرازيل، تؤكد قدرة البشر على التكيف والقدرة الفطرية لبناء منازل». وأضاف أنه إذا كانت المدن تريد النجاح في استيعاب الوافدين الجدد المتوقع أن يبلغ عددهم 1.5 مليار نسمة، حسب توقعات الأمم المتحدة خلال الخمسة عشر عامًا المقبلة، فعليها تعلم الدروس من مساكن الأحياء العشوائية في المدن.
وقال أرافينا في مقابلة مع مؤسسة تومسون رويترز: «هذه ليست نوعًا من النظرة الرومانسية للأحياء الفقيرة بوصفها نوعًا من حالة العيش الجيدة ما قبل المدنية.. ليس على الإطلاق. أعني أن الأحياء العشوائية كارثة، ولكن هناك قوى بها يجب أن نكون قادرين على نقلها من خلال التصميمات».
ويشتهر أرافينا، ذو الـ48 عامًا، بتصميمه المساكن الاجتماعية ذات الارتفاع المنخفض للأسر التي تعيش في أحياء فقيرة.
وعلى الرغم من الحملات وعمليات الإجلاء وبرامج النقل لمساكن جديدة، يعيش ما يقدر بنحو 113 مليون شخص في شتى أنحاء أميركا اللاتينية، أو نحو واحد من كل خمسة في المنطقة، في أحياء عشوائية.
وتقول الأمم المتحدة إن هناك حاجة لنحو 40 مليون منزل لمعالجة نقص المساكن الذي تعانيه المنطقة.
وسد سكان الأحياء العشوائية النقص في المساكن التي توفرها الدولة من خلال بناء منازلهم الخاصة وتوصيلها بشبكات الكهرباء والماء الموجودة.
وتشجع هذه المدن الصغيرة المبتكرة على قيام مشروعات تجارية صغيرة، مثل المتاجر والمقاهي والحانات، كما أن بعضها حتى به تجار عقارات «السوق الرمادية»، يشترون ويبيعون المنازل غير الرسمية.
وأشادت لجنة تحكيم جائزة بريتزكر بشركة أرافينا للهندسة المعمارية «أليمنتال» لعملها التشاوري الممتد لعشرات السنين مع ساكني الأحياء العشوائية.
وقال أرافينا إن استطلاعات الرأي التي أجرتها شركته أظهرت أن الأسر تثمن الأرض والموقع على حجم أو هيكل المسكن نفسه. فالمكان الجيد القريب من مكان العمل والفرص في وسط المدن يعني الكثير بالنسبة للسكان. وتابع: «بدلاً من دفع مال لمتر مربع زيادة في مساحة بناء سكني، وجدنا أن دفع مال لمتر مربع من أرض ذات موقع جيد يحتل مكانًا أعلى بكثير في قائمة الأولويات».
وقال أرافينا إنه «بناء على توقعات الأمم المتحدة لسكان المدن في العالم، سيتعين على المهندسين المعماريين المساعدة في بناء ما يعادل مدينة يقطنها مليون نسمة أسبوعيًا خلال الخمسة عشر عامًا المقبلة، بميزانية تبلغ عشرة آلاف دولار لكل أسرة».. ولكنه متفائل، معتقدًا أن تطوير المدن في حد ذاته أمر جيد.
وأشار إلى أن أبحاث منظمة الصحة العالمية تظهر أنه يمكن توفير الرعاية الصحية بشكل أكثر فعالية في المدن الكثيفة. وتظهر نتائج مماثلة أنه يمكن أيضًا تحسين التعليم ووسائل النقل.
ولكن سياسات دفع الناس للسكن في مبانٍ شاهقة على أطراف المدن الكبرى أحبط الفقراء وجعل السكان ينفصلون عن فرص العمل وحياة المدينة.
وكانت المباني نصف الخالية المرتفعة عند أطراف ريو دي جانيرو دليلاً على أن السكان غالبًا ما يفضلون العودة إلى الأحياء الفقيرة، عن القيام برحلات يومية تصل إلى ساعتين للوصول إلى أماكن أعمالهم.
وأدى أول مشروع رئيسي لشركة «أليمنتال» لتطوير الأحياء العشوائية في مدينة أكيكي الساحلية في شمال تشيلي إلى جعل أرافينا يكتسب اهتمامًا عالميًا في عام 2003. وتضمن تصميمه بناء الهيكل الخرساني لمنزل من الطبقة المتوسطة، ولكنه لا يملأ سوى نصف الغرف فقط، تاركًا النصف الآخر من المنزل خاليًا.
ولكن هذا التصميم غير العادي جاء من نقطة بداية بسيطة، وهي أن الدعم الحكومي يغطي بناء منزل تتراوح مساحته بين 30 و40 مترًا، في حين أظهرت أبحاث شركته أن عائلات الأحياء الفقيرة يحتاجون مساحة تتراوح بين 70 و80 مترًا.
وأضاف أن الأسر في أكيكي يمكن أن تشتري منزلاً بمبلغ 700 دولار، وتقوم بنفسها ببناء النصف المتبقي مقابل بضعة آلاف من الدولارات. ويُمكن بيع المنزل الكامل فيما بعد بأكثر من 100 ألف دولار.
ويمكن أن يصبح هذا المنزل «وسيلة للتغلب على الفقر»، وهو مبنى يمكن أن يُستخدم ضمانًا للحصول على قرض من البنك أو تمويل إقامة مشروع تجاري.
وبعد أكيكي، قامت شركة أليمنتال ببناء أكثر من 2500 منزل منخفض التكاليف، بالإضافة إلى مبانٍ أكاديمية وتجارية أكبر.
معماري لاتيني مشهور: العشوائيات كارثة.. ولكنها مصدر إلهام
أكد أنه يتعين بناء مدينة تتسع لمليون نسمة أسبوعيًا
معماري لاتيني مشهور: العشوائيات كارثة.. ولكنها مصدر إلهام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة