«معركة الفلوجة» تعيد ترميم البيت الشيعي وتناقض مواقف داخل الكتل السنية

الكربولي: قتل 4 واثنان حالتهما خطيرة من أهالي الأنبار بسبب التعذيب

«معركة الفلوجة» تعيد ترميم البيت الشيعي وتناقض مواقف داخل الكتل السنية
TT

«معركة الفلوجة» تعيد ترميم البيت الشيعي وتناقض مواقف داخل الكتل السنية

«معركة الفلوجة» تعيد ترميم البيت الشيعي وتناقض مواقف داخل الكتل السنية

بعد محاولات نسبت فيما بعد إلى «مندسين»؛ بهدف جر الكتل والفصائل والأحزاب الشيعية التي عرفت منذ 2003 وحتى اليوم بـ«البيت الشيعي»، جاءت «معركة الفلوجة» لتعيد رسم المشهد من جديد. المشهد يجمع بين أطراف التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر داخل البرلمان)، بينما كانت كل من الكتلتين السنية (تحالف القوى) والكردية (التحالف الكردستاني) تجلسان على مصاطب الاحتياط في انتظار فرصة المشاركة في اللعب، حتى لو كان في الوقت بدل الضائع من مسار العملية السياسية.
ولا تزال الكتلة الكردية غير معنية بشكل مباشر بمسار «معركة الفلوجة»، لكنها تنتظر انطلاق معركة الموصل، التي كانت كل الخطط جارية لبدئها قبل الفلوجة. فيما الكتل السنية وجدت نفسها في حالة من التناقض بين دعم معركة تحرير مدينة سنية بالكامل، مثل الفلوجة من قبل تنظيم داعش من جهة، وبين أولويات القتال وصيغ المشاركة في ظل قرار لم تكن لهم يد في صنعه، من جهة أخرى. وهو ما يناقض موقف قيادات التحالف الوطني التي بدأت ترمم خلافاتها السابقة على وقع معارك الفلوجة، باستثناء استمرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في حث أنصاره على الاستمرار في التظاهر دعما لخطته في الإصلاح. غير أن المفاجأة التي لم يكن يتوقعها الصدر نفسه هي تراجع عدد المناصرين له في التظاهرتين الأخيرتين اللتين حصلتا خلال معارك الفلوجة، وهو ما عبر عنه في بيان رسمي.
لكن هناك تناقضا في المواقف داخل الكتل السنية حيال قضية الفلوجة، بحسب ما أكده سياسي مستقل لـ«الشرق الأوسط»، طلب عدم الإفصاح عن اسمه. ويقول السياسي: «هناك أكثر من موقف داخل الجبهة السنية، أحدها يمثله الأخوان النجيفيان أسامة وأثيل اللذان كانا يعدان العدة لبدء معركة الموصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية قبل معركة الفلوجة. وهي التي بدأ فيها التنسيق بين فصائل الحشد والإيرانيين، ما يعني انتصار الإرادة الإيرانية ـ الحشدية على الإرادة الأميركية ـ النجيفية» مشيرا إلى أن «ما يترتب على ذلك مسألة في غاية الأهمية، وهي أنه بعد مشاركة ميليشيا الحشد في معارك الفلوجة إنما تعني أنه سيشارك حتما في معارك الموصل. ولعل مسلسل المواجهات بين بعض فصائل الحشد والبيشمركة الكردية في طوزخورماتو تكاد تكون مستمرة».
وكان النجيفي بحث مع ستيوارت جونز سفير الولايات المتحدة الأميركية في العراق بمشاركة عدد من نواب ومسؤولية كتلة تحالف القوى العراقية معركة الفلوجة. وقال بيان لمكتب النجيفي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «الاجتماع تضمن مناقشة تفصيلية لمعركة تحرير الفلوجة، وما رافقها من خروقات وانتهاكات تؤثر في الهدف الوطني الكبير في التحرير والخلاص من تنظيم داعش الإرهابي».
لكن، وبحسب البيان، لم يحقق المسار السياسي النجاح المنشود، فحدوث الانتهاكات رافق صفحاتها، وهي انتهاكات خطيرة تمثلت في القتل والخطف والتغييب وتوجيه الإهانات غير المقبولة لمواطنين ظلموا مرتين، مرة بسبب فشل الحكومة السابقة في الدفاع عن الفلوجة، وأخرى بسبب الاتهام الظالم بأن كل من بقي في مدينته وداره معرض للاتهام بكونه من «داعش». ودعا النجيفي إلى «معالجات فورية على الصعيد الأمني أو الإنساني، والأمني. فأهل المنطقة مصرّون على إبعاد قوات ميليشيا الحشد الشعبي عن مناطقهم بسبب الخروقات والانتهاكات الحاصلة بحق المدنيين. وطبقا للبيان، فإن السفير الأميركي «عبر عن قلق بلاده من موضوع الانتهاكات، ورفض أي تجاوز على المدنيين، ولا بد من معالجة الخروقات، ووعد ببذل الجهود مع المعنيين بالأمر».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحديث عن الخروقات والانتهاكات يحيد بمعركة الفلوجة عن هدفها الحقيقي، وهو تحريرها من قبضة (داعش)، مع عدم تجاهل ما يحصل من انتهاكات». وأضاف، أن «هناك فرقا بين الإشارة إلى الخروقات بصفتها هدفا بحد ذاته أو التنبيه لها لتجاوزها وحث المسؤولين على محاسبة من يقوم بذلك طالما أن هناك تأكيدات أن هذه الخروقات ليست ممنهجة وإنما هي فردية». وكشف الكربولي عن قيام الأجهزة الأمنية بتسليم مجلس محافظة الأنبار 609 مواطنين من أهاليها كانوا محتجزين لغرض التحقيق معهم، لكن 4 منهم قتلوا جراء التعذيب، واثنين في حالة خطيرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».