دعا عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، إلى تقليص دور الدولة في الاقتصاد وإفساح المجال أمام مبادرة القطاع الخاص والمجتمع، مشيرا إلى أن كثيرا من الأدوار التي كانت تقوم بها الدولة أصبح بالإمكان اليوم أن يتولاها المجتمع.
وانتقد ابن كيران ما وصفه بـ«اعتبار الإدارة مصدرا للعيش»، مشيرا إلى أن دور الإدارة التنظيم وليس الإنتاج. وقال رئيس الحكومة المغربية، الذي كان يتحدث خلال ملتقى نظمته وزارة المالية وجمعية أعضاء المفتشية العامة للمالية بمنتجع الصخيرات حول «النموذج التنموي المغربي للدخول النهائي ضمن الدول الصاعدة»، إن على الشباب المغربي التوجه نحو المقاولة بدل البحث عن وظيفة حكومية، مشيرا إلى أن على الشباب إدراك «أن تشغيل آلة قد يوفر لهم خلال سنة دخلا يعادل ما توفره الوظيفة خلال عمر». وأوضح أنه طلب من الوزراء المشاركين في حكومته منح الدعم بسخاء لكل الشباب الراغبين في إطلاق مشاريع، وطالبهم بإعطاء الأرض من دون مقابل للراغبين في إقامة مصانع.
وانتقد ابن كيران استمرار تركيز جهود الحكومة على الشرائح الاجتماعية نفسها، مشيرا إلى استمرار احتفاظها بالمدارس والثانويات والكليات نفسها التي أنشأتها خلال فترة معينة في بعض المناطق، رغم أن سكان هذه المناطق أصبحوا أثرياء ولم يعودوا في حاجة إليها، في الوقت الذي تحتاج فيه البوادي إلى مدارس ويعاني التلاميذ فيها من الدراسة في ظروف صعبة. وقال: «هذا دليل على أننا نجر أثقالا».
وقال ابن كيران إن على ميزانية الحكومة أن تتحرر من أثقال الماضي لتتمكن من القيام بشيء جديد. وقال إن كل حكومة ستجد نفسها أمام ميزانية جامدة، يذهب جلها لأداء أجور الموظفين، والباقي لنفقات المديونية، ولا يتبقى إلا القليل للاستثمار. ويضيف ابن كيران: «الحكومة لديها أفكار، لكن الميزانية المتوفرة موزعة سلفا. لذلك لا يمكن أن تجد تلك الأفكار طريقها للإنجاز».
وأشار ابن كيران إلى أن إشكالية الميزانية تصدرت أولوياته عندما تولى رئاسة الحكومة المغربية. وقال: «وجدنا أمامنا ميزانية متعبة، على حافة الإفلاس، الشيء الذي دفعنا إلى طلب فتح خط ائتمان احتياطي لدى صندوق النقد الدولي». وعبر عن اعتزازه بتمكنه من استعادة التوازنات الاقتصادية الأساسية، وأن حكومته لم تضطر إلى استعمال خط الائتمان الاحتياطي ولا اللجوء إلى المؤسسات المالية الدولية والخضوع لشروطها. وأشار إلى أنه بفضل استرجاع التوازنات أصبح بإمكان الحكومة تقديم برنامج التصنيع للملك باستثمارات تصل إلى 20 مليار درهم (مليارا دولار)، وبرنامج دعم العالم القروي بقيمة 55 مليار درهم (5.5 مليار دولار).
من جانبها، أبرزت مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن حصول المغرب على لقب البلد الصاعد يتطلب تحقيق خمسة شروط وهي: بلوغ مستوى متقدم في مجال التنمية البشرية، والتوفر على سوق داخلية في توسع، والانفتاح على التجارة الخارجية، وبلوغ مستوى عال من التصنيع وتصدير منتجات الصادرات، وتحقيق معدل نمو قوي. وأضافت بنصالح أن تنقيط المغرب على أساس هذه المعايير لا يتجاوز اثنين على خمسة. وقالت: «لدينا اقتصاد منفتح، ربما أكثر من اللازمة، ثم لدينا سوق داخلية تدعم النمو. لكن بالنسبة للعناصر الأخرى ما زلنا بعيدين عن الهدف».
وأشارت بنصالح إلى أن معدل نمو الاقتصاد المغربي نزل من 4.6 في المائة في المتوسط ما بين 2007 و2011، إلى نحو 3.3 في المائة ما بين 2012 و2016. وأضافت: «ما يقلق أكثر في هذا الانخفاض هو كونه ناتجا عن قطاعات النشاط غير الزراعية».
وأوضحت بنصالح أن النجاحات التي حققها المغرب في بعض القطاعات الصناعية مثل السيارات والطائرات والإلكترونيات والبتروكيماويات، تشكل جزرا معزولة، مشيرة إلى أن الصناعة لا تمثل سوى حصة 16 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي للبلاد. أما في مجال التنمية البشرية فأشارت بنصالح إلى أن ترتيب المغرب لا يتجاوز 126 بين 188 بلدا. وقالت: «رغم أن التوازنات الاقتصادية الأساسية للمغرب سليمة، ورغم أن البنية الإنتاجية والنظام المالي والبنيات التحتية للبلاد عصرية، فإننا مما زلنا بلدا في طور النمو».
من جانبه، أوضح محمد بوسعيد، وزير المالية والاقتصاد، أن فتح نقاش حول النموذج التنموي المغربي جاء نتيجة الأسئلة الكبرى التي طرحها العاهل المغربي الملك محمد السادس حول حصيلة وآفاق السياسات التنموية في خطاباته الأخيرة. ودعا بوسعيد إلى فتح نقاش وطني موضوعي دون مبالغة أو تبخيس حول ما أنجزه المغرب وما يتطلع إليه.
وقال بوسعيد إن النموذج التنموي المغربي يرتكز على كثير من المبادرات التي أطلقها الملك محمد السادس، وعلى رأسها ترسيخ المسار الديمقراطي للبلاد من خلال إصلاحات عميقة توجها دستور 2011، وإعطاء المكانة اللائقة في المجتمع للمرأة والاهتمام بالشباب والمجتمع المدني، وإطلاق الاستراتيجيات التنموية القطاعية وسياسة الأوراش الكبرى والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووضع منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، وتنويع الشراكات الدولية للمغرب، إضافة إلى إطلاق الجهوية المتقدمة.
وأشار بوسعيد إلى أن هذه السياسات والمبادرات أعطت نتائج مهمة، التي تختزلها مضاعفة الناتج الداخلي الإجمالي للبلاد، الذي ارتفع من 445 مليار درهم (44 مليار دولار) في 2003 إلى 995 مليار درهم (100 مليار دولار) في 2015.
ابن كيران يدعو لنقل ثقل الاستثمارات الحكومية إلى البوادي
رئيس الحكومة المغربية قال إن الميزانية يجب أن تتحرر لتتمكن من القيام بشيء جديد
ابن كيران يدعو لنقل ثقل الاستثمارات الحكومية إلى البوادي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة