في إحدى القاعات الجانبية في الطابق الأرضي من فندق «كيمبنسكي» الذي يبعد أمتارا بسيطة فقط عن المبنى الرئيسي لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، كان محمد سنوسي باركيندو جالسًا في بدلته الرمادية ذات التصميم الأفريقي، وحوله الصحافيون يتحدثون معه عن كل شيء من لغة الهوسا والفلاتة التي يجيدها، إلى جغرافية نيجيريا والطرائق الصوفية في الإسلام.
كان باركيندو يتحدث معهم في جو حميمي مليء بالود، فالنيجيري الذي تم اختياره الخميس الماضي ليكون أمينًا عاما للمنظمة بديلاً لليبي عبد الله البدري، ليس جديدًا على الصحافيين الذين عرفوه عندما كان محافظًا لنيجيريا في «أوبك»، وعندما كان أمينا عامًا مكلفًا لها في عام 2006، بل ويعرفونه عندما كان مديرًا عامًا لشركة النفط الوطنية النيجيرية بين عامي 2009 و2010.
وسيبدأ باركيندو عمله مطلع شهر أغسطس (آب)، ولديه كثير من الحماس لإحداث فرق في المنظمة، كما يقول هو للصحافيين. ويعتقد باركيندو أن اختياره أمينا عاما لـ«أوبك» دليل ليس للسوق وحسب بل للمجتمع الدولي بأكمله بأن المنظمة قد عادت وستكون أقوى.
وبالنسبة لباركيندو فإن «أوبك» منظمة فريدة من نوعها لا تشبهها منظمة أخرى في العالم. وعلى الرغم من الهجوم الشديد عليها من قبل الغرب والمستهلكين فإن وجودها ضروري، حيث إنه لا يمكن لأي جهة في السوق العالمية أن تخفف من أي صدمة في الأسعار أو تعوض أي نقص في الإمدادات غير «أوبك».
ويقول باركيندو ممازحًا الصحافيين: «الكل يتحدث عن (أوبك) بسلبية، لكن لو لم تكن (أوبك) موجودة لأوجدها المستهلكون. لو لم تكن موجودة اليوم لكان أوباما أوجدها». ولم يكن اختيار باركيندو أبدا مهمة سهلة. فمنذ عام 2012 و«أوبك» تتطلع إلى أمين عام جديد بديلاً للبدري الذي انتهت فترته الرسمية في ذلك العام، ولكن الخلاف السياسي حول المرشحين أجل القرار لثلاث سنوات استمر فيها البدري في منصبه بعد التمديد المؤقت له.
ويحمل باركيندو الذي حضر أول اجتماع لـ«أوبك» في عام 1986، كثيرا من المشاعر الطيبة تجاه وزراء «أوبك» السعوديين والمسؤولين في قطاع النفط السعودي، إذ إنه عاصر أربعة وزراء نفط سعوديين بداية من يماني وانتهاء بالفالح.
ويقول باركيندو عن الوزراء الأربعة بعد سؤال «الشرق الأوسط» له عن رأيه فيهم: «بكل أمانة، السعودية تضع أفضل العقول لديها في هذا المنصب، ولم أر أحدا من وزراء النفط السعوديين لا يبهر أو يثير دهشة من يتكلم معهم». ووصف باركيندو، الفالح بالشخص الذكي الذي يمتلك عمقا في التفكير والنظرة تجاه السوق والمنظمة، وهو متحمس للعمل معه. أما الراحل هشام ناظر فقد قال عنه باركيندو إنه شخص ألمعي ومنظم جدًا ومن أكثر الأشخاص الاحترافيين في التعامل. «لقد كانت لديه شخصية مختلفة عن الشيخ يماني، لكنه كان ذكيًا، وفي خلال ستة أشهر كان قد أصبح متمكنًا من كل أمور (أوبك) والسوق».
وعندما جاء الحديث عن النعيمي، قال باركيندو إن هذا الرجل من أكثر الأشخاص الذين قابلهم ذكاءً، وسرد بعدها قصة مهمة حدثت له تبين إلى أي درجة كان النعيمي مهمًا. ويقول: «كنا في لقاء مع الراحل الملك عبد الله وكان يتحدث عن النعيمي، وفجأة قال لنا أنا فخور جدًا بعلي النعيمي. هذا الرجل حطم كل النظريات التي تقول (إن لا أحد يستطيع الوصول إلى القمة سوى أبناء الملوك والأمراء والطبقات النافذة)». ثم نادى الملك عبد الله النعيمي وطلب منه أن يروي للحضور قصته منذ أن كان طفلاً ويعمل ساعيًا في «أرامكو» حتى وصل إلى رئاسة الشركة. «وبعد أن انتهى النعيمي من سرد القصة قال الملك عبد الله لنا ألم أقل لكم إن هذا الرجل يستحق أن نفتخر به».
لكن باركيندو لديه مكان خاص في قلبه للشيخ أحمد زكي يماني، إذ يصفه «بأنه مؤسسة كاملة بحد ذاته». ويمتلك يماني كثيرا من الصفات كما يقول باركيندو أولها هي «الكاريزما القوية والشخصية الجذابة. عندما يدخل إلى أي غرفة لا يمكن أن تتجاهل وجوده فيها، ولا يمكن أن تبعد نظرك عنه».
ويضيف: «في الثمانينات كانت (أوبك) عبارة عن الشيخ يماني، ليس لأن السعودية هي أكبر منتج وحسب، بل لأن الشيخ يماني كان هو (أوبك). كل القرارات تأتي منه. لقد كان دبلوماسيا ويحبه الجميع، ورغم كل هذه القوة التي يمتلكها فإنه كان أكثر الناس تواضعًا».
ويقول باركيندو إنه لا يرى نفسه أنه يمثل أفريقيا في هذا المنصب بل يمثل العالم كله.
الأمين العام باركيندو: لو لم تكن «أوبك» موجودة لأوجدها المستهلكون
قال إن يماني كان مؤسسة كاملة.. والملك عبد الله كان فخورًا بالنعيمي
الأمين العام باركيندو: لو لم تكن «أوبك» موجودة لأوجدها المستهلكون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة