«شانغ بالاس».. بضيافة نابليون بونابرت

مطعم صيني ينقلك بأطباقه من باريس إلى هونغ كونغ

«شانغ بالاس» مطعم يليق بالقصر الذي يضمه
«شانغ بالاس» مطعم يليق بالقصر الذي يضمه
TT

«شانغ بالاس».. بضيافة نابليون بونابرت

«شانغ بالاس» مطعم يليق بالقصر الذي يضمه
«شانغ بالاس» مطعم يليق بالقصر الذي يضمه

المعروف عن فرنسا أنها تعتز بمطبخها التقليدي، لدرجة أنه يصعب إقناع أهلها بتجربة مطابخ أخرى، ولهذا ترى أن غالبية المطاعم في العاصمة باريس هي فرنسية، إلا أنه في الآونة الأخيرة استطاعت بعض المطابخ بقيادة نخبة من الطهاة خرق الجدار الغذائي من خلال افتتاح مطاعم غير فرنسية في عقر دار الفرنسيين، لمع اسم بعضهم وأصبحوا اليوم يحتلون الصدارة في قائمة المطاعم الإثنية الجاذبة للفرنسيين، وأبرز مثال على ذلك مطعم «شانغ بالاس» Shang Palace التابع لفندق شانغري - لا في باريس الذي كان مبناه في الماضي أحد قصور نابليون بونابرت وتحول اليوم إلى فندق من فئة خمس نجوم، وبما أن المنافسة بين الفنادق قوية في باريس فكان لا بد أن يأتي شانغري - لا بشيء جديد يضعه على خارطة الطبقة الفرنسية الأرستقراطية وكانت النتيجة افتتاح مطعم «شانغ بالاس» الصيني - الكانتوني في سبتمبر (أيلول) عام 2011 الذي يقود مطبخه اليوم الشيف الشاب سامويل لي سام (33 سنة) الذي استطاع أن يسرق معدة الفرنسيين ويجعلهم مدمنين على أطباقه التي تمزج ما بين المطبخ الصيني والكانتوني، وهذه الخبرة اكتسبها من عمله في تيانجين وكونشان.
عندما تصل إلى «شانغ بالاس» تستقبلك أنغام القيثارة الصينية، سيدة بلباس تقليدي تجلس بأناقة وتنسج بأناملها نغمات هادئة تتناسب مع الديكورات الراقية التي تذكرك بأنك في قصر حقيقي، وفي ثوانٍ معدودة تشعر أنك تركت باريس وأصبحت في هونغ كونغ أو بيكين، الطاولات مزينة بأطباق من الفضة الخالص، والأواني جميلة ومنمقة، لائحة الطعام مغلفة بالجلد الطبيعي والأهم هو أن النادل يعطيك لمحة سريعة عن اللائحة ولكن يحذرك بأنها طويلة ومعقدة بعض الشيء لذا ينصحك بالاستعانة بالأطباق التي يرشحها الشيف، وبالفعل لم نطلب طبقًا إلا وكان لذيذًا، وطريقة تقديمه جميلة، فطلبنا سلطة السلمون مع الخضار Salmon Lo Hei فجاءت بطريقة فريدة وشرح النادل الطريقة لخلطها وقال لنا إن هذا الطبق خاص بليلة رأس السنة الصينية إلا أن المطعم يحتفل بهذه المناسبة المهمة في الرزنامة الصينية يوميًا لأنها - كما يظن الصينيون - تجلب الحظ، فهي ملونة ونكهتها رائعة.
ومن الأطباق المميزة التي ينصح بها الشيف أيضًا Beggar’s Chicken وهو عبارة عن دجاج يطهى في الطين، وهذه الطريقة هي شبيهة بطهي الأسماك في إيطاليا في الملح.
وإذا كنت تحب البط الصيني فأعتقد أن طبق Peking Duck الذي يقدمه «شانغ بالاس» من أفضل أنواع البط، فاللحم يذوب في الفم.
ولمحبي الأسماك يمكنهم طلب طبق Pot Braised Cod وهو عبارة عن سمك القد مع الثوم والزنجبيل ومذاقه أكثر من رائع، أما بالنسبة للـ«ديم سام» Dim Sum الذي يعتبر سيد المائدة الصينية، فلا يمكن القول إلا أن الأطباق التي تضمها التشكيلة متوازنة من حيث النكهة وتحتوي على الأرز المطهو في ورق اللوتس، والسكالوب والقريدس ولفافات الخضراوات المقلية، وننصح بتناول الـ«ديم سام» فترة الغداء لأن المطعم يتفنن في الأطباق التي تقدم فترة النهار، وعادة ما يكون هناك إقبال كبير على الديم سام في النهار.
الحلوى الصينية ليست شهيرة بالمقارنة مع الأطباق الرئيسية، إلا أن المطعم يتفنن بالحلوى بطريقة غير مسبوقة ويشدد على استخدام الفاكهة في غالبيتها، لأن الفكرة السائدة عن الحلوى الصينية أنها حلوة جدا ويستعمل السكر فيها بإفراط شديد، غير أن «شانغ بالاس» ابتكر أطباقًا لذيذة وصحية مثل طبق كريمة المانجو مع لؤلؤ «ساغو» ومن الأطباق التي ينصح بها الشيف لي «جوز الهند مع المانغو الطازجة».
يشار إلى أن شانغ بالاس يعتبر اليوم من أهم عناوين الآكل في باريس ورواده من أهل المدينة والسياح الذين يأتون خصيصًا لتذوق أطباقه.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».