حكومة اليمن تدعو الأمم المتحدة للتدخل بعد مقتل مدنيين في تعز

وزير الخارجية قال إن مصداقية المجتمع الدولي أمام محك حقيقي

عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الميليشيات للمناطق السكنية بوسط مدينة تعز («الشرق الأوسط»)
عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الميليشيات للمناطق السكنية بوسط مدينة تعز («الشرق الأوسط»)
TT

حكومة اليمن تدعو الأمم المتحدة للتدخل بعد مقتل مدنيين في تعز

عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الميليشيات للمناطق السكنية بوسط مدينة تعز («الشرق الأوسط»)
عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الميليشيات للمناطق السكنية بوسط مدينة تعز («الشرق الأوسط»)

دعت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة إلى التدخل بعد مقتل 11 مدنيا في قصف للمتمردين الحوثيين استهدف سوقا في تعز في جنوب غربي اليمن حيث تجددت المعارك السبت، وفق مصادر رسمية وعسكرية.
طالب عبد الملك المخلافي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني، رئيس الوفد الحكومي في المشاورات التي تجرى في الكويت في رسالة عاجلة بعثها إلى بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، باتخاذ موقف عاجل ورادع إزاء الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية أول من أمس في تعز وقتل فيها 11 شخصا وجرح 41. بينهم الكثير من النساء والأطفال.
وكانت قد استهدفت الميليشيات الانقلابية بعد صلاة الجمعة بمختلف أنواع الأسلحة الأحياء السكنية في تعز وبشكل عنيف، وسقط إثر ذلك قتلى وجرحى من النساء والأطفال المدنيين. وأطلق مستشفى الثورة والروضة في تعز نداء استغاثة لأهالي المحافظة للتبرع بالدم نتيجة توافد الجرحى جراء قذائف وصواريخ الميليشيات الانقلابية، في الأحياء السكنية خاصة في وادي المدام.
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري بمحافظة تعز العقيد الركن منصور الحساني في بلاغ صحافي له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بأن «تعز تتعرض لقصف همجي بربري من قبل عصابة القتل والإجرام بالأسلحة الثقيلة مستهدفة الأحياء السكنية والأسواق المزدحمة بالناس قبل رمضان، حيث سقط عدد من القذائف على كثير من أحياء مدينة تعز وقتلت وجرحت أعدادا كبيرة من المدنيين. كما قامت ميليشيات الحوثي والمخلوع بارتكاب مجزرة مروعة في سوق الباب الكبير، وسقط عدد من (الشهداء) والجرحى أغلبهم نساء وأطفال.
وحسب الإحصائيات الأولية قتل خمس نساء وطفل في هذه المجزرة، ويرجح أن ترتفع أعداد الضحايا كون هذه المنطقة تزدحم بالناس خصوصًا ونحن مقبلون على رمضان والناس متعودون على الخروج إلى هذه الأماكن للتسوق».
وأضاف: «إننا وأمام هذه الجرائم البشعة التي ترتكب في حق السكان واستهدافًا للأطفال والنساء والأسواق العامة في مدينة تعز ندعو السلطة الشرعية والفريق المفاوض في الكويت أن يتحملوا المسؤولية وأن يكون لهم موقف أمام هذه الجرائم التي ترتكبها هذه الميليشيات في حق أبناء تعز في الوقت الذي نتحدث فيها عن مفاوضات وعن تسوية سياسية وعن تهدئة ووقف لإطلاق النار». وحمل العقيد الحساني المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن كل هذه الجرائم ودعاه إلى التحرك الجاد لحماية المدنين.
ودعا المخلافي في رسالته بان كي مون إلى «تبني موقف يردع جرائم ميليشيات الحوثي في تعز» وفق وكالة أنباء سبأ الرسمية.
وأفادت مصادر طبية أن من بين القتلى امرأتين وفتاة إثر سقوط قذائف على سوق في وسط تعز ثالث مدن اليمن، مضيفة أن عددا كبيرا من الأطفال بين الجرحى بعضهم تعرض لبتر أحد أطرافه.
وشجبت حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي «المجزرة» ودعت الأمم المتحدة إلى «التحرك العاجل لإغاثة سكان المدينة من إبادة يرتكبها الانقلابيون».
كما طالب المخلافي في رسالته أمين عام الأمم المتحدة بموقف واضح وقوي على مستوى مجلس الأمن الدولي، مؤكدًا أن استهداف الميليشيات الانقلابية لجميع الأحياء السكنية والأسواق الشعبية والمستشفيات في مدينة تعز لا تزال مستمرة حتى اللحظة في أعمالها الإجرامية ضد المدنيين، مضيفا أن ذلك سيؤثر سلبا على مشاورات السلام. كما أبلغ نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية مساء الجمعة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد بأن ما تقوم به ميليشيات الحوثي وصالح منذ أول من أمس الخميس من قصف للمدنيين الأمنيين تعتبر جرائم حرب ممنهجة بهدف إفشال مشاورات السلام. وأكد المخلافي أن مصداقية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أمام محك حقيقي إزاء ما يتعرض له الأطفال والنساء والمستشفيات من حرب وحشية في تعز من قبل ميليشيات انقلابية.
كما أجرى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني اتصالات مع سفراء الدول الـخمس الدائمة العضوية وأبلغهم خطورة ما تقوم به الميليشيات الانقلابية من جرائم ضد الإنسانية في مدينة تعز، والتي لا يمكن السكوت عنها. وخلال الاتصالات دعا وزير الخارجية سفراء الدول الـخمس الدائمة العضوية إلى اتخاذ بلدانهم مواقف حازمة وسريعة ضد مرتكبي هذه الجرائم.
ورغم وقف إطلاق النار المعلن منذ 11 أبريل (نيسان) لم تتوقف المعارك في محافظة تعز حيث تدور معارك بين الحوثيين وحلفائهم المدعومين من إيران والقوات الحكومة المدعومة منذ مارس (آذار) 2015 من تحالف عربي تقوده السعودية.
وفي أحياء تعز الشرقية قتل أربعة جنود وأصيب عشرة بجروح السبت خلال معارك عنيفة مع الحوثيين وحلفائهم من القوات التي ظلت موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وفق مصادر عسكرية.
وتجري مفاوضات برعاية الأمم المتحدة في الكويت منذ 21 أبريل سعيا لإنهاء النزاع الذي أوقع عشرات الآلاف من القتلى منذ مارس 2015 وتسبب بتشريد 2.8 مليون شخص.
كما دعا وزير حقوق الإنسان اليمني عضو الوفد الحكومي في مشاورات السلام اليمنية في الكويت عز الدين الأصبحي أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون والمجتمع الدولي إلى موقف جاد وأوضح إزاء الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في تعز.
وقال الأصبحي في مؤتمر صحافي عقده في السفارة اليمنية بالكويت «إننا نطالب بموقف جاد وواضح ضد الميليشيات الانقلابية في مدينة تعز والتي ذهب ضحيتها الكثير من المدنيين من النساء والأطفال، وتمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ولا يمكن السكوت عنها أبدا». وأضاف الأصبحي «جريمة اليوم (أول من أمس الجمعة) استهدفت كل الأحياء السكنية والأسواق الشعبية في مدينة تعز بدءا من الباب الكبير ووادي المدام وشارع 26 سبتمبر (أيلول) ومستشفى الثورة العام والمستشفى العسكري».
وأكد الأصبحي أن القصف المستمر منذ الصباح ولا يزال مستمرا وطال جميع أحياء المدينة يؤكد أن ميليشيات الحوثي وصالح لا تريد السلام أبدا وأنها مستمرة في إفشال المشاورات، وأن أعداد الضحايا في تزايد مستمر في «الشهداء» والجرحى وبشكل مخيف.
ولفت وزير حقوق الإنسان إلى أن استمرار الميليشيات في قتل المدنيين يزيد من تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وتعميق الفجوة وربما يسحب آثاره إلى الأجيال القادمة ولا يمكن أن يستمر صمت المجتمع الدولي إزاء ما يجري في تعز بأي حال من الأحوال.
وأكد أن الميليشيات الانقلابية تعقد المشاورات وتعرقلها من خلال استمرارها بارتكاب الخروقات لوقف إطلاق النار منذ بدء اتفاق الهدنة، مشيرا إلى أن الميليشيات ارتكبت خلال فترة المشاورات ما يزيد عن 7709 خروقات أمنية وعسكرية نتج عنها قتل 212 مدنيا وجرح 942، مؤكدا أن تلك الاختراقات تتم بطريقة ممنهجة بهدف إفشال مشاورات السلام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».