الحكومة اليمنية تؤكد عودتها خلال أيام إلى عدن

وفدها يتفاوض في فرنسا من أجل استئناف شركات النفط الفرنسية مهامها

رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن داغر خلال مؤتمر صحفي في الرياض (رويترز)
رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن داغر خلال مؤتمر صحفي في الرياض (رويترز)
TT

الحكومة اليمنية تؤكد عودتها خلال أيام إلى عدن

رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن داغر خلال مؤتمر صحفي في الرياض (رويترز)
رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن داغر خلال مؤتمر صحفي في الرياض (رويترز)

أكد الناطق باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي، أنه خلال الأيام القليلة المقبلة ستكون الحكومة كاملة في مدينة عدن، وأن عودة الحكومة ضرورية من أجل استقرار الأوضاع، موضحًا أن المسألة تحتاج إلى تحريات أمنية كثيرة لتجنب أي مخاطرة جديدة. وكشف بادي عن وجود وفد حكومي كبير في فرنسا بينهم وزير النفط ويقوم بالتفاوض مع الشركات الفرنسية من أجل استئناف مهامها في اليمن.
وأضاف بادي في لقاء خاص مع قناة «بلقيس»: «يجب أن نعترف بأن الحكومة حاليًا لا تعمل بإمكانات قليلة فحسب، ولكن بإمكانات معدومة تمامًا، ونحن حتى هذه اللحظة لا يوجد في الخزينة العامة للدولة حتى ألف دولار».
وعن المفاوضات الحالية في الكويت قال بادي إن الحوثيين حتى هذه اللحظة لا يريدون السلام ويعتبرونه تكتيكًا يطالبون به عندما يحتاجونه فقط، منوهًا بأن الضغوط الدولية والإقليمية على ميليشيات الحوثي من أجل تحقيق السلام حتى الآن ليست كافية. وأردف: «كان الحوثيون قبل عام يدافعون عن عدن، والآن يدافعون عن صنعاء، وهذا يلخص أنهم أصبحوا أضعف وغير قادرين على مواصلة الانقلاب». ولفت إلى أن كل الخيارات بالنسبة للحكومة مفتوحة في حال فشلت المشاورات وسيعملون عليها مهما كانت سياسية أم عسكرية، مشيرًا إلى أن الميليشيات عبثت بـ4 مليارات دولار كانت موجودة مخزونًا احتياطيًا في البنك المركزي مقابل مجهود حربي وصفقات فساد. كما نفى راجح بادي الأخبار التي تداولتها بعض وسائل الإعلام بخصوص إعادة فتح مكتب السفارة الأميركية في العاصمة اليمنية صنعاء.
وأكد مصدر في خفر السواحل اليمنية تسلم قواته 8 زوارق بحرية من دولة الكويت الشقيقة، مضيفًا أنها وبقدرات محدودة تمكنت من إعادة ترتيب أوضاعها بما يجعلها قادرة على استعادة نشاطها البحري السابق بشكل أفضل. وتسلمت قيادة خفر السواحل، بحضور قيادات أمنية ومن السلطات المحلية في العاصمة المؤقتة، الزوارق البحرية التي قدمتها الكويت ضمن دعمها لعدن.
وكشف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، عن العملية الأخيرة التي نجحت فيها قوة تابعة لمصفاة عدن باستعادة القاطر البحري الوحيد، مؤكدًا أن طاقم السطو كان ينوي الوصول به إلى الصومال لبيعه، تاركًا موانئ عدن في وضعية حرجة جراء افتقارها إلى جرار يقوم بقطر السفن من مكان الانتظار إلى محطة الحاويات وميناءي المعلا والزيت.
وقالت مصادر في شركة مصافي عدن لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة وافقت على أن تقوم المصفاة بتكرير نفط خام المسيلة المخزن في ميناء الضبة بحضرموت، وإنه يجري حاليًا ترتيب عملية إيصال أول دفعة والمقدرة بمليون و500 ألف برميل. وأشارت المصادر إلى أنه بمجرد تنفيذ هذا الإجراء الحكومي سيعيد نشاط المصفاة المتوقفة منذ أشهر جراء نفاذ النفط الخام وتوقف العمل في حقول الإنتاج بسبب الحرب التي تشهدها البلاد. وأضافت أن هذا الإجراء من شأنه أن يعيد الحياة والأمل إلى عمال وموظفي شركة مصافي عدن الذين يعانون منذ أشهر بسبب توقف المصفاة الذي انعكس سلبًا على حياتهم المعيشية، لافتة إلى أن الحكومة في اجتماعها الأخير قررت إعطاء مصفاة عدن مليونًا وخمسمائة ألف برميل من نفط المسيلة الخام بهدف استئناف نشاطها. وأشارت إلى أن المصفاة عقب وصول هذه الكمية التي يجري حاليًا الترتيب لنقلها إلى ميناء الزيت في عدن، ستستأنف نشاطها السابق وستتمكن من تزويد السوق المحلية بالمشتقات النفطية المختلفة وكذا المرافق الخدمية والصحية. وكانت قد سعت قيادة المصفاة بشكل حثيث لدى وزارة النفط والمعادن والحكومة من أجل استخراج هذا القرار. وكانت قد ناشدت منظمات مجتمع مدني الحكومة بالتدخل العاجل لإيصال مادة الديزل إلى محطات الكهرباء بعدن وإنقاذ حياة المواطنين جراء انقطاعات التيار الكهربائي التي تصل إلى أكثر من 18 ساعة في اليوم.
وقال رئيس مجلس أمناء مؤسسة الرُقي للتنمية البشرية، وضاح الأحمدي، لـ«الشرق الأوسط» إن عدن تعيش وضعًا إنسانيًا كارثيًا نتيجة انقطاع التيار الكهربائي بسبب عدم توفر مادة الديزل وكذا تأخر إصلاح محطات الكهرباء، خصوصًا مع ارتفاع درجة الحرارة في المدينة الساحلية ذات الطقس الحار.
وكشف أن عددًا من مستشفيات عدن منها مستشفيات الوالي والنقيب والجمهورية رفعت مناشدات عاجلة لمدها بالطاقة الكهربائية التي يسبب انقطاعها نفاد مادة الأكسجين ومحذرة من وفاة المرضى، خصوصًا في غرف عمليات العناية الفائقة. وطالب الأحمدي دول التحالف العربي والمنظمات الدولية بسرعة إنقاذ عدن ومدها بالمولدات الكهربائية والحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية وشيكة.
إلى ذلك، قال المتحدث باسم محافظة عدن نزار أنور إن قيادة السلطة المحلية في العاصمة عدن تحمل مشروعًا وطنيًا مضمونه جعل مدينة عدن آمنة ومستقرة ونموذجًا مثاليًا يحتذى به في كل المناطق المحررة.
وأضاف المتحدث لـ« الشرق الأوسط» أن هذا الهدف يعد تجسيدًا لرؤية السلطة المحلية وتكليلاً للتضحيات الجسيمة التي قدمت من أجل تحرير عدن وبقية المناطق من ميليشيات الحوثي وعصابات مراكز النفوذ المستحكمة بمقاليد الأمور في صنعاء. وأكد أن جهود قيادة المحافظة تعد انتصارًا للشرعية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، وكذلك انسجامًا مع جهود الأشقاء في دول التحالف العربي، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. واعتبر المتحدث أن الحرب التي شنها أصحاب المشاريع الحزبية والشخصية الضيقة لا تسعى إلى تحقيق المصلحة العامة لأبناء الوطن، منوهًا بماهية الفرق بين ما تحمله القيادات الموالية للسلطة الشرعية وبين أولئك الذين يملكون الأدوات والإمكانيات المادية الكبيرة لتعطيل الجهود. وأوضح أن ما حدث في عدن من مأساة خلال الأيام القليلة الماضية كفيل بإعادة النظر في كثير من الأمور المتعلقة بالأداء الحكومي الذي بات يقف في موقف العاجز والصامت أمام كثير من القضايا والمعضلات التي تستوجب الحلول المناسبة لها، لافتًا إلى أن سوء الأداء بدوره سينعكس سلبًا في كل الأمور بما فيها طاولة المفاوضات في الكويت. وأشار إلى أن ما حدث أو قد يحدث في عدن وغيرها من المناطق المحررة ليس الغرض منه استهداف أو محاولة إفشال قيادات تلك المحافظات، بل الأمر له أبعاد أخرى يأتي في المقام الأول محاولة إفشال الشرعية وإضعافها في تلك المناطق التي من المفترض أنها تقع تحت سيطرتها وإدارتها، وكذلك تقويض كل الجهود المبذولة من قبل دول التحالف العربي وفي المقابل تقوية موقف الانقلابيين على طاولة المفاوضات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».