إدلب مدينة «منكوبة».. عشرات القتلى والجرحى بالقصف الروسي

موسكو نفت مسؤوليتها والمعارضة ردّت باستهداف كفريا والفوعة

أعضاء من الدفاع المدني يخلون طفلا من بين ركام مبنى انهار في اعقاب غارة روسية، امس (إ ف ب)
أعضاء من الدفاع المدني يخلون طفلا من بين ركام مبنى انهار في اعقاب غارة روسية، امس (إ ف ب)
TT

إدلب مدينة «منكوبة».. عشرات القتلى والجرحى بالقصف الروسي

أعضاء من الدفاع المدني يخلون طفلا من بين ركام مبنى انهار في اعقاب غارة روسية، امس (إ ف ب)
أعضاء من الدفاع المدني يخلون طفلا من بين ركام مبنى انهار في اعقاب غارة روسية، امس (إ ف ب)

قتل وأصيب عشرات الأشخاص في قصف هو الأعنف على مدينة إدلب منذ بدء الهدنة في سوريا في 27 فبراير (شباط) الماضي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومواقع معارضة. وفيما نفت وزارة الدفاع الروسية مسؤوليتها أكّدت وزارة الخارجية التركية الأمر، لافتة إلى أن القصف الروسي استهدف مسجدا ومستشفى في المنطقة داعية المجتمع الدولي إلى التحرك سريعًا ضد ما وصفته بجرائم نظام اﻷسد والروس «التي لا يمكن تبريرها».
وأعلن «مجلس محافظة إدلب الحرة» مدينة إدلب «منطقة منكوبة» في ظل القصف العشوائي المستمر الذي تتعرض له، في وقت عمد جيش الفتح إلى الردّ بقصف مواقع قوات النظام والميليشيات الإيرانية وما يسمى ما يسمى «حزب الله»، في بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب المحاصرتين من قبل فصائل المعارضة. وأفادت مصادر في المعارضة بأن «مقاتلي جيش الفتح استهدفوا هذه المواقع بأكثر من عشرة صواريخ أسفرت عن اشتعال النيران في أجزاء واسعة من بلدة الفوعة وأدت إلى مقتل وجرح العشرات».
وقال مجلس إدلب في بيان له «نعلن محافظة إدلب محافظة منكوبة بعد استهدافها بأكثر من 40 غارة جوية خلال 12 ساعة، ونحمّل المجتمع الدولي مسؤولية ما يحدث اليوم وكل يوم في المدينة، مشيرا إلى أن الشمال السوري يتعرض لإبادة جماعية على يد قوى الشر العالمي المتمثلة بالنظام وحلفائه الروس والإيرانيين. وأشار إلى أنه في يومي الاثنين والثلاثاء تم استهداف «المستشفيات والأحياء السكنية بالقنابل العنقودية والنابالم (قذائف حارقة محرمة دولية)».
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة «الصحافة الفرنسية» قتل 23 مدنيا على الأقل وأصيب العشرات بجروح جراء غارات مكثفة شنتها طائرات روسية ليلا على أحياء عدة في مدينة إدلب مركز محافظة إدلب التي يسيطر عليها «جيش الفتح»، ووفق مصادر من داخل إدلب إن «غالبية القتلى هم من العاملين في المستشفى الوطني والمرضى».
من جهته، أكد «مكتب أخبار سوريا» ارتفاع حصيلة قصف الطيران الحربي الروسي على مدينة إدلب إلى 35 قتيلاً، في وقت كانت لا تزال فرق الدفاع المدني تنتشل الضحايا من تحت الأنقاض.
ولفت المكتب إلى استهداف فصائل المعارضة، بعشرات قذائف الهاون والمدفعية الثقيلة والأسطوانات المتفجرة، بلدتي الفوعة وكفريا، مشيرا إلى أن القصف المستمر منذ مساء الاثنين، أسفر عن مقتل طفلة في الفوعة وإصابة خمسة مدنيين آخرين بجروح متفاوتة في البلدتين، إضافة إلى أضرار مادية، لافتًا إلى أن مستشفيات البلدتين ينقصهما أنواعا «ضرورية» من الأدوية، ولا سيما الخاصة بالأمراض المزمنة.
وبحسب عبد الرحمن، فإن «سربا من الطائرات نفذ الغارات في وقت واحد على مناطق عدة في إدلب». وشرح عبد الرحمن أن الطائرات الروسية عادة ما تخرج أسرابا من القاعدة العسكرية في مطار حميميم في اللاذقية لتقصف أهدافها، بينما تحلق الطائرات السورية منفردة.
لكن وزارة الدفاع الروسية نفت استهداف مدينة إدلب. وقال المتحدث العسكري الروسي ايغور كوناشينكوف أمس إن «الطيران الروسي لم يقم بأي عمليات عسكرية وعلى وجه الخصوص في محافظة إدلب».
وفي صور التقطها مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» من داخل مستشفى في إدلب حيث تم نقل الضحايا، يحمل رجل طفلا يبكي في قسم الإسعاف فيما يعمل مسعفون على رعاية طفلة في ثياب النوم أصيبت جراء القصف. كما يمكن رؤية جثتين ملفوفتين بأغطية على الأرض فيما ينتظر مصابون يجلسون على مقاعد دورهم لتلقي العلاج.
ويظهر شريط فيديو نشره المرصد عمال إنقاذ وهم يتسلقون إلى الطبقة العليا من مبنى تضرر بشكل كبير جراء القصف، ويحاولون بصعوبة البحث عن ضحايا تحت الأنقاض.
ورغم أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بموجب تفاهم روسي أميركي وبرعاية الأمم المتحدة يستثني مناطق سيطرة جبهة النصرة وتنظيم داعش، فإن مدينة إدلب شهدت وفق عبد الرحمن «هدوءا نسبيا في ظل غارات متقطعة» منذ بدء الهدنة.
وتسيطر فصائل «جيش الفتح» التي تضم النصرة وفصائل معارضة أبرزها «حركة أحرار الشام» منذ الصيف الماضي على محافظة إدلب بشكل شبه كامل. وبات وجود النظام يقتصر على قوات الدفاع الوطني ومسلحين موالين في بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.