«حدائق تونس».. مشروع حكومي لبناء 12 ألف مسكن

رغم الفائض العقاري.. 50 % من المواطنين لا يمتلكون منزلاً

جانب من تصور مشروع «حدائق تونس» السكني
جانب من تصور مشروع «حدائق تونس» السكني
TT

«حدائق تونس».. مشروع حكومي لبناء 12 ألف مسكن

جانب من تصور مشروع «حدائق تونس» السكني
جانب من تصور مشروع «حدائق تونس» السكني

أعطى الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، إشارة انطلاق مشروع تهيئة «حدائق تونس» غربي العاصمة التونسية، وقال: إن هذا المشروع سيستوعب النمو السكاني المحاذي للمنطقة الصناعية الجديدة غربي العاصمة وسيلبي الطلبات المتصاعدة للفئات الاجتماعية التونسية للسكن الاجتماعي والاقتصادي على وجه الخصوص.
وسيمكن مشروع تهيئة حدائق تونس من بناء نحو 12 ألف مسكن موجهة لكل الفئات الاجتماعية، ويتضمن كل فئات المساكن، من سكن فردي إلى سكن جماعي، إلى جانب عدة مركبات عقارية متعددة الوظائف. ومن المنتظر أن يكون هذا المشروع، الذي دشن مساء الأحد الماضي، جاهزا في غضون سنة 2020، وتقدر كلفته الإجمالية بما يقارب 350 مليون دينار تونسي (نحو 175 مليون دولار أميركي).
وقدم على الولايات (المحافظات) التونسية 125 ألف مطلب انتفاع بالسكن الاجتماعي، ولا تستبعد الدوائر الحكومية ارتفاع عدد المرشحين للارتفاع، نظرا إلى نسبة الإقبال المرتفعة على المساكن الاجتماعية.
ويمسح المشروع نحو 331.62 هكتار، وهو يمتد على دائرتي التدخل العقاري الكائنتين بولايتي (محافظتي) تونس العاصمة (181.4 هكتارا)، ومنوبة المجاورة (150.2 هكتارا)، وسيمكن من توفير نحو 12 ألف مسكن واستيعاب ما لا يقل عن 58 ألف ساكن.
وأوضحت الحكومة أن مشروع حدائق تونس سينفذ وفق مقاييس عالية للجودة، إلى جانب احترام الجوانب البيئية والترفيهية، وذلك بتوفير كل التجهيزات الجماعية لتقريب الخدمات لسكان المنطقة وإحداث فضاءات للترفيه ومناطق خضراء.
وقال الصيد في تصريح إعلامي إن هذا المشروع ظل معطلا لفترة زمنية طويلة، واعترف بوجود عدة مشاريع أخرى مبرمجة سيتم الإعلان عنها في الأيام القادمة، وستمكن من خلق ديناميكية اقتصادية وإحداث مواطن الشغل.
ومن المنتظر أن تسلم الحكومة التونسية نحو 6000 مسكن ومقسم اجتماعي لفائدة محدودي الدخل خلال 2016، وتقدر الكلفة الإجمالية للمسكن الفردي بين 45 و55 ألف دينار تونسي (ما بين 22.5 و27.5 ألف دولار)، أما بالنسبة إلى الشقق فأسعارها تتراوح بين 60 و75 ألف دينار تونسي (ما بين 30 و37.5 ألف دولار).
ووفق أحدث الإحصاءات، فإن عدد الوحدات السكنية في تونس يقدر بأكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية، ولا تقل حاجة تونس في قطاع الإسكان عن 50 ألف وحدة في السنة. ويقدر عدد العائلات التونسية بنحو 2.5 مليون عائلة، من بينها نحو 50 في المائة فقط تمتلك مسكنا؛ وهو ما يؤكد أن أكثر من مليون ونصف المليون مسكن بقت لدى مجموعة من المالكين العقاريين يستغلونها عادة في الكراء، ولا تجد من يقتنيها.
وسجلت تونس خلال السنوات الماضية تراجعا ملحوظا على مستوى حجم الاستثمارات في قطاع الإسكان؛ بسبب الأزمات المتعاقبة التي شهدها بنك الإسكان، أول بنك ممول للقطاع. وشهدت سوق العقارات كسادا غير مسبوق؛ نظرا إلى غلاء أسعار المتر المربع بعد الأشغال؛ حيث بلغ في بعض المناطق الألفي دينار تونسي (نحو ألف دولار أميركي).
وتوجه الناشطون في البعث العقاري نحو المساكن الفاخرة، وخفضوا من نسق اهتمامهم بالسكن الاجتماعي والمتوسط.. ولم تتدخل الدولة التونسية عبر الوكالات المختصة على غرار الوكالة العقارية للسكنى (حكومية)، وصناديق الإسكان، لتعديل السوق وإعادة الاعتبار للسكن الاجتماعي.
وأكد فهمي شعبان، رئيس الغرفة النقابية الوطنية للباعثين العقاريين باتحاد الصناعة والتجارة (نقابة رجال الأعمال)، أن ارتفاع أسعار المباني في تونس بات يهدد بأزمة عقارية حادة، وقد ترجمت هذه الأزمة في وجود فائض عقاري قدرته بعض الجهات غير الرسمية بما يقارب 400 ألف مسكن.. وهو ما يتطلب مراجعة شاملة في منظومة قروض السكن التي لم تراجع منذ سنوات - على حد قوله - لإنعاش سوق العقارات التونسية من جديد.
وأرجع شعبان عزوف الباعثين العقاريين الخواص والعموميين عن بناء المساكن الاجتماعية إلى ارتفاع أسعار مواد البناء وقلة الرصيد العقاري وطول آجال الحصول على التراخيص، وطالب بتمديد القرض السكني من 25 سنة إلى 30 سنة، مؤكدا وجود صعوبات على مستوى القدرة الشرائية للتونسيين تترجمها الصعوبة في التوفيق بين تأمين متطلبات الحياة اليومية وتمويل السكن مهما كانت نوعيته.
وتفيد بعض المعطيات أن معدل سعر المتر مربع الواحد للمساكن الجاهزة في المدن الكبرى بلغ 1200 دينار تونسي (نحو 600 دولار)، وأن قيمة المسكن الذي يمسح نحو 100 متر مربع، ويتسع لأسرة تتكون من أربعة أفراد لا تقل عن 120 ألف دينار تونسي (نحو 60 ألف دولار)، وهو مبلغ كبير بالنسبة إلى معظم العائلات التونسية. وضمن قانون المالية لسنة 2016، اتخذت الحكومة التونسية إجراء جبائيا جديدا يهدف إلى تيسير اقتناء قروض السكن عن طريق تخفيض أعباء الفوائض عبر الطرح الجبائي. ويمكن هذا القرار من يقتني قرضا سكنيا لأول مرة من الانتفاع بتخفيضات جبائية تطرح سنويا من الضريبة الموظفة على دخله السنوي.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».