الإعلام الأميركي: الحملات الانتخابية الرئاسية تزيد الصيف حرارة

الصحف الأوروبية بين هزيمة «داعش» في الرقة والفلوجة ومصير الاتفاق التركي ـ الأوروبي

الإعلام الأميركي: الحملات الانتخابية الرئاسية تزيد الصيف حرارة
TT

الإعلام الأميركي: الحملات الانتخابية الرئاسية تزيد الصيف حرارة

الإعلام الأميركي: الحملات الانتخابية الرئاسية تزيد الصيف حرارة

خلال الأسبوع الماضي، بدأ الإعلام الأميركي عادة سنوية تقليدية: الاستعداد للصيف مع احتفالات يوم ذكرى الجنود المتقاعدين والموتى. ومع استمرار معارضة قادة جمهوريين ترشيح دونالد ترامب لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الجمهوري، ومع زيادة المنافسة بين المرشحين الديمقراطيين (هيلاري كلينتون، وبيرني ساندرز)، يبدو أن هذا الصيف سيكون ساخنًا.
قالت ذلك افتتاحية صحيفة «يو إس توداي»، وأضافت: «في ذكرى الجنود القدامى، يعكر جو الحملة الانتخابية الحالية هجوم شخصي وفظيع. ها هو دونالد ترامب يعيد إلى الأذهان انتحار واحد من مساعدي الرئيس السابق كلينتون، وكان صديقًا للعائلة (شائعات علاقات غرامية مع هيلاري كلينتون)».
وعن عيد الجنود القدامى، قالت افتتاحية صحيفة «نيويورك بوست»: «هذا الاثنين، كما في كل يوم ذكرى الجنود القدامى، نشيد ونصلي للذين ضحوا بحياتهم دفاعًا عن بلدنا. نتذكر أسماء وأفعال الذين لقوا حتفهم لحماية نظامنا الديمقراطي. ولحماية الحريات التي نعتز بها. نحتفل بهم بالمسيرات، والموسيقى، والخطب، وأكاليل الزهور والأعلام».
كما غطى الإعلام الأميركي مواضيع أخرى. من بينها سوريا. قالت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست»: «مع تغطية القتال في سوريا، نهمل ملايين الأطفال السوريين. وقبل ذلك، فشلت الاستراتيجية الأميركية في إنهاء تكتيكات القرون الوسطى التي كان يمارسها بشار الأسد ووالده».
وعن لاجئي الحرب في سوريا (وفي غيرها)، قالت افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز»: «يشاهد العالم أكبر عملية نزوح للاجئين خلال أجيال، بسبب هذه الصراعات المسلحة في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وجنوب آسيا». لكن كلمة «يشاهد» ربما كلمة خطأ. هاهم كثير من قادة العالم، بمن في ذلك الذين يحكمون أغنى البلدان، يختارون ألا يشاهدوا.
وتعددت اهتمامات الصحف الأوروبية ولم تغب عنها المواضيع المتعلقة بالعالم العربي بدءا بسير المعارك في سوريا والعراق. ونبدأ من الصحف الفرنسية، والوضع الميداني في سوريا والعراق على خط الهجوم المزدوج على تنظيم داعش في الرقة والفلوجة عالجه «جورج مالبرونو» في «لوفيغارو». «استعادة الفلوجة أول مدينة سقطت في يد (داعش) لن تكون سهلة» يكتب «مالبرونو»، «وما يزيد الأمور تعقيدا وجود الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس في غرفة العمليات العراقية» يضيف الكاتب وقد نقل عن وزير سني في بغداد قوله إن «إيران والعراق يقومان بقتل الفلوجة». أما تنظيم داعش فهو «يحضر عناصره للهزيمة في الرقة والفلوجة» تقول «لوفيغارو» لكنه «يضاعف تفجيراته الانتحارية في مسعى دائم للتذكير باحتفاظه رغم كل شيء بقدرته على الإساءة».
وفي ملف آخر «الاتفاق بين أوروبا وتركيا بات ساري المفعول» عنوان تحقيق نشرته «لوموند» حول كيفية معالجة أنقرة لأزمة اللاجئين. «لقد توقف انطلاق المهاجرين من شواطئ تركيا باتجاه جزر اليونان» كتبت «ماري جيغو» موفدة «لوموند» إلى مدن ديكيلي وبادملي وإزمير التركية قبالة جزيرة ليسبوس اليونانية. «السلطات التركية تأخذ الاتفاق الموقع مع أوروبا على محمل الجد» أضافت «جيغو» نقلا عن السكان الأتراك الذين أشاروا إلى «تكثيف الإجراءات الأمنية من أجل منع المهاجرين من الإبحار إلى ليسبوس، أول موطئ قدم لهم في أوروبا». «لكن تطبيق الاتفاق قد لا يستمر طويلا» تقول «لوموند» بعد تهديد الرئيس إردوغان بتجميد العمل به إذا لم ترفع القيود على سفر مواطنيه، ولكن ذلك لم يمنع أنقرة من احتجاز المبعدين في مركز خاص بهم وقد نقلت «جيغو» عن النشطاء الأتراك استياءهم من معاملة المحتجزين، ومحاولات منع اتصالهم بالمحامين من أجل تقديم طلبات اللجوء إلى أوروبا؛ وفقا للقوانين المرعية.
ومن المواضيع التي عالجتها «لوموند» مسألة العقوبات الأميركية على ما يسمى «حزب الله». وتطال هذه العقوبات المؤسسات المالية والمصارف التي تتعامل مع ما يسمى «حزب الله». وكان الكونغرس الأميركي قد أقرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وهي «تضع السلطات اللبنانية في موقع حرج» تكتب «لور أسطفان» مراسلة «لوموند» في بيروت. «فلبنان مضطر للانصياع للقوانين الأميركية من دون أن يغضب (حزب الله) الذي هو في قلب السلطة في لبنان ولديه ممثلون له في الحكومة ومجلس النواب» نقلت «لوموند» عن الباحث كريم بيطار وذلك كي «لا يتم إبعاد لبنان عن النظام المالي العالمي».
وننتقل إلى لندن وصحيفة «التايمز» التي أعدت تقريرا على صفحتين عن أجواء الرعب التي يشيعها تنظيم داعش في أوساط الناس في ليبيا. حصل هذا في مدينة سرت، كما يقول معد التقرير، حيث أصبحت مشاهد القتل والصلب والإعدام في الأماكن العامة مشاهد مألوفة. هجر الآلاف المدينة في الشهور الماضية، وتحولت إلى مدينة أشباح. وتفيد تقارير الأمم المتحدة والاستخبارات الليبية أن هناك نحو 6500 مسلح في المدينة، 70 في المائة منهم من غير الليبيين وخاصة العرب، والبقية ليبيون.



لبنان: نجاة شرف الدين... أول «ناطقة باسم الرئيس»

خلف المايكروفون في القصر الجمهوري (نجاة شرف الدين)
خلف المايكروفون في القصر الجمهوري (نجاة شرف الدين)
TT

لبنان: نجاة شرف الدين... أول «ناطقة باسم الرئيس»

خلف المايكروفون في القصر الجمهوري (نجاة شرف الدين)
خلف المايكروفون في القصر الجمهوري (نجاة شرف الدين)

كانت تتمنى دخول السلك الدبلوماسي لتكون سفيرة لبلدها لبنان، ولكن القصر الرئاسي ناداها.

كل من يعرفها يعترف بتمتعها بصلابة ناعمة تخوّل لها إتقان التحاور مع الآخر. نجاة شرف الدين تملك خبرة إعلامية واسعة تدرّجت فيها ما بين المرئي والمسموع والمكتوب. وأخيراً سمّيت الناطقة الإعلامية الرسمية باسم رئاسة الجمهورية.

هذا الخبر لم يفاجئ زملاءها، لا سيما أنها على علاقة طيبة مع الجميع، بيد أن اللافت في الموضوع هو طبيعة المنصب الذي تبوأته. ذلك أنه، بصفته الحالية، استُحدث مع وصول رئيس الجمهورية اللبناني الجديد العماد جوزيف عون. وعندما طلب شخصاً يتولّى هذه المهمة بالصفات التي يرغب بها، وقع الخيار عليها، فوافق بسرعة كونها تستوفي جميع الشروط التي يريدها. ومَن يعرف الرئيس عون يشير إلى حرصه الشديد على اختيار من يراه الشخص المناسب للمكان المناسب. وهكذا، أصبحت نجاة شرف الدين أول إعلامية «ناطقة باسم الرئيس»، ودخلت القصر لتكون سيّدته الإعلامية لست سنوات مقبلة. وبالمناسبة، استُحدث المنصب من باب مواكبة الإعلام الرئاسي بأسلوب عصري يشتهر في الغرب، ويتمثّل بالتعبير عن مواقف رئيس الجمهورية اللبنانية ضمن بيانات رسمية... وأحياناً لنقل توضيحات معينة صادرة عنه.

نجاة شرف الدين "الناطقة باسم الرئاسة اللبنانية" (نجاة شرف الدين)

خلفية شخصية

ولكن، من هذه الإعلامية التي تدخل حلقة رئاسة الجمهورية؟

إنها ابنة بلدة الطيّبة الحدودية الجنوبية، في قضاء مرجعيون. تلقت تعليمها الجامعي متخصصة بالإعلام والاتصال في الجامعة اللبنانية. وهي متزوّجة من وزير المالية السابق الدكتور غازي وزني، وتردّد دائماً بأنه لو تسنى لخطة زوجها المالية رؤية النور لكان أمكن إنقاذ البلد اقتصادياً. وأما بالنسبة لهواياتها وشغفها، فإنها تهوى السفر والاستماع إلى أغاني فيروز وأم كلثوم وعبد الحليم والطرب الأصيل.

مهنياً، تعدّ نجاة شرف الدين فعلياً ثاني امرأة تتولى مهمة إعلامية في القصر الجمهوري؛ إذ سبقتها الإعلامية مي كحالة في عام 1990 بصفة «المستشارة الإعلامية في رئاسة الجمهورية». وكانت كحالة قد لمعت بدايةً إبان عملها في صحيفة «النهار»، واختارها للمنصب رئيس الجمهورية الأسبق الراحل إلياس الهراوي. وتجدر الإشارة، إلى أن التعارف بينهما حصل عندما حاورته في برنامج تلفزيوني كانت تقدمه بعنوان «أيها اللبنانيون». وكانت كحالة تلتقي في ذلك البرنامج مع مرشحين لتولي مركز رئاسة الجمهورية. وعندما سألته في أثناء المقابلة عن أول خطوة يرغب في القيام بها إذا ما فاز بالرئاسة، أجابها: «ستكونين معي مستشارةً إعلامية». وبالفعل، حافظ الرئيس الهراوي على وعده للإعلامية الطموحة، ووقع عليها اختياره لتولي منصب الناطقة باسم لرئيس الجمهورية.

مع الرئيس جوزاف عون (نجاة شرف الدين)

مع الإعلام المرئي

أما شرف الدين فقد عملت في الإعلام المرئي، وبالتحديد في قناة «المستقبل» لمدة 20 سنة. وكانت تقدّم النشرات الإخبارية، وكذلك برامج حوارية كان آخرها «ترانزيت». ومن نشاطاتها في هذا المضمار تغطيتها بوصفها مراسلة لـ«المستقبل» مؤتمرات دولية جرت في أفغانستان والعراق.

ولكن، في عام 2013 لملمت شرف الدين ذكرياتها في هذه المحطة وقرّرت مغادرتها. وفي حينه، برّرت قرارها بأنه مبني على ضرورة التغيير، وأن التجربة المرئية في «المستقبل» طالت. وأيضاً، تخللها في الأيام الأخيرة قبل إقفال أبوابها نهائياً تقليص نفقات وإنتاجات.

من هناك، توجهّت نحو صرح إعلامي آخر، ولكن من النوع المسموع هذه المرة؛ إذ دخلت إذاعة «صوت كل لبنان» لتتولى تقديم البرنامج السياسي «لقاء الأحد»، لتحلّ بدلاً من الإعلامية الراحلة جيزيل خوري. وكانت خوري قد اضطرت إلى ترك الإذاعة إثر عملها بقناة الـ«بي بي سي» العربية. وحقاً، بقيت شرف الدين ضمن عائلة «إذاعة صوت كل لبنان» حتى قبل أيام قليلة من تسميتها «الناطقة الإعلامية لرئاسة الجمهورية». وبعد نحو 10 سنوات من العمل الإذاعي تخلله 3 سنوات عمل في قناة «العربي»، لملمت أغراضها مجدداً لتخوض تجربة مهنية مختلفة.

وما يجدر ذكره في هذا السياق، أن شرف الدين كانت قد مارست الإعلام المكتوب في مجلة «الشراع»، وفي مواقع إلكترونية عديدة بينها «بوست 180». وإذا ما سألتها اليوم عن المجال الإعلامي الأقرب إلى قلبها تردّ بسرعة «إنه الإعلام المكتوب».

علي جابر... المدير الأستاذ

في العمل الإذاعي، استمتعت نجاة شرف الدين بالتفاعل الذي لاقته من قبل المستمعين، خاصة أنها لم تكن تتوقع أن يكون للمسموع في زمن الصورة كل هذا الازدهار. وعليه، كانت تجربة جديدة تدرجها على لائحة «خبرات» من نوع آخر. وتعتبر رواج الـ«بودكاست» اليوم، تكملة لزمن المسموع الذهبي، ولكن بقالب مختلف.

طيلة ممارسة شرف الدين مهنة الإعلام تعاونت مباشرة مع عدد من مديري المؤسسات التي دخلتها. وبالنسبة لها، فإن مدير تلفزيون «المستقبل» (آنذاك)، علي جابر، أكثر من أثّر في مشوارها الإعلامي؛ إذ زوّدها بالثقة بالنفس، وبخبرة رفيعة المستوى سببها أسلوبه في العمل. وهو منذ اللحظة الأولى، وضعها بمواجهة التحديات في عملها الصحافي. وكان يرفض السطحية في تنفيذ المحتوى، ويصرّ على التعمق بأي مهمة تقوم بها. ذلك الأمر ما كان يقتصر على قراءة نشرة أخبار، بل المتابعة والإلمام بكل التطوّرات على الأرض.

«لا أعرف» تحفّزها للبحث المستمر

تتمتع نجاة شرف الدين بشخصية ليّنة ومطواعة، تصغي إلى الآخر بدقة، وتشعر دائماً بأنها تحتاج إلى المعرفة. ولطالما ردّدت: «ولا مرة أجاهر بمعرفتي بأمور كثيرة، وأفضّل عليها عبارة (لا أعرف) لأنها تحفّزني على البحث المستمر». وهنا نشير إلى أنه منذ أن شاع خبر تسميتها «ناطقة إعلامية لرئاسة الجمهورية» انتظر الجميع إطلالتها على المنصة الإعلامية في القصر. ولكن الإطلالة تأخرت لأيام قليلة لبضعة أسباب، في مقدمها أنه كان عليها التعرف إلى طبيعة مهمتها وإلى فريق العمل.

واليوم تأتي إطلالتها بشكل محدود وفي مناسبات معينة. ويتطلّب الأمر التركيز على حدث معين يجري في القصر، من دون الحاجة إلى إطلالات متكرّرة لا جدوى إعلامية منها.

القصر والمحطة الأخيرة

كما سبق، حتى اليوم أطلّت نجاة شرف الدين مرات قليلة على الشاشة. وكانت تتلو في كل مرة على الإعلاميين مراسلي القصر الجمهوري نتائج مباحثات أو لقاءات أجراها الرئيس عون. فهل يمكن أن يشكّل القصر آخر المحطات الإعلامية في مشوارها؟

مَن يعرف شرف الدين يدرك تماماً بأن هذا الأمر غير وارد في أجندتها المهنية.

صحيح أنها تصف مركزها الإعلامي اليوم بـ«المكافأة المعنوية لمشوار متعب ومضنٍ»، إلا أنها ترفض اعتباره المحطة الأخيرة. وبرأيها لا يمكن للحياة أن تخلو من الفرص، ومن ثم، فالتجربة الإعلامية التي تعيشها اليوم ممتنّة لها بشكل كبير، ولكنها بالتأكيد لن تكون الأخيرة.