الجزائر: الحكومة تدعو مواطنيها إلى «التحصن» وتتهم جهات أجنبية بتشجيع التشيع

وزير الشؤون الدينيةطالب الشباب بالتمسك بمرجعياتهم التاريخية

الجزائر: الحكومة تدعو مواطنيها إلى «التحصن» وتتهم جهات أجنبية بتشجيع التشيع
TT

الجزائر: الحكومة تدعو مواطنيها إلى «التحصن» وتتهم جهات أجنبية بتشجيع التشيع

الجزائر: الحكومة تدعو مواطنيها إلى «التحصن» وتتهم جهات أجنبية بتشجيع التشيع

اتهم محمد عيسى، وزير الشؤون الدينية الأوقاف الجزائري: «جهات أجنبية بالتشويش على الجزائر من خلال سعيها إلى نشر الطائفية، وتشجيع حركات التشيع، وبخاصة في الولايات الحدودية الشرقية والغربية للبلاد». فيما يقول نشطاء سياسيون: «إن القسم الثقافي بسفارة إيران بالجزائر يعمل على تنفيذ برنامج لنشر التشيع بالمناطق الداخلية في البلاد».
وقال عيسى أمس في اجتماع مع أئمة المساجد بالعاصمة، بمناسبة قرب استقبال شهر رمضان: إن «تمسك الجزائريين بمرجعيتهم الدينية الوطنية الأصيلة كفيل بتحصينهم ضد الأفكار الدخيلة عن المجتمع الجزائري، التي تأتينا من الخارج»، ولم يذكر الوزير من يقصد بالتحديد، لكن يفهم من كلامه أن المقصود هو حملات التشيع القادمة من خارج البلاد، التي تستهدف بعض المساجد والفضاءات الدينية.
وشدد عيسى على «ضرورة التمسك بالموروث الحضاري الديني للجزائريين»، وعلى «دعم أئمة المساجد بتكوين عالي المستوى، حتى نصد الأفكار التي ترمي إلى تمزيق المجتمع الجزائري»، مضيفا أن
«رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كان قد نبه إلى عدم السقوط في فكرة التقسيم الطائفي، الذي تسعى إلى بثه قوة أجنبية بالجزائر». وكان بوتفليقة يشير، ضمنا، إلى إيران. وأطلق ناشطون جزائريون مطلع العام الحالي حملة على شبكات التواصل لطرد الملحق الثقافي بسفارة إيران بالجزائر، أمير موسوي؛ بسبب أنه «يسعى بقوة إلى نشر التشيع، تحت غطاء التقارب بين البلدين في المجال الثقافي والاقتصادي». وصرح أنور مالك، الكاتب والحقوقي الجزائري المعروف المقيم بفرنسا، للصحافة بأنه هو من بادر بحملة (#اطردوا_أمير_موسوي)، وقال في هذا الخصوص: «لقد ثبت لي من مصادر موثوقة بالجزائر وخارجها أن موسوي تجاوز مهمته الدبلوماسية، فصار ينسق سريا مع متشيعين جزائريين، ونظم لعدد منهم رحلات إلى طهران وقم وحتى النجف. وهناك بالتأكيد التقوا مع جهاز المخابرات الإيراني، والحرس الثوري ورجال دين شيعة».
من جانبه، قال عبد الفتاح حمداش، زعيم تنظيم «صحوة المساجد الحرة» غير المعتمد لـ«الشرق الأوسط»: إن سفارة إيران في الجزائر «تنشر التشيع على نطاق واسع»، مشيرا إلى وجود 3 آلاف شيعي في الجزائر ينتشرون، حسب رأيه، في مناطق كثيرة. وتحدث عن «شيخ شيعي يحضر أغلب تجمّعات المتشيعين، أو ما يسمّونه الحسينيات، التي يقيمونها في أماكن سرية».
وتخضع سفارة إيران وطاقمها العامل فيها لمراقبة شديدة، غير أن السلطات الجزائرية لم تتخذ أي إجراء ضد مسؤولي السفارة، رغم أن اتهامات كثيرة توجه إليهم.
وفي موضوع آخر، قال علي بن فليس، رئيس الحكومة سابقا، أمس في تجمع لمناضلي الحزب الذي يرأسه «طلائع الحريات»، بمدينة تمنراست بأقصى جنوب البلاد: «إذا كان ما يهدد حدود البلاد هو الإرهاب الذي يواصل نشاطه التهديمي، داخل حدودنا فإن ذلك معروف للجميع منذ مدة طويلة. إن بلدنا لم يشف بعد، ولم يتحصن كلية ضد هذه الآفة التي يفرض علينا استمرارها، الحيطة والحذر والتجند حول قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية للجمهورية، التي تستحق كل الاعتراف والتقدير والتبجيل من طرف الأمة قاطبة».
وأوضح ابن فليس، أنه «إذا كانت الجزائر مهددة بالتقهقر المستمر للوضعية الأمنية، على حدودها الشرقية والجنوبية، فهذا نعرفه أيضا منذ زمن طويل؛ ونعرف أيضا أنه في مواجهة هذه التهديدات، فإن قواتنا المسلحة وقواتنا الأمنية لها حضور رادع، وعلينا أن نحييها على ذلك. وفي مواجهة هذين التهديدين فإن خيرة فلذات أكبادنا البواسل في صفوف جيش الجمهورية، جيش الشعب، وجيش الأمة والجيش الوطني الشعبي، هم من يسهرون على الدفاع عن حرمة أرضنا المقدسة والدفاع عن الوطن المفدى، وضمان أمن شعبنا وطمأنينته وهناءه»، مضيفا أن «جيشنا الوطني يعلم يقينا أنه يحظى حقا بإجماع وطني أصيل ومتين وحقيقي، لا يزعزع حول تأدية كل مهامه الدستورية التي أسنده إياها الشعب الجزائري بأسره».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».