مؤشر «العبودية» العالمي: العمال المهاجرون هم الضحايا الرئيسون للعبودية الحديثة

إطلاق مؤشر جديد لزيادة التوعية حول معاناة 29.8 مليون عامل

مؤشر «العبودية» العالمي: العمال المهاجرون هم الضحايا الرئيسون للعبودية الحديثة
TT

مؤشر «العبودية» العالمي: العمال المهاجرون هم الضحايا الرئيسون للعبودية الحديثة

مؤشر «العبودية» العالمي: العمال المهاجرون هم الضحايا الرئيسون للعبودية الحديثة

في أول تقرير من نوعه لرصد «العبودية الحديثة»، وجد تقرير نشر اليوم، أن 29.8 مليون شخص يعتبرون ضحايا «العبودية الحديثة» التي تسرق منهم حرية الحركة والحياة الكريمة. وتحتل موريتانيا المرتبة الأولى على المؤشر، وذلك وفقا لأعلى نسبة تقديرية من سكانها المستعبدين من أي بلد في العالم. ومن المتوقع أن يصل عدد الأشخاص المستعبدين في هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، والتي تتميز بنظام العبودية الوراثية الراسخ، نحو 150 ألف شخص مستعبد من إجمالي عدد السكان الذي لا يتجاوز 3.8 مليون نسمة. هذا وتحتل هايتي، وهى دولة كاريبية ينتشر بها استرقاق الأطفال أيضا على نطاق واسع، المرتبة الثانية؛ بينما تأتي باكستان في المرتبة الثالثة.
ويتوفر حاليا المؤشر، الذي سينشر سنويا، ويعتبر الأول من نوعه، ويقدم مقياسا أكثر دقة وشمولية لمعرفة مدى انتشار العبودية الحديثة وخطورتها، من بلد لآخر. ولفت البروفسور كيفين بيلز، الباحث الرئيس في المؤشر، في بيان صادر بالتزامن مع نشر التقرير: «معظم الحكومات لا تتطرق إلى مشكلة العبودية لكثير من الأسباب المؤسفة. هناك حالات استثنائية، ولكن الكثير من الحكومات لا تهتم بمعرفة الأشخاص غير القادرين على التصويت، والمختبئين بعيدا، والذين قد يكونون غير شرعيين بأي حال. هناك قوانين موضوعة، ولكن ما ينقصنا هو الأدوات والموارد والإرادة السياسية. ونظرا لتعذر إحصاء عدد الأشخاص المستعبدين المختبئين بعيدا، فمن السهل أن ندعي عدم وجودهم، ويهدف المؤشر لتغيير ذلك».
وفيما يخص العالم العربي، يعتبر العمال المهاجرون من جنوب آسيا وجنوب شرقي آسيا هم أهم ضحايا «العبودية الحديثة» في دول عربية عدة، ويبلغ عددهم أكثر من 95 ألفا في العالم العربي، وذلك بحسب العدد الافتتاحي من مؤشر العبودية العالمي لمنظمة «ووك فري» (سيروا أحرارا).
ويبين التقرير أنه على الرغم من الجهود المبذولة من الحكومات في المنطقة، يبقى العمال المهاجرون عرضة للاستغلال بسبب الرسوم الباهظة التي يتقاضاها مستقدمو العمالة عديمو الضمير، والممارسات التجارية غير المشروعة مثل هذه العقود المخادعة والقيود المفروضة على مقدرة العمال على ترك كفلائهم أو نقل الكفالة.
وأفاد التقرير بأنه على الرغم من سفر معظم العمال المهاجرين إلى منطقة الشرق الأوسط طوعا لأجل العمل، فإن بعضهم يخضع فيما بعد للعبودية كالحالات التي تشمل حجب الرواتب، واحتجاز جوازات السفر، وعدم القدرة على المغادرة. ومن المجالات التي أبرزها التقرير صناعة البناء والتشييد باعتبارها قطاعا يشهد حالات للعبودية الحديثة. كما ركز التقرير على خدم المنازل باعتبارهم ضحايا محتملين للاستعباد في منازل «النخبة الثرية».
وعلى الرغم من هذه التحديات، أشار التقرير أيضا إلى أنه قد جرى بذل جهود مضنية لزيادة وتمويل خدمات الدعم المقدمة لضحايا العبودية الحديثة.
ويذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة خصصت أكثر من 7 ملايين دولار أميركي في عدد من الصناديق المعنية بحقوق الإنسان التي تدعم جهود مكافحة الاتجار بالبشر، كما أحزرت أيضا تقدما كبيرا، ويشمل هذا التقدم تدريب الموظفين المكلفين إنفاذ القانون، وورش عمل لنشر المبادئ تمشيا مع المعاهدات الدولية التي تكون الدولة طرفا فيها.
كما أن السعودية هي من الدول الموقعة على بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال.
وفي قطر، جرى تشكيل الائتلاف الوطني لمكافحة الاتجار بالبشر في عام 2012، وأطلقت حكومة قطر المبادرة العربية لبناء القدرات الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، في حين أنها تعهدت بمبلغ 6 ملايين دولار أميركي على مدى 3 سنوات للعمل في شراكة مع الأمم المتحدة.
إلى ذلك، صرح نيك غرونو، الرئيس التنفيذي لمنظمة «ووك فري» بأنه من السهل النظر إلى «العبودية كأثر لعادة قديمة، إلا أنها تبقى وصمة عار على جبين البشرية في كل قارة. هذا هو مؤشر العبودية الأول، إلا أنه، على الرغم من ذلك، قد يجسد بالفعل الجهود الوطنية والعالمية المبذولة لاجتثاث العبودية الحديثة في جميع أنحاء العالم. وندرك حاليا أن أكثر من ثلاثة أرباع أولئك المحاصرين في العبودية الحديثة يستوطنون عشر دول فقط. ويجب أن تكون هذه الدول هي محور تركيز الجهود العالمية». وتعتمد المنظمة على مقياس مشترك لثلاثة عوامل: الانتشار المقدر للعبودية الحديثة من حيث عدد السكان، ومقياس لزواج الأطفال والبيانات المأخوذة من الاتجار بالبشر داخل وخارج البلد.
وحدد المؤشر العوامل التي تسلط الضوء على خطر العبودية الحديثة في كل بلد، ويقيم قوة الاستجابات الحكومية في معالجة هذه القضية بالنسبة للدول العشرين الأعلى والأدنى تصنيفا بالمؤشر، كما يقوم المؤشر بتقييم أولوية اجتثاث العبودية الحديثة، والأساليب المتبعة لمواجهة المشكلة، وكيفية تطويرها بالنسبة لكل دولة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».