إدارة السجون الإسرائيلية منزعجة من الهالة الإعلامية للبرغوثي

عائلته قالت إن ترشيحه لجائزة نوبل للسلام أكبر مصدر قلق للسلطات

مروان البرغوثي
مروان البرغوثي
TT

إدارة السجون الإسرائيلية منزعجة من الهالة الإعلامية للبرغوثي

مروان البرغوثي
مروان البرغوثي

علمت «الشرق الأوسط»، أن السبب وراء النقل المفاجئ للقائد الفلسطيني الأسير، مروان البرغوثي، من سجنه هو عملية عقاب وانتقام نفذتها إدارة السجون الإسرائيلية من الأسرى، بسبب الاحتفالات التي أقاموها لدى استقبال قدومه من سجن آخر.
فقد كانت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، وافقت قبل شهر على نقل البرغوثي، من سجنه الأسبق إلى سجن «ريمون»، بناء على طلبه. فحين أدخلوه السجن، قبل 14 يوما، استقبل باحتفال ضخم كما لو أنه رئيس. وقد حذرت إدارة السجن من تكرار ذلك، فلم يرضخ الأسرى، وراحوا في كل يوم يحتفلون، فيحملونه على الأكتاف ويهتفون به ويلقون كلمات الترحيب، من ممثلي جميع الفصائل. وفي نهاية النهار، تتنافس الغرف على استضافته، علما بأن كل غرفة تنتمي إلى تنظيم مختلف (فتح، الجبهة الشعبية، حماس، الجهاد، الجبهة الديمقراطية، وهكذا..).
وقد أثار هذا التعامل غيظ إدارة السجون الإسرائيلية، فقررت إعادته إلى سجنه السابق «هداريم»، لكنها أخذته حاليا إلى محطة أخرى، ربما إلى سجن «جلبوع»، في مرج ابن عامر. المعروف أن البرغوثي، هو أحد أهم القادة الميدانيين في فلسطين ويعد من أكثرهم شعبية. وكانت سلطات الاحتلال قد اعتقلته في الخامس عشر من أبريل (نيسان) 2002؛ لدوره في قيادة الانتفاضة الثانية، واتهمته بالمسؤولية عن عشرات العمليات المسلحة ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، وحكمت عليه بالسجن 5 مؤبدات و40 عاما. وقد أمضى غالبية سنوات أسره عزلا انفراديا (زنزانة)، أو في عزل جماعي (حيث زج به داخل قسم العزل الجماعي في سجن «هداريم» ومنع من التنقل بين أقسام السجن والتواصل مع الأسرى الآخرين). وكثيرا ما تمت معاقبته بمزيد من العزل، عندما نجح في تسريب تصريح أو مقابلة صحافية، أو في إجراء مكالمة من داخل السجن مع رفاقه، أو حتى مع الصحافة.
ويعد البرغوثي صاحب مشروع وثيقة الوفاق الوطني، التي وضعت الأسس للمصالحة الفلسطينية، وكان نموذجا يحتذى للأسرى، في إصراره على التعليم طيلة وقت أسره؛ إذ حصل على شهادة الدكتوراه خلال وجوده في السجن. وقد أطلقت مؤخرا حملة لترشيحه لجائزة نوبل للسلام؛ وذلك تعزيزا ودعما للمبادرة التي أطلقها الأرجنتيني اسكيفيل، التي من خلالها رشح مروان البرغوثي لجائزة نوبل للسلام.
وقالت عائلة الأسير البرغوثي، أمس: «إن عزله مجددا يعود إلى انزعاج السلطات الإسرائيلية من الهالة العالمية التي تحيطه، ومن بوادر قبوله قائدا من مختلف التنظيمات». وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين في رام الله: إنها «تحمّل إسرائيل المسؤولية عما يتعرض له الأسير البرغوثي من انتهاكات تعسفية ومضايقات مستمرة». وقال وزير الأسرى السابق، ورئيس هيئة شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية، عيسى قراقع: إن «الجهات الإسرائيلية مغتاظة من الحملة العالمية لترشيح البرغوثي لجائزة نوبل، وبخاصة أن هذه الحملة بدأت تتفاعل مع انضمام برلمانات عربية وأوروبية للترشيح، علما بأن البرغوثي هو عضو المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب». وأضاف: أن «هذه الحملة تشكل إحراجا كبيرا لإسرائيل، واتساع الحملة، إلى جانب المبادرة الفرنسية - الأوروبية للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، تعزز القناعة لديها بأن البرغوثي سيشكل مصدر إزعاج أكبر مما كان عليه في الماضي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».