سوريا: داعش يحاصر بلدة مارع.. ويقترب من مدينة أعزاز

«أطباء بلا حدود»: 100 ألف مدني عالقون بين الحدود التركية ومناطق الاشتباكات

سوري يراقب آلية ترفع أنقاض بناية مهدمة في مدينة الباب القريبة من حلب (أ.ف.ب)
سوري يراقب آلية ترفع أنقاض بناية مهدمة في مدينة الباب القريبة من حلب (أ.ف.ب)
TT

سوريا: داعش يحاصر بلدة مارع.. ويقترب من مدينة أعزاز

سوري يراقب آلية ترفع أنقاض بناية مهدمة في مدينة الباب القريبة من حلب (أ.ف.ب)
سوري يراقب آلية ترفع أنقاض بناية مهدمة في مدينة الباب القريبة من حلب (أ.ف.ب)

اشتعلت جبهة ريف محافظة حلب الشمالي، في أقصى شمال سوريا، مجددًا، إثر مهاجمة تنظيم داعش الإرهابي المتطرف أمس مناطق خاضعة لنفوذ فصائل المعارضة المسلّحة، وسيطرته على عدد من القرى والبلدات المحيطة بمدينة مارع القريبة من الحدود التركية. ولقد تمكن التنظيم بهذا التقدم من قطع طرق الإمداد الواصلة بين مدينة أعزاز، وبلدة مارع ثاني أكبر المعاقل المتبقية للفصائل المعارضة في محافظة حلب. وفي هذه الأثناء حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، من أن «نحو مائة ألف مدني سوري عالقون بين الحدود التركية ومناطق الاشتباك بين الفصائل المقاتلة وتنظيم داعش في ريف حلب الشمالي».
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد أن مقاتلي التنظيم المتطرف «انتزعوا السيطرة على أراض من مقاتلين سوريين، في منطقة متاخمة للحدود مع تركيا، وباتوا قريبين من فرض حصار كامل على مارع التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة»، وأكد أن «المتشددين سيطروا على عدد من القرى حول مارع الواقعة شمالي حلب، وباتوا على وشك محاصرتها، وهذا التقدم جعلهم قريبين من مدينة أعزاز، التي تقع على بعد ستة كيلومترات من تركيا، وذلك بعد نحو عامين على إخراجه منها».
مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأميركيين والأكراد بدأوا حملة إعلامية بدل الحملة العسكرية على الرقة، وهو ما دفع التنظيم إلى المسارعة إلى السيطرة على مناطق في ريف حلب، تعوّض ما قد يخسره في الأيام المقبلة في الرقة». وأكد أن «داعش كان أرسل في نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، أكثر من 400 مقاتل إلى شمال حلب»، مشيرًا إلى أن «مساحة قرية واحدة من القرى التي احتلها التنظيم في ريف حلب الآن، توازي ضعفي ما خسره في محيط الرقة». وعزا عبد الرحمن عجز مقاتلي المعارضة عن وقف زحف «داعش» إلى «غياب الإمكانات التسليحية والغطاء الجوي اللازم». وتابع عبد الرحمن «لولا الدعم الجوي الذي يوفره التحالف الدولي للأكراد، لما استطاعوا أن يتقدموا مترًا واحدًا في محيط الرقة»، كاشفًا أن «داعش أرسل قبل أيام القائد العسكري الذي كان يدير معركة عين العرب (كوباني) من الرقة إلى المنطقة، وربما يسعى من خلال هذا التقدم في ريف حلب، لجرّ الأكراد إلى أعزاز، وفتح جبهة خلفية معهم تخفف الضغط عن الرقة». هذا، وكانت المعارك التي خاضها التنظيم مع فصائل المعارضة المسلّحة، أسفرت بحسب ناشطين، عن السيطرة على قرى طاطية وندة واليادودية وكلجبرين وإلى جانب مبنى البحوث العلمية بريف حلب الشمالي، وقد تسببت بحركة نزوح للأهالي باتجاه الحدود التركية.
من جهة ثانية، رأى عضو المجلس العسكري في «الجيش السوري الحرّ» أبو أحمد العاصمي، أن «المعركة التي يقوم بها الانفصاليون (الأكراد) بدعم من التحالف الدولي في محيط الرقة، تعود بنتائج إيجابية لصالح تنظيم داعش، وهذا ما يثبت زيف المعركة». وتساءل «لو كانت هناك معركة حقيقية في الرقة هل سيستطيع التنظيم أن يهاجم مارع ويطوّقها؟». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عزا العاصمي تقدم «داعش» إلى «غياب الغطاء الجوي لمقاتلي المعارضة، واستنادها إلى تغطية بسيطة من المدفعية التركية»، وأردف «إن إعلان معركة الرقة سينعكس لصالح التنظيم، لأن أهالي المنطقة لن يسمحوا بسيطرة الانفصاليين (القوات الكردية) عليها، لأن تجربتهم في الحسكة وعين العرب وغيرهما، أظهرت أن المقاتلين الأكراد أكثر دموية من داعش في القتل والمجازر»،. واعتبر أن «إطلاق يد هذا التنظيم في شمال حلب هو رسالة من التحالف إلى تركيا للضغط عليها».
كذلك شدد القيادي في «الجيش الحرّ» على أن «أكثر من يخدم «داعش» هم «الأميركيون والروس، فالقوات الأميركية تدعم معارك الأكراد الوهمية، بينما يتولى الروس قصف فصائل الثورة، ويتجنبون قصف تجمعات داعش التي لا تبعد أكثر من 500 متر عن مراكزنا». واستطرد أن «هدف الروس والأميركيين هو القضاء على التنظيمات التي تعمل على إسقاط بشار الأسد، ليبقى خيارهم بين داعش والأسد، لكن هذا كلّه لن يثنينا على إسقاط هذا النظام مهما طالت المعركة»، محذرًا من أن «ما يجري بوادر تقسيم بدأت ترسم القوتان العظميان حدوده في سوريا».
على صعيد آخر، أعربت منظمة «أطباء بلا حدود» في بيان لها عن «قلقها الشديد إزاء مصير ما يقدر بمائة ألف شخص عالقين بين الحدود التركية وخطوط الجبهات، بين تنظيم داعش وفصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي». وقال بابلو ماركو مدير عمليات المنظمة في الشرق الأوسط أمس الجمعة، بأن المنظمة «اضطرت إلى إجلاء معظم المرضى والطاقم الطبي من مستشفى السلامة، الذي نديره في شمال سوريا بعدما وصلت المعارك على بعد ثلاثة كيلومترات عنه». وأضاف: «مع اقتراب الاقتتال لن يكون أمام الناس أي مكان للفرار».
إلى ذلك، قال معارضون بأن مدنيين لقوا حتفهم وأصيب آخرون صباح أمس، جراء استهداف الطيران الحربي الروسي المخبز الآلي في مدينة حريتان الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف حلب الشمالي. وأعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن الطيران الحربي «شن أكثر من 12 غارة بالصواريخ الفراغية والعنقودية على حريتان، استهدفت ثلاث منها المخبز الآلي وسطها أثناء توزيع مادة الخبز، ما أدى إلى مقتل أكثر من عشرة مدنيين وإصابة العشرات بجروح، حالة بعضهم خطرة، إضافة إلى الأضرار المادية». كذلك استهدف الطيران الحربي النظامي والروسي بأكثر من 15 غارة قرية كفر حمرة الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف حلب الشمالي، أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين من عائلة واحدة، بينهم رضيع، وإصابة خمسة آخرين بجروح، حالة بعضهم خطرة، نقلوا إلى مشفى ميداني لتلقي العلاج.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.