أحداث بهرز تعيد {سيناريو} التهجير الطائفي بعد إحراق أربعة مساجد فيها

الصدر يتهم «ميليشيا الديكتاتور» .. و«العصائب» تنفي

عراقيون في موقع تفجير جسر المثنى على نهر دجلة شمال بغداد أمس (أ.ب)
عراقيون في موقع تفجير جسر المثنى على نهر دجلة شمال بغداد أمس (أ.ب)
TT

أحداث بهرز تعيد {سيناريو} التهجير الطائفي بعد إحراق أربعة مساجد فيها

عراقيون في موقع تفجير جسر المثنى على نهر دجلة شمال بغداد أمس (أ.ب)
عراقيون في موقع تفجير جسر المثنى على نهر دجلة شمال بغداد أمس (أ.ب)

نفت عصائب أهل الحق أن يكون لها دور في الأحداث الجارية حاليا في ناحية بهرز من محافظة ديالى وذلك على خلفية التدهور الأمني الخطير الذي تشهده الناحية منذ عدة أيام والتي شملت عمليات قتل وتهجير. وفي وقت اتهم فيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ما سماه «ميليشيا الديكتاتور» في إشارة إلى عصائب أهل الحق التي يشار إلى أنها مقربة من رئيس الوزراء نوري المالكي وائتلاف دولة القانون فقد نفى الناطق الرسمي باسم العصائب أحمد الكناني أي مسؤولية لهم فيما يجري هناك.
وقال الكناني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العصائب ليست ميليشيا حتى يجري اتهامها بذلك بل هي حركة سياسية ألقت سلاحها وانخرطت في العملية السياسية وإن كل من يطلق عليها ميليشيا يعرف قبل غيره ما هي مواصفات الميليشيا». وأضاف أن «هناك مسألة أخرى وهي أن إلصاق أي عمل بالعصائب وأنها موجودة في كل مكان إنما يعطيها ثقلا ومكانة أكبر من واقعها وأكبر مما هو منطقي ومعقول حيث إنه لو قلنا إن العصائب موجودة في محيط شيعي فيه حزب الدعوة والتيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي لقلنا إن هذا الأمر طبيعي لأنه جزء من حاضنة طبيعية ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا من أين تكتسب العصائب قوتها في منطقة سنية بالكامل مثل بهرز؟ وإذا كان هناك من وجود شيعي فيها فإنه لا يكاد يذكر».
وردا على سؤال بأن قوة العصائب هناك لا تجيء من وجودها على الأرض كواقع جغرافي بل من خلال نفوذها داخل الأجهزة الأمنية قال الكناني إن «هذا يعني أن العصائب تحولت إلى سوبرمان وهو أمر غير صحيح على الإطلاق وإن هذا الكلام يقصد منه الإساءة إلى الأجهزة الأمنية وعرقلة قيامها بدورها»، مشيرا إلى أن «أحداث بهرز واضحة وتتمثل بدخول داعش إليها وبالتالي فإنه من واجب الأجهزة الأمنية دخولها لتطهيرها من هذه التنظيمات الإرهابية علما أن هذه التنظيمات قادرة على خلط الأوراق والقيام بعمليات قتل بصرف النظر عن المكون لأن هدفها إحداث فتنة طائفية والدليل على ذلك ما يجري في الرمادي والفلوجة حيث المواطنون هناك يشكون من داعش وممارساتها ضدهم بينما الكثير من الأطراف السياسية ترفض ذلك وتنفي وجود داعش».
من جهته رفض زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر زج اسم تياره في أحداث ديالى. وقال في بيان له أمس إن «من يزج اسم الصدر في قضية ديالى هم اتباع الديكتاتور من الميليشيات الوقحة مستغلين بعض السذج والبسطاء وديالى وقعت بين فكي المتشددين وجهال الشيعة الذين ينتهكون حرمات المساجد ليزعزعوا الوحدة الإسلامية». مشيرا إلى أن «السني المعتدل والشيعي المنصف ضحية للأعمال الطفولية الهوجاء اللامسؤولة في ديالى». ودعا زعيم التيار الصدري من سماهم «أصحاب العقل والحكمة» إلى أن يحموا العراق و«لتكن المرحلة المقبلة مرحلة الصوت المعتدل ولا مكان للديكتاتورية الهوجاء».
في سياق ذلك أعلن محافظ ديالى السابق الذي لا يزال يعد نفسه المحافظ الشرعي عمر الحميري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «من الضروري ألا يجري التغاضي عن معاقبة ومحاسبة المسؤولين عن إحداث خرق في الوحدة الوطنية والتعايش السلمي في ديالى». وأضاف أنه تبنى «إعادة إعمار المساجد التي دمرت وأحرقت داخل ناحية بهرز في الأحداث الأخيرة وعددها أربعة مساجد والتي جرى استهدافها من قبل الميليشيات الطائفية من خلال الحرق والتدمير في جريمة مروعة بكل المقاييس».
ودعا الحميري إلى «فتح تحقيق جاد ومسؤول فيما يجري حتى لا يتكرر مثل هذا الأمر الذي من شأنه تهديد الوحدة الوطنية بين أبناء المحافظة».
من جهته طالب ائتلاف «متحدون» بفتح تحقيق برلماني في الأحداث والاشتباكات التي شهدتها ناحية بهرز في محافظة ديالى. وقال الناطق باسم الائتلاف ظافر العاني في مؤتمر صحافي أمس إن «ائتلاف متحدون يحمل القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي مسؤولية الحفاظ على أمن المواطن في أي بقعة من العراق». ودعا العاني «الكتل السياسية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية لتدارك ما يجري ضد أهل السنة كونه يهدد وحدة العراق».
وتعيد أحداث ديالى الأخيرة سيناريو عمليات التهجير القسري التي حصلت العام الماضي في أنحاء مختلفة من محافظة ديالى في المقدمة منها المقدادية والسعدية في أخطر عملية تهجير منذ عام 2006 - 2008 أثناء الحرب الأهلية آنذاك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».