تعيين الممثل محمود حميدة كرئيس شرفي لمهرجان القاهرة كسب للممثل وكسب للمهرجان في وقت واحد.
ففي منتصف الأسبوع الماضي صدر قرار من وزارة الثقافة المصرية بإحلال بطل «فارس المدينة» وأكثر من 60 فيلمًا آخر، رئيسًا شرفيًا للمهرجان المصري العريق، وذلك بدءًا من هذا العام الذي يشهد انطلاقة الدورة السابعة والثلاثين في الشهر الحادي عشر من هذا الشهر.
الكسب مزدوج لأن محمود حميدة بقي، لأكثر من 40 سنة منذ انطلاقته، مثالاً للممثل الذي لا يتوقف عن السعي لاستكمال ثقافته الفنية، مما جعله أكثر من مجرد ممثل وصاحب وجه وحضور لامعين في السينما المصرية. من الناحية المقابلة هو كسب له شخصيًا يضيفه على قائمة طويلة من الإنجازات داخل خانة التمثيل وخارجها.
يكفيه، في هذا المجال، قيامه في منتصف التسعينات، بمحاولتين تبرهنان عن مدى جديّته بالنسبة لمهنته كممثل ودوره كمثقف.
في عام 1996 قام بتأسيس ما سمّاه بـ«استوديو الممثل». لم يُخفِ تأثره بما سبقه إليه فنانو التمثيل في نيويورك. وجد أن هناك حاجة كبيرة لمثل هذا الاستوديو الذي لا يقوم على مجرد فكرة تدريب الموهوبين على التمثيل، بل يتعدى ذلك - على أهميته إلى تأهيلهم ليكونوا أقدر مما يتوخون. بذلك، أكد على جانب مخفي في حياة الممثل العربي وهو الثقافة الفنية بما فيها من إلمام بالمدارس والاتجاهات وبإشراك الخلفية البيئية والثقافية والاجتماعية للممثل لكي تدخل في صميم تشخيصه لما يقوم بأدائه.
بعد عام واحد، بدأ مغامرة أخرى. التفت، كما فعلنا جميعًا، لافتقار السينما لمجلة جادة عنها. كان يدرك أن عددًا لا بأس به من المجلات السينمائية صدر (في مصر ولبنان وتونس والمغرب ودمشق) ومعظمها أغلق أبوابه. ربما لاح له أن مصير مجلته التي سمّاها «الفن السابع» سيكون مشابهًا، لكنه فعل كما فعل مصمم السيارات فرنسيس تاكر الذي قام في الخمسينات بتصميم 50 سيارة سابقة لعصرها باع منها سيارتين أو ثلاث سيارات فقط وحين جاءه من يعزيه بالخسارة قال له: «لا. قل إنني نجحت في صنع خمسين سيارة».
محمود حميدة أدرك حينها أن مجلته مغامرة لكنها تستحق أن تُخاض ولو أن إيقافها بعد أكثر من سنة لم يتم بسبب فشلها بل بسبب تعقيدات إدارية جعلت التكلفة تتعالى لأكثر ما يستطيع الإنفاق.
قبل كل ذلك، وعلى نحو مستحق، اكتسب حميدة موقعًا مهمّا في التمثيل حتى من قبل أن يظهر في دور البطولة في فيلم المخرج محمد خان «فارس المدينة» سنة 1993. بطولته لذلك الفيلم، في دور ما زال من أهم ما طبع على الشاشة من أدواره، كان أكثر من إعلان مولد بطل سينمائي، إذ كان أساسًا إعلانًا عن قدرة هذا الممثل الجاد والموهوب (بالإضافة إلى وسامته) على حمل فيلم على كتفيه.
حقيقة أن الفيلم لفارس آخر في السينما المصرية، أنجز الكثير لهوية الفيلم المستقل لجيل خان وحميدة بأسره.
أخيرا هو في «نوارة» لهالة خليل. منّة شلبي هي بطلة الفيلم الذي يحمل اسم شخصيتها كما يدور عنها. هو السياسي ورجل الأعمال الذي بنى ثروته من وراء مصالحه الذاتية والذي يرى أن ثورة 2010 ستفشل، كما الثورات السابقة. يحمل حميدة للفيلم البعد التام عن الشخصية النمطية لذلك الرجل ومن دون جهد بيّن، يستولي على كل مشهد يظهر فيه حتى ليكاد يكون الفيلم نفسه.
في الصورة: محمود حميدة رئيس مهرجان القاهرة الشرفي له «سوابق» ثقافية رائعة
في الصورة: محمود حميدة رئيس مهرجان القاهرة الشرفي له «سوابق» ثقافية رائعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة