التحالف العوني ـ القواتي بمواجهة المسيحيين المستقلين شمال لبنان

بطرس حرب: نظرية تمثيلهم 86 % سقطت والأكثرية ليست معهم

التحالف العوني ـ القواتي بمواجهة المسيحيين المستقلين شمال لبنان
TT

التحالف العوني ـ القواتي بمواجهة المسيحيين المستقلين شمال لبنان

التحالف العوني ـ القواتي بمواجهة المسيحيين المستقلين شمال لبنان

تستضيف محافظة لبنان الشمالي، يوم الأحد المقبل، الجولة الرابعة، الأخيرة من الانتخابات البلدية، ولعل التناقضات التي طبعت الجولات السابقة عبر التحالفات غير المنطقية بين الأحزاب المتصارعة سياسيا قد لا تنسحب بشكل كبير على مدن وبلدات الشمال، حيث تتركز المواجهات بين التحالف العوني - القواتي والمسيحيين المستقلين من جهة، كما بين حليفي الأمس النائبين ميشال عون وسليمان فرنجية، وبين الفعاليات السنية الأساسية في مدينة طرابلس بمواجهة وزير العدل المستقيل أشرف ريفي والنائب السابق مصباح الأحدب.
ويختبر التحالف العوني - القواتي الحديث الولادة مجددا فعاليته وقدرته على الحشد الشعبي، الأحد، بعدما اهتز في الجولات السابقة في عدد من المناطق، فخسر مثلا في مواجهة حزب «الكتائب اللبنانية» في منطقة سن الفيل في جبل لبنان، كما أوشك أن يتداعى على خلفية معركة جونية. وتتركز معارك هذا التحالف بشكل خاص في بلدة القبيات في عكار، كما في بلدة تنورين، حيث يخوض المواجهة الحزبية بوجه العائلات وفعاليات البلدتين المذكورتين.
ففي تنورين، مسقط رأس وزير الاتصالات بطرس حرب وأحد القيادات المسيحية الأساسية في قوى 14 آذار، حيث سيقترع نحو 12 ألف ناخب لصالح 18 عضوا بلديا، تتنافس لائحتان أساسيتان، الأولى تحمل اسم «تنورين بتجمعنا»، بدعم من العونيين والقواتيين برئاسة العميد أيوب حرب، والثانية لائحة «قرار تنورين» المدعومة من الوزير حرب، برئاسة بهاء حرب، بحيث تبدو المعركة هناك أشبه بمعركة بين عائلات البلدة بوجه أحزابها.
وفي هذا السياق، أكّد الوزير حرب أن «الرأي العام في تنورين يتجه للتصويت بما يضمن المحافظة على قراره بوجه محاولة الأحزاب فرض من يمثله في المجلس البلدي»، مشددا على أن «أكثرية كبيرة من أهالي البلدة ضد التحالف العوني - القواتي وخياراته». وعد حرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، النتائج التي حققها هذا التحالف في الجولات السابقة من الانتخابات البلدية «أسقطت نظرية تمثيله لـ86 في المائة من المسيحيين»، لافتا إلى أن «تجربة زحلة أكبر دليل، باعتبار أننا إذا جمعنا الأصوات التي نالتها اللائحة المدعومة من أرملة الوزير الراحل إلياس سكاف، ميريام سكاف، والنائب نقولا فتوش، يتبين أنّهما يمثلان الثلثين مقابل تمثل الأحزاب مجتمعة بالثلث فقط». وأضاف: «لا شك أن هذا التحالف يمثل قوة سياسية أساسية لكنّه من دون شك ليس معضلة كما يتم تصويره»، مشددا على أن «أكثرية المسيحيين ليست مع (القوات) و(التيار) إنما مع غير الحزبيين». أما في بلدة القبيات، مسقط رأس النائب في تيار «المستقبل» هادي حبيش والوزير السابق مخايل الضاهر، فتتنافس لائحة «القبيّات بتقرّر» التي يدعمانها إلى جانب حزب «الكتائب اللبنانية»، مع لائحة «أهل القبيّات» المدعومة من تحالف «التيار - القوّات». وقد انقلب مشهد التحالفات في البلدة رأسا على عقب، مقارنة مع المشهد الذي كان قائما قبل 6 سنوات، حين كانت «القوات» إلى جانب النائب حبيش بوجه تحالف «التيار» و«الكتائب» والضاهر، لتصبح اليوم إلى جانب «التيار» ضد نائب تيار «المستقبل».
وعد مستشار رئيس حزب «القوات»، العميد المتقاعد وهبة قاطيشا، أن المعركة في القبيات وتنورين على حد سواء هي «معركة بين المشايخ بوجه أولاد البلدات»، لافتا إلى أن المشايخ يتمثلون بالنائب حبيش، والوزير حرب وآل الجميل «وبالتالي أبناء تنورين والقبيات سيقولون كلمتهم الأحد بوجه هؤلاء وإنه حان الوقت ليتسلموا شؤون بلداتهم». وقال قاطيشا لـ«الشرق الأوسط»: «التحالف العوني - القواتي غير فاعل أو موجود في الشمال في المدن الكبرى، لكنّه لا شك ناشط في بلدات ذات رمزية»، مشددا على أن «الاختلاف أو المواجهة البلدية بين الحزبين في مناطق أخرى لا يؤثران على التحالف السياسي الأكبر».
ورد قاطيشا على المشككين بتمثيل القوات والتيار لـ86 في المائة من المسحيين بناء على نتائج الانتخابات البلدية، لافتا إلى أنّهما «يمثلان 90 في المائة ولكن ليس حين ندخل بتفاصيل القرى والبلدات». وأضاف: «لا شك أن الانتخابات النيابية المقبلة ستُظهر حقيقة النسب التي نتحدث عنها، مع علمنا أن هناك من سيحاول جاهدا لإفشال التحالف».
ولا تقتصر المواجهة الشمالية على التحالف العوني - القواتي والمسيحيين المستقلين، بل تشمل أيضا رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الذي يتواجه مع حليفه السابق النائب ميشال عون بمسعى لإظهار حيثيته الشعبية التي يعوّل عليها عنصرا إضافيا يدعمه في معركته الرئاسية. ففي قضاء الكورة الذي يضم نحو 34 مجلسًا بلديًا، تحتدم المواجهة بين حزبي «القوات اللبنانية» و«السوري القومي الاجتماعي» كما بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المردة»، بالإضافة إلى تيار «المستقبل» ونائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري. ولعل أبرز ما يُمكن استخلاصه من مشهد التحالفات القائم في القضاء المذكور، انفصال القواتيين عن العونيين لتفادي التواجد على لوائح موحدة مع القوميين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.