إذابة الخلافات اليمنية تحت قبة «قصر بيان» الكويتي

صلوات جماعية «من أجل اليمن»

إذابة الخلافات اليمنية تحت قبة «قصر بيان» الكويتي
TT

إذابة الخلافات اليمنية تحت قبة «قصر بيان» الكويتي

إذابة الخلافات اليمنية تحت قبة «قصر بيان» الكويتي

أذابت المشاورات المنعقدة في الكويت، على مدار 40 يوما متتالية، شيئا من الخلاف والفتور بين طرفي النزاع اليمني، ممثلا في وفد الحكومة اليمنية المشارك في الكويت، وطرفي العملية الانقلابية على الشرعية «الحوثيين - صالح»، وإن كان ما يظهر أمام عدسات التصوير ومراسلي وسائل الإعلام في بهو الفندق الكويتي الفاخر، حيث ينزل الخصوم اليمنيين، يخالف تماما ما تلتقطه العين المجردة.
لا توجد صورة يمكن الارتكاز عليها لتوصيف ما يجري تحت قبة فندق «قصر بيان»، الذي يعد أبرز الإنجازات العمرانية في دولة الكويت، والذي لا يزال يستضيف، بعد أكثر من 40 يوما، الخصمين في مباحثات السلام اليمنية اليمنية. وفد الحكومة الشرعية اليمنية يسعى دائما إلى إيضاح الصورة الكاملة لممثل وفد «الحوثيين - صالح»، وإلى أين تتجه بلادهم نتيجة هذه الأعمال العسكرية، إذ يقوم باستغلال أي فرصة للتعريف بهذه المخاطر. وهنا، يحاول الوفد أن يلجأ إلى اللمسات الإنسانية، بعيدا عن الخطابات والخطوط السياسية المعروفة لدى الطرفين.
ووفقا لمصادر خاصة، لم يرفض وفد الحكومة لقاء الطرف الآخر، لو أيقن أهمية الاتفاق، أو عرض ما لديه من تحفظ أو مقترحات. وهذا النوع من اللقاءات لم يكن مقرونا بموعد الجلسات التي ترعاها الأمم المتحدة والدول الـ18، وهو ما يرصد في أثناء تجول أعضاء الوفود في ممرات القصر الذي تبلغ مساحته قرابة 1.39 مليون متر مربع. فهناك كثير من المشاهد التي تختلف كثيرا عن الصورة التي تدل على أن الفجوة الشخصية والخلافات الجانبية قابعة في مكان ما. وتضيف هذه المصادر المقربة من الجلسات التي تعقد في «قصر بيان»، الذي يعد المقر الرئيسي للمؤتمرات الدولية التي تشهدها دولة الكويت، أنه خلال وجوده في القصر الذي يقطن فيه وفدا الحكومة والحوثيين - صالح، لم يسجل أي خلاف وقع أثناء وجودهم خارج القاعة المخصصة للاجتماعات مع ممثل الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، وأنه طيلة الفترة الماضية التي تجاوزت 40 يوما كانت الأمور تسير بشكل سلس ورحب بين أعضاء الوفدين.
وأشار المصدر، في أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه في الأيام التي توقفت فيها الجلسات، بسبب تعليق وفد الحكومة المشاورات لعدم التوقيع على المذكرة التي تشمل النقاط الـ6، والمرجعيات الثلاث، كانت الأوضاع غير مشحونة كما يعتقد الكثير، بل إن كثيرا من أعضاء الوفد الحكومي كان يعمل إلى إرسال رسائل متعددة ومتنوعة، أثناء لقائهم في أحد الممرات بالطرف الآخر، حول المخاطر المرتقبة من بقاء الحوثيين تحت عباءة الإيرانيين الذين لا يبحثون إلا عن مصالحهم.
ومنذ أن انطلقت المشاورات، كان وفد الحكومة خلال وجوده في قصر بيان الذي يتكون من مبنى قاعة المؤتمرات والخيمة الأميرية وستة مجمعات (يتكون كل مجمع من ثلاثة مبانٍ بمجموع 18 مبنى)، يطرح وجهة نظره في الجلسات المخصصة للاستراحة، وتدور فيها بعض الأحاديث لكسر الخلاف السياسي، والبقاء على الوطنية، مؤكدا أنه وفي أسوأ الأحوال بين عضو وآخر يلقيان بالتحية على بعضهما.
ومن أبرز اللقطات التي رصدها المصدر أن وزير الخارجية عبد الملك المخلافي، قدم إلى الخيمة التي كان فيها وفد الحوثيين، وخطب في الموجودين داخل الخيمة، بشكل جميل ومهذب، وحثهم على دفع العملية السلمية، ومساعدة البلاد للخروج من أزمتها، وأن لا يكونون أداة في أيدي من يسعى لتخريب البلاد، موضحا أن كثيرا من المشاهد التي ترصد في هذا الاتجاه من قبل وفد الحكومة الذي أثبت مرونته في الفترة الماضية لمحاورة الطرف الآخر.
وقال المصدر إن من أكبر المشاهد التي تعكس أن الحكومة تعمد إلى استمالة الطرف الآخر إلى جانب الشعب والشرعية، حرصها على الصلاة جماعة مع وفدي الانقلابيين، ويعقب الصلاة حديث جانبي، الأمر الذي قد ينعكس ويثمر عن انفراج كبير لهذه الأزمة في الأيام المقبلة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.