حتى وقت متأخر من ليل أمس، كانت الأنظار في اليونان وخارجها تترقب نتائج جلسة البرلمان المنعقدة في العاصمة أثينا، والتي سيترتب على إثرها إما الموافقة، وهو الأكثر احتمالية، أو رفض تبني إجراءات تقشف جديدة في مقابل الحصول على دفعة جديدة من قرض مالي تضع الإدارة اليونانية أملها عليه للخروج من عثرتها الاقتصادية التي طال أمدها.
ويطالب الدائنون الرئيسيون لليونان، والذين يتمثلون في المفوضية الأوروبية والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، السلطات اليونانية بإثبات الجدية عبر إقرار المزيد من إجراءات التقشف الصارمة؛ وذلك شرط استباقي من أجل الموافقة على منحها دفعة جديدة من القروض. وبينما يجتمع النواب داخل البرلمان، والذي عادة ما يشهد حالة كبيرة من الجدل وساعات طويلة من النقاش الحاد للمصادقة على إجراءات التقشف المتوالية، وبالفعل مرر آخر هذه الإجراءات قبل أيام بهامش بسيط.. بدأ المتظاهرون اليونانيون في التجمهر خارج المبنى، احتجاجا على ما يقولون: إنه «مصادرة لحقوقهم» من قبل البرلمان والحكومة، اللذين يشددان من التقشف الذي لا يحظى بشعبية تذكر، وفقا لقادة المظاهرات، وأغلبهم من الاتحادات المستقلة.
وقبل جلسة الأمس، كان من المتوقع وفقا لوسائل الإعلام اليونانية، أن يجري التصديق على مشروع القانون الذي يحدد «آلية تصحيح تلقائي في حال عجز الموازنة»، وإجراءات إضافية لتسريع عمليات الخصخصة، وزيادة الرسوم غير المباشرة.
وكانت لجنة برلمانية أقرت الجمعة النص، وهو في سبعة آلاف صفحة، بأصوات الغالبية الحكومية التي تضم حزب سيريزا اليساري بقيادة رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس وحزب أنيل السيادي الصغير.
وتأمل الحكومة في أن يسمح تبني هذه الإجراءات الصارمة باستئناف خطة المساعدة التي منحتها منطقة اليورو الصيف الماضي إلى اليونان، لكنها متوقفة منذ أشهر.
وتنتظر أثينا من دائنيها أن يفرجوا غدا الثلاثاء عن نحو 5.4 مليارات يورو (نحو 6 مليارات دولار)، وأن يخففوا من الديون الهائلة التي تمثل نحو 180 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد.
وكان وزراء مالية مجموعة اليورو الذين اجتمعوا في التاسع من مايو (أيار) الحالي، مهدوا الطريق في هذا الاتجاه. وكثف صندوق النقد الدولي الخميس الماضي الضغوط على الأوروبيين، حيث طالبهم بمنح اليونان «فترة سماح طويلة».
لكن ألمانيا ما زالت مترددة، وحذرت من أن أي تخفيف للديون لا يمكن أن يبدأ قبل مطلع عام 2018، أي مع انتهاء برنامج المساعدة الحالي.. لكن خصوصا بعد الانتخابات التشريعية الألمانية في عام 2017.
ومن أجل انتزاع ضوء أخضر من اجتماع التاسع من مايو، وتسوية الخلافات بين صندوق النقد الدولي ومنطقة اليورو، اضطرت اليونان إلى التعهد باتخاذ إجراءات إضافية في حال خرجت عن هدف فائض أولي (من دون خدمة الدين) بنسبة 3.5 في المائة في عام 2018.
وإقامة هذه «الآلية التلقائية لتصحيح الموازنة»، التي يسميها اليونانيون «كوفتيس» (مشرط قاطع)، واردة في تعديل لمشروع القانون. وسيتم تشغيلها كل سنة حتى 2018 إذا سجلت فوارق موازنة في الربيع، ولم تتخذ وزارة المالية مبادرة اقتطاعات محددة الأهداف، لكنها لن تطال المساعدات الاجتماعية، كما تؤكد الوزارة.
كما ينص مشروع القانون على إقامة سلطة مستقلة للعائدات العامة لمكافحة الاحتيال والتهرب الضريبي، ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة على مجموعة من السلع نقطة واحدة إلى 24 في المائة، وفرض «رسم إقامة» على قطاع الفنادق ابتداءً من 2018، وإنشاء صندوق للخصخصة من أجل تسريع نقل الموجودات العامة وتحفيز استثمارها.
والصندوق الذي يحمل اسم شركة المساهمات العامة، طالبت به برلين من قبل خلال المواجهة التي سبقت إبرام اتفاق جديد في يوليو (تموز) الماضي بين أثينا ودائنيها، الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وذلك تجنبا لإفلاس البلاد وخروجها من منطقة اليورو.
ورغم الاستياء الشعبي المتصاعد وتحذيرات عدد كبير من الاقتصاديين من أن هذه الإجراءات قد تزيد من انكماش الاقتصاد، حصلت الحكومة في 9 مايو الماضي على أصوات 153 نائبا من أصل 300 في البرلمان، لتبني إصلاحين مؤلمين لنظام التقاعد وضريبة الدخل، يطالب بهما الدائنون أيضا.
وحملت الصحف أمس بعنف على عدم وجود ضمانة من الأوروبيين لتخفيف الديون اليونانية مقابل هذه الإجراءات التقشفية الجديدة.
توقعات بمصادقة برلمان اليونان على «مزيد من التقشف»
استمرار الاحتجاجات الشعبية على الإجراءات المؤلمة دون ضمانات أوروبية
توقعات بمصادقة برلمان اليونان على «مزيد من التقشف»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة