هادي يدعو إلى التمسك بـ«اليمن الاتحادي».. ويحذر من «الفوضى»

اتهم صالح بتحويله إلى إقطاعية والحوثي بالسعي لنقل «التجربة الإيرانية الخمينية»

الرئيس عبد ربه منصور هادي مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني (سبأ نت)
الرئيس عبد ربه منصور هادي مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني (سبأ نت)
TT

هادي يدعو إلى التمسك بـ«اليمن الاتحادي».. ويحذر من «الفوضى»

الرئيس عبد ربه منصور هادي مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني (سبأ نت)
الرئيس عبد ربه منصور هادي مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني (سبأ نت)

قال الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي إن تحالف الانقلابيين (الحوثي – صالح) ما زال مصرا على رفض مسار السلام العادل والدائم، في المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة في دولة الكويت منذ قرابة شهر. وأكد هادي أن الحكومة اليمنية الشرعية شاركت في المشاورات بهدف «إنهاء الانقلاب وإحلال السلام وإيقاف نزيف الدم اليمني الغالي ووقف الدمار والآلام والمآسي».
وأضاف هادي مخاطبا الشعب اليمني في الذكرى الـ26 لقيام الوحدة اليمنية: «لقد قدمنا التنازلات من أجلكم، صبرنا وتحملنا أمام اللامبالاة التي يمارسها الانقلابيون، قدمنا المرونة الكاملة باعتبارنا مسؤولين نشعر بمسؤوليتنا عنكم، والعالم كله يشهد لنا بذلك، البعيد قبل القريب والعدو قبل الصديق».
وأكد أن الانقلابيين وميليشياتهم «لا همّ لهم إلا السلطة ليحكموا هذا الشعب العظيم المقاوم الأبي»، وأنهم لا يريدون سوى بناء «تجربتهم الإيرانية الجديدة عبر شرعنة ابتلاع الدولة ونهبهم لمؤسساتها وجهازها المدني والعسكري، يريدون أن يقزموا هذا البلد الشامخ بشموخ أهله والعزيز بعزتهم ليتحكم فيه مخلوع (صالح) في المخبأ ومراهق (الحوثي) مطارد في الكهف وبرفقته مدرسيه الإيرانيين يلقنونه تجربتهم الإيرانية».
وتحدث الرئيس اليمني، في خطابه عن الوحدة اليمنية في ذكراها، وقال: إنه تم الغدر بتلك الوحدة، التي قامت بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي في 22 مايو (أيار) عام 1990. من قبل «أولئك الذين حاولوا استثمارها لتثبيت مجد مزيف وعظمة لم تكن لائقة بهم ولا تصلح لتكون في قاموسهم المليء بالمكر والخديعة والزيف، فعملوا على تحويل الجمهورية اليمنية العظيمة الممتدة على مساحة شاسعة إلى ضيعة لهم ولعائلتهم يأكلون خيراتها ويرمون بالفتات لسائر أبناء الشعب اليمني العظيم».
وتطرق هادي إلى الجهود التي بذلت والتحركات من أجل تصحيح مسار الوحدة اليمنية، وضرب مثالا على ذلك «الحراك الجنوبي». وقال هادي إن ذكرى الوحدة اليمنية هذا العام تأتي «في ظل ظروف مصيرية بالغة التعقيد تشهدُها اليمن، ومخاض وطني كبير وصعب، فرضته تحديات انقلاب ميليشيات الحوثي وصالح على الدولة والمجتمع والسلطة الشرعية وحروبها العبثية ضد الشعب اليمني شمالاً وجنوبًا، في محاولة منها لنسف كل الجهود التي بذلت لتصحيح مسار الوحدة ومعالجة السلبيات والمظالم السابقة التي كان لها أثرها الواضح في تصدع وتشقق هذا المنجز الوطني الكبير».
وشدد الرئيس هادي على أن اليمن الاتحادي هو المخرج الوحيد لمشاكل اليمن والذي سينهي بطش القوى المتنفذة في اليمن والتي تسعى إلى السيطرة والتحكم باليمن بكامله، وقال: إن «اليمن الاتحادي الذي أنتجته مخرجات الحوار الوطني يمثل المحطة الأهم في مسار الوحدة اليمنية ويؤسس لوحدة مستدامة قائمة على أساس من العدالة والشراكة وضمان الحقوق ومنيعة من أي شخصنة أو استئثار أو مصادرة أو إقصاء، فهي نتاج إجماع يمني شاهده العالم كله وراقب الحكمة اليمنية في أبهى تجلياتها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل». وأردف أن «مسودة دستور الوحدة الجديدة التي انبثقت عن مخرجات مؤتمر الحوار قد أسست لدولة اتحادية أساسها العدل والإنصاف لكل أبناء اليمن من أقصاه إلى أقصاه»، وأكد أن «الانقلاب والتمرد الذي قادته ميليشيات الحوثي وصالح لم يقم إلا للانقلاب عليها وعليكم وعلى حلمكم بالعدالة وعلى مبدأ الشراكة في السلطة والثروة». وأكد أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل جاءت لـ«تضع الحد الفاصل بين وحدة الشعب ووحدة الأشخاص الباحثين عن المجد المزيف، وصاغت نموذجًا راقيًا يضمن بقاء الوحدة ويزيل التشوه الذي لصق بها جراء المتسلقين على نضالات شعب كامل».
ودعا هادي اليمنيين إلى عدم الانجرار إلى «الفتن المناطقية والمذهبية التي يحاولون زرعها بإيعاز من دول خارجية لا تريد إلا تدمير اليمن وإخضاع شعبه العزيز وبقاء مراكزها التقليدية، لكنهم واهمون فالشعب قد شب عن طوَق المركزية القاتلة والتبعية المقيتة، وسيدافع عن مشروعه العادل لتوزيع السلطة والثروة والشراكة، وأدعوكم كافة يا أبناء شعبنا اليمني بالتمسك بمخرجات الحوار الوطني وتطبيق مخرجاته واقعًا على الأرض».
وحذر الرئيس اليمني في ذكرى الوحدة من أن البديل ليمن اتحادي هو «الفوضى في مواجهة عصابة انقلابية غير عابئة بحال المواطنين وما آلت إليه البلاد ولا تريد إلا نقل مشروعها الخميني المتناقض دينيا وثقافيا وسياسيا مع مشروع شعبنا الاتحادي الجديد»، مشدد على أن «الانقلاب على الشرعية ومصادرة الدولة بالقوة والقهر والإكراه وتعطيل المسار السياسي الانتقالي وإنهاء الحالة السياسية التي اقترحتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومحاولة فرض نظام حكم شمولي متخلف يعتمد القوة والبطش شعارًا وحيدًا له، ويحتكم إلى خلفيات ثقافية وفكرية بعيدة عن المدنية والديمقراطية وحقوق الإنسان يجعل من اليمن الاتحادي خيارًا لا بديلا»، و«يشكل ضمانًا حقيقيا لأمن أشقائنا الذين بذلوا مع اليمن كل غال ورخيص في سبيل الحفاظ على الوطن أرضا وإنسانا وقيادة وشرعية وكانت تفعل ذلك ببصيرة ثاقبة وحكمة بالغة».
واستعرض الخطاب ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في اليمن جراء الانقلاب، وقال: «إن الأسف والألم يعتصرنا ونحن نشاهد اليوم ما تسبب به انقلاب الحوثي وصالح من ظروف قاسية يعيشها الشعب اليمني، ومن قتل وتدمير وحصار خانق للمدن وعلى رأسها تعز الأبية حاملة المشروع الوطني عبر التاريخ، ومن انهيار للاقتصاد الوطني وتدهور للعملة الوطنية جراء العبث بالاحتياطي النقدي واستهلاك أكثر من 4 مليارات دولار من قبل تلك الميليشيات في حربها عليكم، وكذلك من سياسات الإفقار للشعب وسياسات السوق السوداء وإنهاك المجتمع بالحروب والحصار»، وأضاف: «إنني أشعر بالحزن حين أرى شعبنا العظيم يجني حماقات المراهقين والطائشين، ويتجرع نتائج عبثهم». وذكر هادي بمبررات الحوثيين «الواهية في اقتحام العاصمة صنعاء والسيطرة على مؤسسات الدولة كاملة وإحكام انقلابهم وحجتهم تخفيض ألف ريال في المشتقات النفطية وإذا بهم يتحولون إلى سماسرة في السوق السوداء وتجار للحروب»، مشيرا إلى أن الانقلاب في اليمن ساهم «في تفشي ظاهرة الإرهاب والعنف ووسع دائرة الفوضى وتحولت أجزاء من البلاد إلى مسرح للإرهاب مما دفعنا وبالتنسيق مع إخوتنا في التحالف العربي بتنظيم حملة لاجتثاث الإرهاب كللت بفضل الله بالنجاح وسنستمر في مكافحة الإرهاب ومحاصرته أينما وجد».
ورغم حديث هادي وتحذيراته من الفوضى، فإنه أكد للشعب اليمني «أننا سنعبر هذا الطريق إلى نهايته، إلى مستقبل أكثر قوة وأمنًا ورخاء بتعاون أشقائنا وجيراننا وحلفائنا، وسيعود اليمن مجيدًا وخالدًا وعظيمًا كما كان أبدا»، وأضاف: «دعوني هنا أسجل شكرنا وتقديرنا وعرفاننا إلى كافة دول التحالف العربي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية بقيادة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ودولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على ما قدموه ويقدمونه للشعب اليمني الذي لن ينسى لهم هذا الصنيع أبدا». كما شكر دولة الكويت والأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».