اقتراب انطلاق عمليات «قوات سوريا» في الرقة و«التحالف» يدعو الأهالي لمغادرتها

متخوفون من سيطرة الأكراد و«داعش» يمنعهم من الخروج.. والمتحدث باسم «القوات»: المعركة ستكون «شرسة»

مركز محصن لتنظيم داعش في منطقة {تل أبيض} في الرقة (رويترز)
مركز محصن لتنظيم داعش في منطقة {تل أبيض} في الرقة (رويترز)
TT

اقتراب انطلاق عمليات «قوات سوريا» في الرقة و«التحالف» يدعو الأهالي لمغادرتها

مركز محصن لتنظيم داعش في منطقة {تل أبيض} في الرقة (رويترز)
مركز محصن لتنظيم داعش في منطقة {تل أبيض} في الرقة (رويترز)

في خطوة هي الأولى من نوعها ألقت طائرات التحالف الدولي منشورات على مدينة الرقة، معقل «داعش»، في وسط سوريا، طالبت فيها المدنيين الخروج من المدينة ما أدى إلى استنفار في صفوف عناصر التنظيم. ومن جهة ثانية، نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن مصادر قولها أن ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ستبدأ حملتها العسكرية باتجاه الرقة خلال الساعات القادمة، وهو الأمر الذي رفض طلال سلو، المتحدث باسم القوات نفيه أو تأكيده، مكتفيا بالقول لـ«الشرق الأوسط» أنّه يجري التحضير لإطلاق حملة واسعة ضد تنظيم داعش، قد تكون الرقة أو دير الزور أو ريف حلب الشمالي». وفي حين قال سلو «لا يمكن الإعلان عن هدفنا المقبل»، فإنه لم ينف أن معركة الرقة ليست كأي معركة مع التنظيم، فهي وفق وصفه: «ستكون «شرسة» لأهمية هذه المنطقة التي تعتبر عاصمة (داعش) و(شريان الحياة) بالنسبة إليه، وبالتالي تتطلب المواجهة فيها تحضيرات واستعدادات دقيقة وكبيرة». ولفت إلى أن أي حملة ستقوم بها القوات ستكون بالتنسيق مع التحالف، لكنه نفى علاقة هذه القوات بالمنشورات التي ألقيت يوم أمس، مضيفا: «التحالف يلجأ بشكل دائم إلى أساليب الدعاية ضدّ التنظيم لخلق نوع من البلبلة في صفوفه».
«سبوتنيك» كانت قد نقلت عن ما قالت شخصيات مقربة في ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» - ذات الغالبية الكردية - بمدينة عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشمالي الشرقي: أن حملة عسكرية كبيرة باتجاه مدينة الرقة ستبدأ خلال الساعات القادمة. وأكدت أنها بدأت أخيرا بحشد قواتها في بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، تحضيرًا للحملة القادمة، التي ستكون بدعم مباشر من طيران «التحالف الدولي». وتحدثت المصادر نفسها عن لقاء جمع خلال الأيام الماضية رئيس الاتحاد الديمقراطي (الكردي) صالح مسلم، بوفد عسكري من «التحالف الدولي» في قرية خراب عشق، جنوب شرقي عين العرب، للتحضير لمعركة ضد تنظيم داعش في محافظة الرقة.
في هذه الأثناء، قال الناشط «أبو شام الرقة» إن معركة كبيرة سوف تبدأ على أسوار مدينة الرقة من الجهة الشمالية والشمالية الشرقية حيث عمد التنظيم إلى تفخيخ جميع مداخل المدينة ومخارجها وقام بحفر السواتر بشكل عال جدًا، مشيرا أيضا إلى تأهب كبير لعناصر «داعش» في المدينة، في وقت يمنع فيه التنظيم منعا باتا خروج أي شخص من الرقة لأي سبب كان. وهو ما أشار إليه أبو محمد، الناشط في تجمع «الرقة تذبح بصمت» لـ«الشرق الأوسط»، إذ قال «إن هناك معلومات تشير إلى نقل أسلحة من الحسكة وكوباني (عين العرب) باتجاه تل أبيض حيث يقوم مستشارون عسكريون أميركيون بمهمة الإشراف على العمل». وقال أبو محمد إن عائلات الرقة باتت تعيش في قلق من إمكانية سيطرة الأكراد على الرقة بعد إعلانهم أخيرا «الفيدرالية في شمال سوريا»، وما قامت به ميليشيا «وحدات حماية الشعب الكردية» في تل أبيض وكوباني، وبالتالي أصبح الأهالي مستعدين للوقوف إلى جانب «داعش»، رغم كل ما يعانون منه، ضد «قوات سوريا الديمقراطية». وأوضح أبو محمد «إذا دخل الأكراد إلى الرقة قد تتحوّل المواجهة إلى (معركة وجود)، لا سيما إذا عاد سكان ريفي الرقة الشرقي والغربي من تركيا والذين يقدر عددهم بعشرة آلاف عائلة، ولا سيما الثوار منهم»، ثم أضاف: «عندها إذا انسحب التنظيم ستتحول المعركة أيضا إلى مدينة الطبقة التي يسعى النظام لإعادة السيطرة عليها وعلى مطارها».
وفي حين لفت أبو محمد إلى أنّ هذه ليست المرة الأولى التي يلقي فيها التحالف المناشير في الرقة فلقد كان اللافت هذه المرة دعوته المدنيين للخروج منها، بعدما كانت في السابق تتوجّه إلى التنظيم بالقول: «اقترب موعدكم، واقتربت نهايتكم». ولقد رجّح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أن تكون «هذه المناشير مجرد جزء من الحرب الإعلامية ضد التنظيم»، وهو الأمر الذي لفتت إليه مصادر في المعارضة، مرجحة أن تكون الحملة القادمة لميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية، في ريف حلب الشمالي وليس الرقة. وتحدث عبد الرحمن في الوقت عينه عن «معلومات متداولة منذ فترة عن تحضير الأكراد لحملة ضد تنظيم داعش في الرقة بدعم من التحالف الدولي»، مستبعدا حصول الهجوم على الفور «كون الرقة تحتاج إلى التخطيط لمعركة ضخمة وأعداد كبيرة من المقاتلين وحاضنة شعبية».
وفي الشأن نفسه، يرى أبو محمد، أن السبب خلف تلك المناشير الجديدة يعود إلى «وجود «داعش» بين المدنيين واتخاذهم كدرع بشري»، مضيفا: «في السابق كانت لداعش مقرات واضحة. ومنذ بدء الحملة الجوية ضدهم، باتوا يلجأون إلى الاختباء بين المدنيين». ثم استطرد «يعيش اليوم أهالي الرقة في حالة من الخوف من بدء الحملة العسكرية على منطقتهم في حين لا يمكنهم المغادرة لأي جهة كانت، إضافة إلى عدم سماح التنظيم لهم الخروج لأي سبب». وأوضح «حتى من سمح له بالمغادرة فهو لن يجد أمامه مكانا يلجأ إليه، إذ غن خيار الهروب إلى ريف حلب الشمالي لن يكون سهلا نظرا إلى إمكانية تعرضه للقصف في أي لحظة، وفي تدمر حيث سيطرة النظام سيكونون معرضين أيضا للاعتقال، أما في تل أبيض حيث السيطرة للأكراد فممنوع عليهم الدخول».
على صعيد ثان، نشرت حملة «الرقة تذبح بصمت» على حسابها على موقعي «تويتر» و«فيسبوك» صورا للمنشور وهو عبارة عن رسم يظهر ثلاثة رجال وامرأة وطفل وهم يركضون ابتعادا عن لافتة كتب عليها «الدولة الإسلامية - ولاية الرقة - نقطة تفتيش»، ومن خلفهم يظهر مبنى مدمر وحولهم جثث للمتطرفين. وكتب على المنشور «حان الوقت الذي طالما انتظرتموه، آن الأوان لمغادرة الرقة». ولفت أبو محمد إلى أنّ التنظيم الذي استنفر عناصره في المناطق والشوارع بعد إلقاء المنشورات، حذّر الأهالي من التداول بها.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.