واشنطن «تبحث» عن بدائل للتعامل مع الأزمة السورية.. ولا تسميها

هيومن رايتس ووتش: الأسد يقتل مدنيين أكثر في سوريا وأميركا منشغلة بـ«داعش»

محتجون سوريون من بلدة معرة النعمان بريف إدلب شمال سوريا التي تسيطر عليها فصائل معارضة وجبهة النصرة قطعوا الطريق الدولي بين دمشق وحلب أمس احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود
محتجون سوريون من بلدة معرة النعمان بريف إدلب شمال سوريا التي تسيطر عليها فصائل معارضة وجبهة النصرة قطعوا الطريق الدولي بين دمشق وحلب أمس احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود
TT

واشنطن «تبحث» عن بدائل للتعامل مع الأزمة السورية.. ولا تسميها

محتجون سوريون من بلدة معرة النعمان بريف إدلب شمال سوريا التي تسيطر عليها فصائل معارضة وجبهة النصرة قطعوا الطريق الدولي بين دمشق وحلب أمس احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود
محتجون سوريون من بلدة معرة النعمان بريف إدلب شمال سوريا التي تسيطر عليها فصائل معارضة وجبهة النصرة قطعوا الطريق الدولي بين دمشق وحلب أمس احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود

بدأت واشنطن في البحث عن بدائل للتعامل مع الأزمة السورية بعد أن فشلت كافة الجهود لتحقيق حل سياسي في سوريا، ومنها مؤتمر فيينا، في الخروج بنتائج ملموسة. فيما تزايدت الانتقادات الموجهة إلى كل من واشنطن وموسكو، لإخفاق البلدين في حماية المدنيين السوريين وإجبار النظام السوري على الوفاء بالتزاماته.
واعترف جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الأميركية، أمس، بقيام واشنطن بمناقشات حول البدائل المطروحة للتعامل مع الأزمة السورية، وقال: «بعد أن فشلت كل الجهود لتحقيق حل سياسي في سوريا، فمن الحكمة بالنسبة لنا أن نقوم بالتفكير في خيارات أخرى، لكن تركيزنا لا يزال على الخطة التي يجري تنفيذها الآن، وهي محاولة التوصل إلى حل سياسي ووقف الأعمال العدائية لتكون سارية المفعول والمساعدة في توصيل المساعدات الإنسانية وإنهاء حالة العنف». ولم يوضح المتحدث باسم الخارجية تلك البدائل.
وأكد كيربي التزام واشنطن لوضع جدول زمني للانتقال السياسي في سوريا بحلول الأول من أغسطس (آب)، مكررا وجهة النظر الأميركية من ضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد وأنه لا يمكن أن يكون جزءا من مستقبل سوريا. وأقر المتحدث باسم الخارجية الأميركية بوجود خلافات مع موسكو وقال: «نحن لا نتفق في كل شيء مع موسكو فيما يتعلق بسوريا، ولكن المهم هو أن نتمكن من الاستمرار في الحوار والمناقشات، لأن واشنطن وموسكو ترأسان مجموعة دعم سوريا ولا بد من التعاون لوقف الأعمال العدائية».
من جانبه، أشار الكولونيل ستيف وارن المتحدث باسم قوات التحالف ضد «داعش» إلى أن روسيا لا تزال تقدم القوات البرية والمدفعية والمشورة للنظام السوري دون أي تغييرات منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانسحاب الجزئي من سوريا. وأشار المسؤول العسكري الأميركي إلى أن روسيا بدأت في إنشاء قاعدة عمليات عسكرية متقدمة في مدينة تدمر.
وتأخذ قضية مكافحة «داعش» جانبا كبيرا من اهتمام واشنطن وعملياتها العسكرية في سوريا، وقد أعلن البيت الأبيض مساء الأربعاء عن فحوى المكالمة التليفونية بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وقال البيت الأبيض إن الرئيسين اتفقا على بذل الجهود لإلحاق الهزيمة بـ«داعش» وتعطيل قدرة التنظيم على القيام بعمليات إرهابية في تركيا أو في أوروبا أو خارجها. وأشار أوباما في مكالمته مع الرئيس التركي إلى أهمية الحفاظ على وقف العمليات العدائية وإحراز تقدم في عملية التفاوض لتحقيق انتقال سياسي في سوريا.
من جانب آخر انتقد كينيث روث المدير التنفيذي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» الاستراتيجية الأميركية في سوريا بأنها «غير منسجمة»، لأنه في الوقت الذي «يقتل فيه نظام الأسد مدنيين أكثر في سوريا، تركز على تنظيم داعش بشكل تام».
وقال روث، في كلمة له، أول من أمس الأربعاء، خلال ندوة نظمها مركز «المجلس الأطلسي»، إن «الاستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة الأميركية في سوريا، مركزة بشكل تام ضد تنظيم داعش الإرهابي». ووصفها بأنها «غير منسجمة»، في الوقت الذي «يقتل فيه نظام الأسد مدنيين أكثر في سوريا».
وأوضح روث أن «الملايين أُرغموا على مغادرة وطنهم جراء الحرب في سوريا»، مؤكدًا أن ما يحصل في سوريا «ليس حربًا عادية، فالجنود لا يقاتلون جنودًا، وجيش الأسد يستهدف المدنيين والمستشفيات، إذ لا أمان لحياة أي كائن حي هناك».
وشدد على أن «إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، لم تضغط بشكل كاف على روسيا من أجل الضغط على الأسد». كما أنها لم تقدم الكثير للسوريين، لافتًا إلى أن «الولايات المتحدة تعهدت باستقبال 10 آلاف لاجئ سوري خلال 2016، إلا أنها لم تفتح أبوابها سوى لقرابة ألفين منهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».