استياء جزائري من تصريحات ساركوزي حول خطر أوضاع البلاد على أوروبا

تزامنت مع الضائقة المالية الحادة الناجمة عن انهيار أسعار النفط

الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي أثناء خطاب في اجتماع حول البيئة والطاقة بمقر حزبه الجمهوري في باريس (أ. ف. ب)
الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي أثناء خطاب في اجتماع حول البيئة والطاقة بمقر حزبه الجمهوري في باريس (أ. ف. ب)
TT

استياء جزائري من تصريحات ساركوزي حول خطر أوضاع البلاد على أوروبا

الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي أثناء خطاب في اجتماع حول البيئة والطاقة بمقر حزبه الجمهوري في باريس (أ. ف. ب)
الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي أثناء خطاب في اجتماع حول البيئة والطاقة بمقر حزبه الجمهوري في باريس (أ. ف. ب)

أعلن عبد المالك سلال، رئيس وزراء الجزائر، عن استياء بالغ من تصريحات للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، جاء فيها أن «الأوضاع في الجزائر تنذر باضطرابات خطيرة، ستهدد لا محالة الأمن في دول أوروبا التي تنتمي إلى حوض المتوسط». فيما يتوقع مراقبون في الجزائر هزات اجتماعية داخلية بفعل توقف برامج الخدمات الاجتماعية على إثر انخفاض أسعار النفط.
وقال سلال، مساء أول من أمس بالعاصمة، بمناسبة انطلاق أعمال «الصالون الدولي للسياحة والأسفار»، الذي ينظم كل سنة، بأن «الجزائر تسير في الاتجاه الصحيح رغم المؤشرات السلبية، التي تفيد بأن معاناة اقتصادنا ستستمر مع استمرار انخفاض أسعار البترول». علما بأن الجزائر تعتمد في مداخليها من العملة الصعبة على المحروقات بنسبة 98 في المائة.
وذكر سلال أن الحكومة «تتحكم في الأوضاع الاقتصادية بشكل جيد، وسياستها في الميدان الاقتصادي واضحة»، مشيرا إلى أن «نقص الموارد المالية لا يعني أن الجزائر ستغرق في الفوضى كما يزعم البعض، بل على العكس من ذلك، فنحن قادرون على الحفاظ على الاستقرار». كما تحدث سلال عن «بعض المسؤولين الأجانب ممن يتنبأون بانهيار الجزائر، بحجة أنها تواجه أزمة حادة بفعل انخفاض أسعار النفط». وقال بهذا الخصوص «إننا متحكمون في أوضاعنا بشكل جيد، ولا نقبل بأي تدخل أجنبي في شؤوننا، ونحن قادرون على حفظ الاستقرار ووحدة وتماسك مؤسساتنا».
وكان سلال يشير إلى رئيس الحزب اليميني «اتحاد من أجل حركة شعبية»، نيكولا ساركوزي، الذي صرَح في فرنسا في 10 من الشهر الماضي بأن «أوروبا تواجه موجة اضطرابات في كامل دول حوض المتوسط، باستثناء المغرب، حيث يمكن أن نعتمد على ملك كبير، أطال الله عمره». أما عن الجزائر فقد قال الرئيس الفرنسي سابقا: «لا أريد قول شيء عن أصدقائنا الجزائريين، فإنا أعلم أن القضية (الأزمة المالية) عندهم في غاية الحساسية. لكن أكذب كل من يقول لي بأنه لا توجد مشكلات في هذا البلد، خصوصا بعد انهيار أسعار المواد الأولية، علما بأن هذا البلد الكبير يعتمد بشكل كامل على الطاقات الآيلة للزوال».
وسبق للمسؤولين الجزائريين أن أبدوا حساسية حادة من مواقف ساركوزي حيال الأوضاع في بلادهم، منذ أن كان رئيسا. وأكثر ما أثار حفيظتهم منه عندما قال في نهاية 2007 إنه «لا يمكن أن نطلب من الأبناء الاعتذار عن أخطاء ارتكبها آباؤهم»، وكان يقصد بأن فرنسا الحالية لا يمكن أن تعلن اعترافها بجرائم فرنسا أيام استعمارها الجزائر (1830 - 1962).
يشار إلى أن موقف سلال يأتي بعد ثلاثة أيام من تصريحات للسفير الفرنسي بالجزائر برنارد إيمييه، استفزت المسؤولين الجزائريين بعد أن قال خلال زيارة لتيزي وزو (110 كيلومترات شرق العاصمة)، كبرى مناطق القبائل، إن «أكثرية الحاصلين على تأشيرة (شنغن) ينتمون إلى منطقة القبائل»، وقد فهم من كلامه أنه تمييز بين الجزائريين.
وجاء رد السلطات على لسان وزير الخارجية رمضان لعمامرة، الذي قال للصحافة المحلية إن «تصريحات السفير الفرنسي مؤسفة»، وأشار إلى أنه «إذا كانت طبيعة التصريحات التي تم الإدلاء بها في ظروف لا أعرفها، تطرح أسئلة من هذا النوع، وتثير تعليقات وتساؤلات وتصورات مختلفة ومتعارضة، فهذا يعني أن هذه التصريحات كانت بالتأكيد مؤسفة»، مضيفا أن «مثل هذه التصريحات لا تقدم أي قيمة مضافة في العلاقات الثنائية، وهي لا تخدمها بتاتا، في حين أن مقتضيات مهنتنا بوصفنا دبلوماسيين هي تشجيع ما يقرب وإبعاد ما يفرق».
وأطلقت الحكومة الجزائرية نهاية 2014 خطة لتنويع الاقتصاد للتخلص من التبعية للمحروقات، تتمثل في تشجيع المؤسسات الخاصة على الإنتاج. غير أن خبراء الاقتصاد يتوقعون فشل هذا المسعى، بسبب ضعف المنشآت الصناعية في البلاد. فيما تبذل الحكومة قصارى جهدها لتفادي اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، لكن يبدو أن هذا الحل سيفرض نفسه في غضون عامين عندما ينضب مخزون احتياطي العملة الصعبة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.