لم تخل الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان من إشكالات أمنية، إضافة إلى تسجيل مخالفات عدة، أبرزها تمثلت في توقيف أشخاص كانوا يقومون بتوزيع الرشى، في وقت كان لافتا نسبة المشاركة المرتفعة التي وصلت حتى مساء أمس إلى 58 في المائة في كسروان، و56.5 في جبيل، و50 في المائة في عالية، و49.5 في المائة في الشوف، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية؛ وذلك قياسا على 197 ألف ناخب موزعين على ستة أقضية.
وفيما يمكن وصف انتخابات أمس بأنها عائلية – إنمائية بالدرجة الأولى في معظم المناطق، كان للمعارك السياسية، وبخاصة «المتناقضة» منها في بعض البلديات، دورها البارز أيضا، وذلك وفقا لمصالح الأحزاب الانتخابية، وتحديدا فيما يتعلق بـ«تحالف الثنائي المسيحي» «حزب القوات» و«التيار الوطني الحر» اللذين التقيا في مناطق وتواجها في مناطق أخرى، إضافة إلى مواجهة بين ما يسمى «حزب الله» و«حركة أمل» في بلدات في جرود جبيل، حيث سجل اشتباكات بين مناصري الطرفين في بلدة أفقا، والاعتداء على فريق تلفزيون قناة lbc؛ ما أدى إلى وقف العملية الانتخابية لمدة ساعتين.
وارتكزت المعارك في جونية عاصمة كسروان، وسن الفيل في المتن، إضافة إلى الشويفات في قضاء عالية، حيث كانت المواجهة بين اللائحة التي يدعمها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وتلك المدعومة من رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان، وفي دير القمر في الشوف، كما كان لافتا مواجهة المجتمع المدني والعائلات وما يسمى «حزب الله» وحلفائه في بعض بلديات الضاحية الجنوبية لبيروت، ولا سيما في برج البراجنة والغبيري، حيث سجل إشكالا أمنيا أدى إلى إقفال أحد أقلام الاقتراع لبعض الوقت.
وفي إقليم الخروب، بالشوف، حيث الغالبية السنية، اقتصرت المنافسة بشكل رئيسي بين العائلات، فيما كان «شبه انسحاب» لأحزاب المنطقة من المعركة، ولا سيما «المستقبل» و«الاشتراكي» إضافة إلى «الجماعة الإسلامية»، باستثناء بعض القرى، على غرار برجا، التي تحالفت «الجماعة» في لائحة واحدة مع العائلات، في مقابل «الاشتراكي» مع العائلات، إضافة إلى لائحة ثالثة غير مكتملة مدعومة من «الحزب الشيوعي».
وحول تحالف «الثنائي المسيحي» فكانت طريقه سالكة في معركة سن الفيل «القاسية» ضد «حزب الكتائب» والنائب ميشال المر، في حين اتفقت جميع هذه الأحزاب إضافة إلى «حزب الطاشناق» الأرمني في منطقة الجديدة، ضد لائحة منافسة. مع العلم، أنه من المتوقع أن يكون لصوت «الناخبين الشيعة» الكلمة الفصل في سن الفيل، وهم الذين يمثلون من خلال مرشح واحد في اللائحة التي يدعمها «الثنائي المسيحي» وما يسمى «حزب الله» وحزب الطاشناق الأرمني، في مواجهة تلك التي يدعمها «الكتائب» والنائب ميشال المر.
وفي جونية، حيث توصف بـ«أم المعارك» في جبل لبنان، ويتوقع أن تكون النتائج متقاربة جدا، تحالف «عون» مع «الكتائب» و«الوطنيين الأحرار» في «لائحة «كرامة جونية» ضد لائحة «التجدد» المدعومة من «القوات» والمر والنائب السابق فريد هيكل الخازن وآل فرام، بينما تقف «القوات» بثقلها ضد الخازن في غوسطا. وفي دير القمر، يتواجه «الثنائي المسيحي» ضد «الأحرار» برئاسة دوري شمعون والنائب السابق ناجي البستاني والحزب التقدمي الاشتراكي. وفي هذا الإطار، قال النائب في «القوات» جورج عدوان: «الانتخابات البلدية لا تهدف إلى إلحاق الخسارة بشمعون، والبعض يحاول خطف البلدية التي بقيت طوال هذه الفترة مع القاعدة الشمعونية».
مع العلم، أن حدة المعركة والمواجهة الحقيقية في «جونية» هي بين عون و«رئيس تيار المردة»، النائب سليمان فرنجية، المرشح المنافس لعون على رئاسة الجمهورية، نتيجة دعمه النائب السابق فريد الخازن. وعلى وقع قساوة المواجهة بين اللائحتين، سجلت اتهامات واتهامات مضادة بدفع رشى، وفي حين كان عون قد اتهم مغتربا لبنانيا في أفريقيا بدفع الأموال على الحملة الانتخابية المنافسة تمكنت مراسلة قناة «الجديد» من تصوير مقطع فيديو وثقت خلاله دفع رشوة بلغت 600 دولار أميركي لـ«لائحة كرامة جونية» التي يدعمها عون. في المقابل، أعلنت «الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات» مخالفات عدة، منها تسجيل سيدة شكوى مفادها أنها تلقت تهديدا بفصل ابنها من العمل على إثر إعلانها وزوجها العمل مندوبين للائحة المدعومة من عون.
وفي ظل الوقائع التي تشير إلى انقسام في موقف التيار في بعض المناطق على غرار «سن الفيل» و«الحدث» و«الجديدة»، أكد رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، أمس، أن «التيار على قلب واحد، وهناك من يحاول أن يشوّش ويوحي بأن التيار منقسم، لكن التيار غير منقسم، وذلك سيظهر بالنتائج الليلة (أمس)». ودعا «المواطنين في جبل لبنان وفي جونية، وخصوصا الملتزمين والمناصرين للتصويت وعدم التراخي؛ لأن التصويت هو واجب، وهو الذي سيفرز الأكثرية».
وأعلن وزير الداخلية، نهاد المشنوق، خلال جولته على بعض المناطق، أمس، عن معالجة 4 مخالفات رشى وتوقيف عدد من الأشخاص، مؤكدا أن القضاء سيقول كلمته في هذه القضية.
ووصف الانتخابات البلدية في جبل لبنان بـ«الممتازة» في كل الأمكنة، «ولا يوجد أي مشكلة أمنية ذات أهمية، بل نشهد تنافسا ديمقراطيا وطبيعيا، ونسبة الحوادث قليلة».
وردا على سؤال حول أولوية الانتخابات النيابية بعد البلدية والاختيارية، أجاب: «لبنان يحتاج إلى رئيس جمهورية الآن قبل الانتخابات النيابية، على الأقل إلى حين انتهاء التمديد لمجلس النواب؛ لأن الرئيس يكمل النصاب الدستوري للنظام، وبعدها يصير ممكنا إجراء الانتخابات النيابية بسهولة».
انتخابات جبل لبنان: مشاركة كثيفة.. ومعارك وتحالفات حزبية متناقضة
إشكالات أمنية متفرقة وتوقيف أشخاص على خلفية دفع الرشى
انتخابات جبل لبنان: مشاركة كثيفة.. ومعارك وتحالفات حزبية متناقضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة