تسريبات من المخابرات الإسرائيلية تفند ادعاءات «حزب الله» حول اغتيال بدر الدين

قالت إن العملية لا تقدر عليها سوى دولة قوية وتمت داخل منشأة تابعة للحزب في سوريا

تسريبات من المخابرات الإسرائيلية تفند ادعاءات «حزب الله» حول اغتيال بدر الدين
TT
20

تسريبات من المخابرات الإسرائيلية تفند ادعاءات «حزب الله» حول اغتيال بدر الدين

تسريبات من المخابرات الإسرائيلية تفند ادعاءات «حزب الله» حول اغتيال بدر الدين

سربت أوساط في أجهزة الأمن والجيش الإسرائيلية، تقديرات تفند فيها «البيان الثالث» الذي أصدره ما يسمى «حزب الله»، والذي قال إن مصطفى بدر الدين قُتل بقذيفة أطلقها التكفيريون. وقالت هذه المصادر إن ما يسمى «حزب الله» لم يقل الحقيقة، واختار الطريقة السهلة في التملص من زحمة النشر والإشاعات. وأكدت أن عملية الاغتيال تمت بواسطة قنبلة ذكية، لا يمتلكها ولا يقدر على تفعيلها سوى دولة قوية في المنطقة.
وقال الخبير العسكري، المعروف بقربه من مصادر المعلومات، ألكيس فيشمان، أمس، إنه «بعد تخبط دام ثلاثة أيام متواصلة، قررت قيادة ما يسمى «حزب الله» اللجوء إلى الاختيار الأسهل والكذب. وبالتشاور مع قادة الحرس الثوري الإيراني، تقرر إغلاق قضية اغتيال بدر الدين بأنين خافت. وتم اختيار صيغة تغطية مشكوك فيها لتقديم جواب معقول لرجال ما يسمى «حزب الله» في الميدان – ولكن لا تلزم التنظيم بالرد وفتح جبهات جديدة أمام جهات في الداخل والخارج، تحرف التنظيم عن جهوده الأساسية في سوريا».
وأضاف فيشمان: في الأيام الاعتيادية كان قادة ما يسمى «حزب الله» يحملون المسؤولية بشكل مباشر لإسرائيل. لكنهم حذروا هذه المرة في بياناتهم الرسمية من ذكر اسمها، وهذا دليل على أنهم لا يملكون، حاليا على الأقل، مصلحة أو قدرة على خلق مواجهة على الحدود الشمالية. بدر الدين الذي كان نائبًا للأمين العام لما يسمى «حزب الله»، ورئيس الجهاز العسكري، تم اغتياله بشكل مهني، وليس صحيحًا أنه قُتل صدفة بنيران المتمردين في سوريا، كما تم الادعاء في استنتاجات لجنة التحقيق التي عينها ما يسمى «حزب الله» لفحص ظروف موته.
وقالت مصادر مطلعة في بيروت، إنه كان موجودا أثناء اغتياله في منشأة سرية لما يسمى «حزب الله» في منطقة مطار دمشق، وأنه وقع انفجار في الغرفة أدى إلى موته. لكن لم يصب أحد باستثنائه. وهذه المنشأة (التي اغتيل فيها بدر الدين)، تتبع لما يسمى «جيش الظلال» التابع لما يسمى «حزب الله» وسوريا، ذلك الجهاز السري الذي يعمل في بناء القوة وتهريب أسلحة من إيران إلى لبنان. جيش الظلال الذي يشكل الذراع الاستراتيجية الرئيسية لنصر الله، يخضع منذ سنوات للتعقب «من قبل جهاز تجسس يحترم نفسه». وقد نشر في أكثر من مرة عن شن هجمات جوية على منشأة جيش الظلال بالقرب من مطار دمشق، ولا شك أن هؤلاء الأشخاص يتعرضون للملاحقة.
اغتيال بدر الذي قاد جيش الظلال، لا يعتبر ضربة معنوية فقط، وإنما توجد هنا ضربة ضد من شكل مسارا رئيسيا في المثلث الاستراتيجي لإيران، سوريا وما يسمى «حزب الله». في البيان الأول الذي نشره ما يسمى «حزب الله» بعد اغتيال بدر الدين، تمت الإشارة إلى ثلاث إمكانيات سببت موته: إطلاق نيران جوية، إطلاق صاروخ بري، ونيران مدفعية دقيقة. لكن هذه القدرات الثلاث تملكها دول «ولا تملكها تنظيمات إرهابية».
وصباح يوم السبت نشر في جريدة الأخبار القريبة مما يسمى «حزب الله»، أنه تمت تصفية بدر بواسطة صاروخ أرضي موجه. والمقصود عمليا طريقة عمل تذكر بعملية «نبات العوسج» المعروفة في إسرائيل باسم «تسئليم ب» في 1992، عندما أعدت وحدة القيادة العامة «سييرت متكال» خطة لاغتيال صدام حسين بواسطة صاروخ أرضي متطور.
من المهم أن نذكر: قدرات من هذا النوع متوفرة فقط في أيدي الجيوش، ولذلك سارعت قيادة ما يسمى «حزب الله» إلى إصدار تصحيح لما نشرته «الأخبار» وأصرت: المقصود عملية قصف نفذتها «تنظيمات إرهابية». لو كان المقصود فعلا تنظيما إرهابيا لكان قد سارع بالتأكيد إلى تحمل المسؤولية من أجل المفاخرة.
وهناك احتمال آخر وهو لحديث عن تصفية حسابات داخل التنظيم: طوال فترة طويلة سادت خلافات شخصية بين بدر الدين وجهات في قيادة ما يسمى «حزب الله». فقد تحول إلى نوع من الإزعاج، الأمر الذي ولد توترًا أمام الإيرانيين. الفشل العسكري الأخير لما يسمى «حزب الله» لم يسهم في تحسين شعبيته، الأمر الذي يعني أن إمكانية تصفيته من قبل رفاقه معقولة. في الماضي حين تم تنفيذ عمليات اغتيال داخلية في التنظيم، انتظر ما يسمى «حزب الله» – أحيانا لعدة أسابيع – التوقيت المناسب، وفي نهاية الأمر كان يصدر بيانا مقتضبا حول «سقوط قائد في ساحة المعركة». هذه المرة لم يكن بإمكانه التستر على اغتيال المسؤول الكبير، لكنه اضطر للانتظار لثلاثة أيام من أجل بناء عذر».
ويستنتج قيشمان: كان هناك من تعقب بدر الدين، وعرف تماما متى يصل، ومتى يوجد في الغرفة. وهذه كلها إضافة إلى القنبلة الذكية التي أصيب بها بدر الدين، يدل على وجود دولة قوية وراء الاغتيال. ورغم ذلك، لم يتجرأ ما يسمى «حزب الله» في بيانه الرسمي بإثارة الشبهات ضد أية دولة. والسبب في ذلك «يعود إلى عجزه عن فتح جبهة جديدة ضد خصومه وأعدائه. فقد بات عاجزًا عن ذلك حاليًا».



تبعات التصعيد الحوثي تحرم سكان صنعاء من البهجة بالعيد

طفلة يمنية تشتري دمية من متجر ألعاب أطفال قبيل عيد الفطر (رويترز)
طفلة يمنية تشتري دمية من متجر ألعاب أطفال قبيل عيد الفطر (رويترز)
TT
20

تبعات التصعيد الحوثي تحرم سكان صنعاء من البهجة بالعيد

طفلة يمنية تشتري دمية من متجر ألعاب أطفال قبيل عيد الفطر (رويترز)
طفلة يمنية تشتري دمية من متجر ألعاب أطفال قبيل عيد الفطر (رويترز)

استقبل سكان العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء عيد الفطر هذا العام، وسط أوضاع سيئة جعلت الأغلبية منهم يفضلون البقاء مع عائلاتهم في المنازل، وعدم السفر إلى قراهم، ولا حتى الخروج إلى المتنفسات والحدائق العامة كما كانوا يعهدون ذلك خلال فترات ما قبل الانقلاب والحرب.

ومع استمرار أزيز المقاتلات الأميركية وقصفها المُكثف على مناطق متفرقة بصنعاء وريفها، يتحدث لـ«الشرق الأوسط» سكان قريبون من مواقع حوثية تعرضت أخيراً للقصف، عن أنهم عاشوا الجحيم ذاتها خلال الليالي القليلة الفائتة، بسبب دوي الغارات وخوفهم على ذويهم.

ويقول السكان إن سماء مدينتهم وريفها لم تعد تضيء في أثناء الليل بالألعاب النارية التي يطلقها أطفالهم ابتهاجاً بالعيد؛ بل تشتعل بالقذائف شديدة الانفجار التي تستهدف مواقع الحوثيين.

ويتحدث ماهر -وهو أحد السكان في ريف صنعاء- عن أن الجماعة الحوثية اعتادت طيلة فترة ما بعد الانقلاب أن تترك لهم قُبيل كل عيد أو أي مناسبة أخرى منغصات بالجملة، لتُفسِد عليهم مظاهر الفرحة.

من آثار قصف أميركي على موقع خاضع للحوثيين في صنعاء (أ.ب)
من آثار قصف أميركي على موقع خاضع للحوثيين في صنعاء (أ.ب)

ويتهم ماهر (25 عاماً) في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، الانقلابيين المدعومين من إيران، باستدعاء الضربات الأميركية الجديدة على صنعاء وبقية المدن، والاستمرار في تصعيدهم العسكري، بالتزامن مع التعسف وفرض الجبايات.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 70 في المائة من سكان صنعاء كانوا خلال فترة ما قبل الحرب يفضلون قضاء أيام العيد خارج العاصمة، إما في الأرياف والمدن التي ينحدرون منها، وإما في مناطق ساحلية، منها الحديدة والعاصمة المؤقتة عدن.

تكيف مع الصراع

أجبر الصراع المستمر والمنغصات الحوثية وما رافقها من أوضاع متدهورة كثيراً من السكان في صنعاء وريفها على البقاء خلال أيام العيد بالمنازل، وعدم السفر إلى أي أماكن أخرى، خوفاً على حياتهم من الغارات المستمرة.

ومع استمرار الضغوط التي يُمارسها الأطفال والعائلات ضد أرباب الأسر لإجبارهم على مغادرة صنعاء صوب قراهم ومدنهم، أو حتى الخروج إلى الحدائق فيما تبقى من أيام العيد، لجأ كثير من الآباء إلى ابتكار ألعاب متواضعة بالقرب من منازلهم، حتى يتمكن أطفالهم من اللعب فيها، وتناسي فكرة ترك المنازل؛ خصوصاً في هذه الأيام التي تستقبل فيها صنعاء ومدن أخرى مزيداً من الضربات الأميركية.

آباء في صنعاء يصنعون لأبنائهم أراجيح قرب المنازل (الشرق الأوسط)
آباء في صنعاء يصنعون لأبنائهم أراجيح قرب المنازل (الشرق الأوسط)

ويبدي عصام -وهو موظف حكومي في صنعاء- شعوره بالحزن نتيجة عدم تمكنه هذا العيد، وللعام الخامس على التوالي، من السفر مع زوجته وأبنائه إلى قريته الكائنة في ضواحي مدينة إب، لقضاء إجازة العيد بين أهله وأصدقائه. ويرجع ذلك إلى تردي وضعه المادي والمعيشي نتيجة الحرب، وما خلَّفته من انقطاع الرواتب وانحسار فرص العمل وغياب أبسط الخدمات.

وذكر الموظف الحكومي والألم يعتصر قلبه أن والدته الثمانينية كانت دائماً تنتظره بفارغ الصبر قبيل كل عيد، حتى يصل إليها لقضاء إجازة العيد سوياً، ولكن ظروفه المستمرة في التدهور وقفت حجر عثرة بينه وبين ما يتمناه.

موجة غلاء

يكابد السكان في صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة للحوثيين وضعاً معيشياً وإنسانياً صعباً، وموجة غلاء غير مسبوقة في أسعار الملابس، بما فيها تلك المستعملة والمكسرات والحلوى، وغيرها من متطلبات العيد، يرافقها أيضاً غياب لأي مظاهر البهجة بالعيد.

واعتاد اليمنيون شراء كميات كبيرة من الحلوى والمكسرات في الأعياد، والتي تعرف بـ«جعالة العيد» لتقديمها للضيوف خلال الزيارات المتبادلة في هذه المناسبات، أو تبادلها مع الأقارب والأصدقاء، ولكن لم يعد يقوم بالشراء في السنوات الأخيرة إلا المقتدرون منهم.

وفي موازاة المعاناة المعيشية وتوقف معظم السكان في صنعاء عن الاحتفال بالعيد، اتخذ الانقلابيون الحوثيون العيد فرصة لمواصلة تصعيدهم العسكري المحلي والإقليمي، وتكثيف إقامة الفعاليات الاحتفالية لأتباعهم ومقاتليهم في الجبهات؛ حيث ينفقون الأموال الطائلة.