تسريبات من المخابرات الإسرائيلية تفند ادعاءات «حزب الله» حول اغتيال بدر الدين

قالت إن العملية لا تقدر عليها سوى دولة قوية وتمت داخل منشأة تابعة للحزب في سوريا

تسريبات من المخابرات الإسرائيلية تفند ادعاءات «حزب الله» حول اغتيال بدر الدين
TT

تسريبات من المخابرات الإسرائيلية تفند ادعاءات «حزب الله» حول اغتيال بدر الدين

تسريبات من المخابرات الإسرائيلية تفند ادعاءات «حزب الله» حول اغتيال بدر الدين

سربت أوساط في أجهزة الأمن والجيش الإسرائيلية، تقديرات تفند فيها «البيان الثالث» الذي أصدره ما يسمى «حزب الله»، والذي قال إن مصطفى بدر الدين قُتل بقذيفة أطلقها التكفيريون. وقالت هذه المصادر إن ما يسمى «حزب الله» لم يقل الحقيقة، واختار الطريقة السهلة في التملص من زحمة النشر والإشاعات. وأكدت أن عملية الاغتيال تمت بواسطة قنبلة ذكية، لا يمتلكها ولا يقدر على تفعيلها سوى دولة قوية في المنطقة.
وقال الخبير العسكري، المعروف بقربه من مصادر المعلومات، ألكيس فيشمان، أمس، إنه «بعد تخبط دام ثلاثة أيام متواصلة، قررت قيادة ما يسمى «حزب الله» اللجوء إلى الاختيار الأسهل والكذب. وبالتشاور مع قادة الحرس الثوري الإيراني، تقرر إغلاق قضية اغتيال بدر الدين بأنين خافت. وتم اختيار صيغة تغطية مشكوك فيها لتقديم جواب معقول لرجال ما يسمى «حزب الله» في الميدان – ولكن لا تلزم التنظيم بالرد وفتح جبهات جديدة أمام جهات في الداخل والخارج، تحرف التنظيم عن جهوده الأساسية في سوريا».
وأضاف فيشمان: في الأيام الاعتيادية كان قادة ما يسمى «حزب الله» يحملون المسؤولية بشكل مباشر لإسرائيل. لكنهم حذروا هذه المرة في بياناتهم الرسمية من ذكر اسمها، وهذا دليل على أنهم لا يملكون، حاليا على الأقل، مصلحة أو قدرة على خلق مواجهة على الحدود الشمالية. بدر الدين الذي كان نائبًا للأمين العام لما يسمى «حزب الله»، ورئيس الجهاز العسكري، تم اغتياله بشكل مهني، وليس صحيحًا أنه قُتل صدفة بنيران المتمردين في سوريا، كما تم الادعاء في استنتاجات لجنة التحقيق التي عينها ما يسمى «حزب الله» لفحص ظروف موته.
وقالت مصادر مطلعة في بيروت، إنه كان موجودا أثناء اغتياله في منشأة سرية لما يسمى «حزب الله» في منطقة مطار دمشق، وأنه وقع انفجار في الغرفة أدى إلى موته. لكن لم يصب أحد باستثنائه. وهذه المنشأة (التي اغتيل فيها بدر الدين)، تتبع لما يسمى «جيش الظلال» التابع لما يسمى «حزب الله» وسوريا، ذلك الجهاز السري الذي يعمل في بناء القوة وتهريب أسلحة من إيران إلى لبنان. جيش الظلال الذي يشكل الذراع الاستراتيجية الرئيسية لنصر الله، يخضع منذ سنوات للتعقب «من قبل جهاز تجسس يحترم نفسه». وقد نشر في أكثر من مرة عن شن هجمات جوية على منشأة جيش الظلال بالقرب من مطار دمشق، ولا شك أن هؤلاء الأشخاص يتعرضون للملاحقة.
اغتيال بدر الذي قاد جيش الظلال، لا يعتبر ضربة معنوية فقط، وإنما توجد هنا ضربة ضد من شكل مسارا رئيسيا في المثلث الاستراتيجي لإيران، سوريا وما يسمى «حزب الله». في البيان الأول الذي نشره ما يسمى «حزب الله» بعد اغتيال بدر الدين، تمت الإشارة إلى ثلاث إمكانيات سببت موته: إطلاق نيران جوية، إطلاق صاروخ بري، ونيران مدفعية دقيقة. لكن هذه القدرات الثلاث تملكها دول «ولا تملكها تنظيمات إرهابية».
وصباح يوم السبت نشر في جريدة الأخبار القريبة مما يسمى «حزب الله»، أنه تمت تصفية بدر بواسطة صاروخ أرضي موجه. والمقصود عمليا طريقة عمل تذكر بعملية «نبات العوسج» المعروفة في إسرائيل باسم «تسئليم ب» في 1992، عندما أعدت وحدة القيادة العامة «سييرت متكال» خطة لاغتيال صدام حسين بواسطة صاروخ أرضي متطور.
من المهم أن نذكر: قدرات من هذا النوع متوفرة فقط في أيدي الجيوش، ولذلك سارعت قيادة ما يسمى «حزب الله» إلى إصدار تصحيح لما نشرته «الأخبار» وأصرت: المقصود عملية قصف نفذتها «تنظيمات إرهابية». لو كان المقصود فعلا تنظيما إرهابيا لكان قد سارع بالتأكيد إلى تحمل المسؤولية من أجل المفاخرة.
وهناك احتمال آخر وهو لحديث عن تصفية حسابات داخل التنظيم: طوال فترة طويلة سادت خلافات شخصية بين بدر الدين وجهات في قيادة ما يسمى «حزب الله». فقد تحول إلى نوع من الإزعاج، الأمر الذي ولد توترًا أمام الإيرانيين. الفشل العسكري الأخير لما يسمى «حزب الله» لم يسهم في تحسين شعبيته، الأمر الذي يعني أن إمكانية تصفيته من قبل رفاقه معقولة. في الماضي حين تم تنفيذ عمليات اغتيال داخلية في التنظيم، انتظر ما يسمى «حزب الله» – أحيانا لعدة أسابيع – التوقيت المناسب، وفي نهاية الأمر كان يصدر بيانا مقتضبا حول «سقوط قائد في ساحة المعركة». هذه المرة لم يكن بإمكانه التستر على اغتيال المسؤول الكبير، لكنه اضطر للانتظار لثلاثة أيام من أجل بناء عذر».
ويستنتج قيشمان: كان هناك من تعقب بدر الدين، وعرف تماما متى يصل، ومتى يوجد في الغرفة. وهذه كلها إضافة إلى القنبلة الذكية التي أصيب بها بدر الدين، يدل على وجود دولة قوية وراء الاغتيال. ورغم ذلك، لم يتجرأ ما يسمى «حزب الله» في بيانه الرسمي بإثارة الشبهات ضد أية دولة. والسبب في ذلك «يعود إلى عجزه عن فتح جبهة جديدة ضد خصومه وأعدائه. فقد بات عاجزًا عن ذلك حاليًا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».