على ما يبدو، أهدر لويس فان غال، مدرب مانشستر يونايتد، الآن فرصته الأخيرة للبقاء مع الفريق ونيل الغفران عن عثراته السابقة. في المقابل، نجد أن مانشستر سيتي استعاد في يديه زمام السيطرة على مصيره نحو بطولة دوري أبطال أوروبا مع مشاركته في آخر عطلة نهاية أسبوع بالموسم. والواضح أن غالبية من تابعوا أداء الفريق الزائر خلال النصف الأول من المباراة المثيرة التي شهدها ملعب بولين غراوند، معقل فريق وستهام اتفقوا على أن فرص مشاركة مانشستر يونايتد مع نخبة الأندية الأوروبية أصبحت ضئيلة للغاية في كل الأحوال (وستهام فاز في ملعبه على مانشستر يونايتد بثلاثة أهداف مقابل هدفين الثلاثاء الماضي في المباراة المؤجلة عن المرحلة الخامسة والثلاثين من الدوري الإنجليزي).
إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه هنا: هل يعد مانشستر سيتي بالفعل أفضل كثيرًا عن مانشستر يونايتد؟ نعم، حيث نجح الفريق بقيادة المدرب مانويل بيليغريني في الوصول للدور قبل النهائي ببطولة دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، للمرة الأولى في تاريخ النادي. ومع ذلك، فإن الطريقة التي ودع بها الفريق البطولة توحي بأن المضي قدما في البطولة فحسب كان هدفهم الوحيد. أداء ريال مدريد كان جيدًا، لكنه لم يكن جيدًا للغاية. ومع إدراك الفريق أنه ليس هناك ما يخسرونه في مباراة العودة، فإنه من المستحيل تخيل رحيل نادٍ مثل ليفربول أو حتى ليستر سيتي عن البطولة بالاستسلام الذي أبداه مانشستر سيتي.
ومع ذلك، يحق لبيليغريني القول إنه دفع النادي قدمًا - رغم أن هذا القول لا ينطبق في حقيقة الأمر سوى على سجل النادي ببطولة دوري أبطال أوروبا فحسب، وليس على الموسمين المحليين الذين ظل النادي خلالهما في حالة جمود، من دون تقدم أو تراجع. إن المضي في بطولة دوري أبطال أوروبا لمستوى أعلى مما بلغه مانشستر يونايتد في إطار بطولة دوري أبطال أوروبا، لا يعني في الواقع الكثير هذه الأيام.
لا يزال مانسشتر سيتي في انتظار تحقيق انطلاقة حقيقية داخل أوروبا. ولا يبدو أن مشجعي النادي متحمسين بقوة تجاه الفريق، في الوقت الذي لا يزال اللاعبون مفتقرين إلى الثقة اللازمة كي يفرضوا أنفسهم بشكل كامل على الخصوم. كما أن هناك شكوكًا حول ما إذا كان الوصول إلى الدور قبل النهائي ببطولة دوري أبطال أوروبا سيجري النظر إليه كإنجاز داخل أرجاء أخرى من أوروبا. الحقيقة أن بيليغريني حقق مستوى مشابه منذ 10 سنوات مع فيا ريال، ولم يفلح هذا في بسط النادي هيمنته على أوروبا.
وبطبيعة الحال، هنا تحديدًا النقطة التي من المفترض أن يركز عليها مدرب مانشستر سيتي الجديد المقبل من ميونيخ جوسيب غوارديولا، ذلك أنه من المنتظر أن يتمكن غوارديولا من تعويض ما فقده بيليغريني في الآونة الأخيرة ويتمكن أيضًا من ضم المزيد من اللاعبين بالخطوط الأمامية وتطبيق تجربته المبهرة في بطولة دوري أبطال أوروبا على نحو يدفع مانشستر سيتي نحو الأمام. وبالطبع، ما سبق لا يعدو كونه مجرد حديث نظري على أية حال. وقد بدا هذا الحديث على ما يرام منذ عامين أو ثلاثة، أو منذ اللحظة التي قرر عندها مانشستر سيتي للمرة الأولى أنه يرغب في أن يكون أشبه بنادٍ مثل برشلونة - وذلك رغم أن غوارديولا أتم ثلاث سنوات في ألمانيا من دون أن ينجح في دفع بايرن ميونيخ لما وراء دور ما قبل النهائي في دوري أبطال أوروبا. ولم يكن هذا بالتأكيد ما طمح إليه النادي الألماني لدى استعادته بأكثر المدربين المطلوبين عالميًا عام 2013، حتى وإن كان غوارديولا مني بحظ سيئ، بتوليه مهمة تدريب بايرن ميونيخ بعد أن ترك له يوب هاينكس مهمة مستحيلة بفوزه بأول ثلاثية في تاريخ النادي على الإطلاق، اكتملت في مواجهة بوروسيا دورتموند بقيادة المدرب يورغين كلوب على استاد ويمبلي.
وقد حاول مدربون سابقون لبايرن ميونيخ، مثل أوتمار هيتسفيلد وهاينكس، جاهدين التأكيد خلال الأسابيع الأخيرة أن غوارديولا لم يفشل في بافاريا، وأن ثلاث بطولات في دوري الدرجة الأولى الألماني على التوالي دليل على ذلك، بغض النظر عن مدى قوة المسابقة. وإذا ما نجح غوارديولا في قيادة مانشستر سيتي نحو ثلاثة بطولات في الدوري الإنجليزي الممتاز والتأهل ثلاث مرات للدور قبل النهائي بدوري أبطال أوروبا خلال أول ثلاث سنوات له في النادي، فإن أحدًا لن يسمع بشكوى تصدر من مانشستر، رغم أن النادي ذاته يطمح إلى المزيد. الواضح أن مانشستر سيتي يأمل في أن يحدث ضجة كبرى على الصعيد الأوروبي، وأن يشارك باستمرار بدوري أبطال أوروبا مع الفوز بها أحيانًا، ومن هنا كان سعيهم الحثيث الصبور وراء أكثر المدربين الذي يعتقدون أنه قادر على تحقيق هذا الطموح.
ومع ذلك، وربما للمرة الأولى، يبدو واضحًا أن أسلوب تفكير القائمين على النادي يشوبه بعض الخطأ، ذلك أنه إذا كان غوارديولا قد أخفق في قيادة بايرن ميونيخ في كامل تألقه إلى نهائي ببطولة دوري أبطال أوروبا خلال فترة كانت نجاحات الفريق على الصعيد المحلي مستمرة، وفي وقت سحقت فيه ألمانيا الدولة المضيفة لكأس العالم وفازت بالمونديال في البرازيل، فكيف يمكنه تحقيق هذا الآن مع لاعبين من عينة خيسوس نافاس وإلياكيم مانغالا، ناهيك بقائد الفريق المصاب بصورة أزلية؟
ومع ذلك، قد يكون هذا القول ظالمًا بعض الشيء، فقد وقف مانسشتر سيتي مكانه ساكنًا في ظل قيادة مدرب كان اللاعبون مدركين أنه سيرحل. وبطبيعة الحال، سيرغب غوارديولا في تقييم الموقف واتخاذ التغييرات اللازمة. ولا أحد هنا يقترح ضرورة أن يحول غوارديولا مانشستر سيتي إلى فريق قادر على المنافسة بنهائي دوري أبطال أوروبا في غضون عام واحد، ولهذا فإنها ربما لم تكن لتصبح نهاية العالم لو كان مانشستر يونايتد فاز على وستهام وترك مانشستر سيتي في المرتبة الخامسة بالدوري الإنجليزي الممتاز (وهو موقف يمكن حتى الآن حدوثه أيضًا لو أن الفريق لم ينجح في إنهاء الموسم على نحو جيد أمام سوانزي سيتي، غدا).
نعم، إن الدوري الأوروبي سيمثل بداية مهينة لمدرب جرت الاستعانة به خصيصًا لخبرته في بطولة دوري أبطال أوروبا. لكن انظر إلى ليفربول والنجاح الذي حققه في بطولة الدوري الأوروبي، قد يكون الفريق بقيادة المدرب كلوب غير مستعد بما يكفي الآن للمشاركة في البطولة الأعلى دوري أبطال أوروبا، لكن المؤكد أنهم يتعاملون مع بطولة الدوري الأوروبي بجدية.
بوجه عام، تتسم بطولة دوري أبطال أوروبا بصعوبة خاصة بالنسبة للأندية التي تمر بفترات انتقالية، ويعد مانشستر يونايتد خير دليل على ذلك. أما بطولة الدوري الأوروبي فإنه حال التعامل معها على النحو الصائب والجاد، فإنها قد تعود بمكافآت مجزية لا تقل عن دوري أبطال أوروبا. وقبل أن يجهد أحد نفسه بالبحث في أرشيف كتاباتي للخروج بمقتطفات تتعارض مع هذا الرأي، فإنني أود المبادرة بالاعتراف بأن هذا لم يكن رأيي طيلة الوقت، فقد سبق أن خالجني شعور مستمر بأن الدوري الأوروبي ليس سوى مسابقة لا قيمة لها تكتسب بعض الإثارة في أدوارها النهائية فحسب. والحقيقة أن الأندية الإنجليزية بوجه عام مالت نحو التعامل مع البطولة بازدراء، وبدت دومًا وكأنها تتطلع لأقرب فرصة للخروج منها. إلا أن كلوب لم يحمل بداخله أيًا من تلك المشاعر والآراء، وإنما تعامل مع البطولة تبعًا لقيمتها الظاهرية وقرر أنها فرصة جيدة لتطوير أداء فريقه، ناهيك بتأهله لنهائي بطولة للمرة الثانية خلال عامه الأول مع الكرة الإنجليزية.
من الآن يجرؤ على القول إنه كان خاطئًا؟ في الواقع، لا يختم ليفربول موسمه بأداء رفيع المستوى فحسب، وإنما تبدلت نظرة جماهير الفريق ذاتها حيال المسابقة.
هل ما زلتم غير مقتنعين بالفكرة، يا مشجعي مانشستر سيتي؟ حسنًا، دعوني أطرحها على النحو التالي: لقد أنجز مانشستر سيتي الموسم الحالي من الدوري الإنجليزي الممتاز في الترتيب الرابع، سيواجه غوارديولا على الفور ضغوطًا كي يحدث تقدمًا على صعيد دوري أبطال أوروبا، رغم الحاجة الواضحة لبذل جهود على صعيد إعادة بناء الفريق باعتباره واحدًا من أفضل أندية إنجلترا، ناهيك بأوروبا. أما إذا جاء مانشستر يونايتد في الترتيب الرابع بالدوري الممتاز، كان غوارديولا سيلقى استقبالاً أرق وفسحة من الوقت لبناء الفريق، بينما يحظى فان غال بموسم آخر داخل أولد ترافورد. أما الحقيقة فتبقى أنه من غير الواقعي بالنظر إلى الجمود الذي أصابه طيلة العامين السابقين أن يتوقع مانشستر سيتي الآن تقدمًا فوريًا في بطولة دوري أبطال أوروبا لمجرد أنه استعان بمدرب ذكي. وعلى الجميع أن يتذكر أنه عندما أنجز مانشستر يونايتد الموسم الماضي بالدوري الممتاز في المرتبة الرابعة، رحل عن بطولة دوري أبطال أوروبا بحلول الكريسماس.
مانشستر سيتي.. غوارديولا ليس صانعًا للمعجزات
على إدارة النادي ألا تتوقع نجاحًا فوريا بمجرد الاستعانة بمدرب ذكي
مانشستر سيتي.. غوارديولا ليس صانعًا للمعجزات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة