مجمع البحوث الإسلامية في مصر يرفض مشروع «النور» لتجديد الخطاب الديني

الحزب السلفي قال إن مبادرته جاءت استجابة لدعوة السيسي لمواجهة التطرف

مجمع البحوث الإسلامية في مصر يرفض مشروع «النور» لتجديد الخطاب الديني
TT

مجمع البحوث الإسلامية في مصر يرفض مشروع «النور» لتجديد الخطاب الديني

مجمع البحوث الإسلامية في مصر يرفض مشروع «النور» لتجديد الخطاب الديني

هيمن الجدل من جديد على دعوات تجديد الخطاب الديني بين مجمع البحوث الإسلامية بمصر وحزب «النور»، أكبر الأحزاب السلفية في البلاد. ويعكس هذا الجدل، بحسب مراقبين، التحديات التي تواجه الدعوات التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة دينية رسمية لتجديد الخطاب الديني.
وبينما رفض مجمع البحوث الإسلامية مشروع أعلن عنه «النور» لتجديد الخطاب الدعوي، مؤكدا أن «مشروع تجديد الخطاب الديني من اختصاص الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء»، قالت مصادر في «النور»: إن «الحزب أعد مشروعا للتجديد لعرضه على اللجنة الدينية بمجلس النواب من أجل مناقشته والموافقة عليه»، مشيرة إلى أن «المشروع استجابة لدعوة الرئيس المصري لتطوير الخطاب الديني». وأضافت المصادر في «النور» لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحزب يرى أن مطالبة السيسي بتطوير الخطاب ومواجهة الفكر المتطرف، أمر ضروري وبات مُلحا الآن؛ نظرا لما تمر به مصر من استهدافات من قبل جماعات متطرفة».
وتواجه مصر منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، تناميا في وتيرة العمليات الإرهابية، تبنتها جماعات دينية متشددة، إلى جانب ما تشهده المنطقة العربية والعالم الغربي على وجه العموم من تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف متمثلة في تنظيمات على غرار «القاعدة» و«داعش» و«جبهة النصرة»؛ ما دعا السيسي للمطالبة بما عده «ثورة في الخطاب الديني».
وكان الرئيس المصري قد دعا المؤسسات الدينية الإسلامية في مصر لتجديد الخطاب الديني لمواجهة التطرف والطائفية في أكثر من مرة خلال لقاءات رسمية، وبدأ خطة عاجلة لنشر صحيح الدين ومواجهة الفكر المتطرف. ويرى مراقبون أن «ما يقوم به (النور) ليظهر في المشهد السياسي والديني من جديد على حساب المؤسسة الدينية الرسمية والدعاة الرسميين للدولة، بعدما تم سحب البساط من دعاته غير الرسميين، وتم منعهم من الخطابة في المساجد؛ إلا بموجب موافقة رسمية من وزارة الأوقاف (وهي المسؤولة عن المساجد)، وذلك عقب صدور قانون رئاسي بذلك».
قال مصدر مسؤول في مجمع البحوث الإسلامية: إن «الفترة الماضية شهدت خطوات فاعلة من الأزهر نحو تطوير وتجديد الخطاب الديني من خلال خطة عمل جديدة للأزهر تعلي من وسطية الإسلام، ونشر صحيح الدين في مصر وخارجها، في جميع الدول التي عانت إرهاب الجماعات المُتشددة».
بينما قالت مصادر في «النور»، وهو الذراع السياسية للدعوة السلفية في مصر: إن «مشروع تجديد الخطاب الديني تم إعداده بالحزب لتقديمه للجنة الدينية بمجلس النواب من أجل مناقشته واتخاذ قرار بشأنه»، لافتة إلى أن هناك ضوابط يشملها المشروع، هي التفريق بين الفتاوى والأحكام الدينية، حيث لا ينبغي التجديد في الأحكام الدينية، وأن التجديد يكون في الفتاوى فقط، حيث يمكن أن تكون الفتوى متغيرة بتغير الزمان والمكان.
وأوضحت المصادر، أن المشروع يتضمن أن أكبر عوامل الاستقرار وترسيخ الخطاب فقه الخلاف، ويتم تقسيمه قسمين خلاف التضاد، وهو الذي لا يصح في المناقشة، ويتضمن الأدلة قطعية الثبوت وقطعية الدلالة، ومسائل العقيدة المتفق عليها من أهل السنة ومسائل الإجماع، وإذا كان الخلاف للتشفي وفرض الرأي لا يصح فيه مناقشة.
وأكدت المصادر أن «التجديد لا بد أن يتعاون فيه مشايخ الدعوة السلفية (الدعاة غير الرسميين) مع الدعاة الرسميين والمؤسسة الدينية الرسمية في مصر، وأن التجديد لا بد أن يشمل طريقة إلقاء الخطب في المساجد، وألا تكون خطبا روتينية، بجانب وضع عقوبات على من يصدرون فتاوى، ليسوا من أهل التخصص يحددها اللجنة المختصة بالتجديد».
ومن وقت لآخر تتوالى المناوشات في المجتمع المصري بين كثير من الفرق التي تطرح رؤاها الخاصة لطرق التجديد ومناهجه.. ووصلت حدة هذه المواجهات إلى اتهامات من مؤسسات دينية لبعض هذه الرؤى بـ«هدم ثوابت الدين»، بينما يرى أصحاب تلك الأطروحات أن هذه المؤسسات تريد «احتكار الفكر».
من جانبه، رفض مجمع البحوث الإسلامية ما أعلنه «النور» من مشروع، وقال مصدر مسؤول في المجمع: إن «حديث حزب النور حول أن تجديد الخطاب الديني ينبغي أن يشمل الفتاوى فقط وليس الأحكام الدينية هو أمر خاطئ، حيث إن هناك أحكاما دينية ليس بها إجماع ويمكن التجديد فيها بما يتناسب مع المرحلة الحالية»، مضيفا: أن «مشروع تجديد الخطاب الديني من اختصاص الأزهر ومؤسساته فقط؛ لأنه هو المعني بأمر الدعوة في مصر، وليس أي حزب أو جماعة أخرى».
المراقبون يرون أن الأشهر الماضية شهدت خلافات واسعة حول طرق تغيير الخطاب الدعوي؛ «إذ لجأ البعض إلى أفكار ربما توصف بالتطرف الشديد في مناهجها، مثل هدم الثوابت كلية في إطار إعمال العقل، وهو أمر ترفضه المؤسسات الدينية، وبخاصة أنه يأتي من غير دارسين لعلوم الدين أو الفقه الإسلامي».
ويتهم علماء الدين أصحاب تلك الآراء، ومن بينهم مفكرون تم سجنهم، بعدم الفهم الصحيح لسياق الدين، والخلط بين الأمور، واجتزاء الأحاديث والآيات بغير علم لخدمة موقف معين دون دراية كافية بأصول الفقه أو علوم الدين.
من جهتها، قالت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب في مصر: إن «المشروع الذي يسعى حزب النور داخل مجلس النواب لتطوير الخطاب الديني مرفوض رفضا تاما». ولفتت نصير، وهي أستاذة بجامعة الأزهر، إلى أن فكر أعضاء ودعاة «النور» ساعد بشكل كبير على انتشار التطرف والتشدد في المجتمع وظهور ما يسمى بالحركات الإسلامية الجهادية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».