إيقاف مرتبات العسكريين في المحافظات الخارجة عن سيطرة الميليشيات

تبحث عن مصادر «لتغطية نفقاتها على جبهات القتال»

إيقاف مرتبات العسكريين في المحافظات الخارجة عن سيطرة الميليشيات
TT

إيقاف مرتبات العسكريين في المحافظات الخارجة عن سيطرة الميليشيات

إيقاف مرتبات العسكريين في المحافظات الخارجة عن سيطرة الميليشيات

أقدمت الميليشيات الانقلابية المسيطرة على الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية في العاصمة اليمنية على إيقاف مرتبات العسكريين في المناطق العسكرية الموجودة في المحافظات المحررة. وطالبت هؤلاء بالذهاب إلى صنعاء لمقابلة اللجان المشكّلة من قبل ما يسمى باللجنة الثورية لأنصار الله. وقال عدد من الضباط والجنود لـ«الشرق الأوسط» إن مكاتب البريد اعتذرت عن صرف مرتباتهم لشهر أبريل (نيسان) الماضي نظرًا لقيام الميليشيات الحوثية بوقفها المرتبات، بعد أن كانت مكاتب البريد وصلتها البيانات قبل يومين وشرعت بالفعل بصرف هذه المرتبات، إلا أنها فوجئت، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، بوقف عملية التسليم للمرتبات وبحصرها فقط على أربعة مكاتب بريد في العاصمة اليمنية صنعاء، وعقب مقابلة اللجنة المكلفة من قيادة الميليشيات.
وكشف هؤلاء عن قيام الميليشيات بوقف هذه الاستحقاقات خلال الأشهر الماضية، مما استدعى الضباط والجنود الذين هم الآن ملازمون منازلهم، إلى الذهاب إلى صنعاء لتسلم مرتباتهم، فيما لم يستلم البعض الآخر هذه المرتبات ولعدة أشهر نتيجة للأوضاع القتالية الخطرة أو صعوبة التنقل من المحافظات إلى صنعاء.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الميليشيات الانقلابية على وقف مرتبات موظفي الجهاز الإداري للدولة، إذ سبق أن اتخذت مثل هذا الإجراء الذي طال آلاف الموظفين العسكريين والأمنيين على وجه التحديد، وبذريعة التأكد من وجودهم كقوة فعلية وبغرض تصحيح الأوضاع المالية لكثير من القوات العسكرية والأمنية الوهمية، التي سبق أن كشف النقاب عنها من قبل الرئيس هادي عقب تسلمه الرئاسة في عام 2012م.
وقالت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات تعاني من أزمة مالية خانقة جعلتها تبحث عن مصادر لتغطية نفقاتها على جبهات القتال، وكذا شراء السلاح والذخيرة من السوق المحلية والمهربين. وأفادت بأن اللجنة الثورية الحوثية لجأت خلال الفترة الماضية إلى مصادرة موازنات المحافظات والوزارات والمؤسسات والجامعات، وهذه جميعها لم تسلم من الاستقطاع القسري الذي طال معظم بنود موازنتها التشغيلية والاستثمارية بداعي الحفاظ على العملة الوطنية من الانهيار، واستمرار ضخ مرتبات العاملين في جهاز الدولة الضخم، مضيفة: «في الحقيقة تستخدم في المجهود الحربي في الجبهات ولمواجهة آلاف المحاربين المنضوين تحت إمرة الجماعة الحوثية».
وأضافت أن الميليشيات صادرت مليارات الريالات (الدولار يساوي 251 ريالاً بالسعر الرسمي) جراء قيامها خلال أشهر الحرب باتباع إجراءات ظاهرها الحرص على استقرار العملة الوطنية وتجفيف منابع الفساد، الذي استفحل في عهد الرئيس المخلوع، فيما باطنها هو الحصول على المزيد من الأموال التي تمكنها من السيطرة والتحكم على الأوضاع في المحافظات الخاضعة لها.
وأشارت هذه المصادر إلى تعرض آلاف الضباط والجنود لعمليات مصادرة لمرتباتهم نظرًا لعدم توجههم للعاصمة صنعاء لمقابلة اللجان المكلفة من جماعة الحوثي بحصر القوات العسكرية والأمنية، علاوة لمصادرة أموال جهات عدة حكومية بينها مبالغ مالية تم سحبها من حسابات وزارات وهيئات وحتى صناديق التأمينات والتقاعد التي لم تسلم من عبث الميليشيات.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.