«داعش» يقطع طريق تدمر ـ حمص.. ويسعى لمحاصرة المدينة الأثرية

النظام يحاول استعادة حقل «الشاعر» المليء بالغاز

«داعش» يقطع طريق تدمر ـ حمص.. ويسعى لمحاصرة المدينة الأثرية
TT

«داعش» يقطع طريق تدمر ـ حمص.. ويسعى لمحاصرة المدينة الأثرية

«داعش» يقطع طريق تدمر ـ حمص.. ويسعى لمحاصرة المدينة الأثرية

شهد ريف حمص الشرقي اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين له من جهة، وتنظيم داعش من جهة ثانية، تمكن خلالها الأخير من قطع طريق الإمداد البري الذي يربط مدينتي حمص وتدمر الواقعة في البادية الشرقية، وقد حاول النظام عبر القصف الجوي والمدفعي من إعادة فتحها، لكنه لم يتمكّن من ذلك، في وقت أخفقت فيه قوات بشار الأسد والميليشيات التي تقاتل إلى جانبها في استعادتها حقل الشاعر للغاز الذي سيطر عليه التنظيم قبل أيام قليلة.
ويسعى تنظيم داعش لعزل مدينة تدمر الأثرية غداة قطعه طريق إمداد رئيسي لقوات النظام يربطه بمدينة حمص، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «اشتباكات عنيفة اندلعت بين قوات النظام والتنظيم في محيط مطار التيفور العسكري في ريف حمص الشرقي، غداة قطع الأخير طريق إمداد رئيسي لقوات النظام يربط تدمر بمدينة حمص، وهو الطريق الأبرز بين المدينتين لكنه ليس الوحيد، بسبب وجود طرق فرعية أخرى».
وأشار المرصد إلى أن قوات النظام مدعمة بالمسلحين الموالين لها وبإسناد من الطائرات الحربية والمروحية استمرت طيلة يوم أمس، في «محاولة إعادة فتح طريق حمص - تدمر بريف حمص الشرقي، عقب تمكن تنظيم داعش من التقدم والسيطرة على أجزاء منه وعلى الكتيبة المهجورة، قاطعًا بذلك طريق الإمداد البري بين المدينتين»، مشيرًا إلى أن التنظيم «استهدف بعشرات القذائف المدفعية والصاروخية مناطق في مطار التيفور، وأسفرت المواجهات عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين»، مشيرًا إلى أن التنظيم «استهدف بالمضادات الأرضية أيضًا طائرات حربية كانت تقصف مواقعهم في الكتيبة المهجورة ومحيط المطار».
في هذا الوقت، أوضح الناشط المعارض في مدينة حمص سليم قباني، أن «سيطرة التنظيم على الطريق الرئيسي بين المدينتين جزئية وغير كاملة». وأشار إلى أن «(داعش) كان سيطر على نقاط أساسية في حقل المهر النفطي قبل أيام، لكن النظام استعادها أمس (الأول) بعد معارك شرسة دفع فيها بتعزيزات عسكرية واستخدم فيها المدفعية الثقيلة والطيران الحربي».
وقال قباني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «النظام يحاول الآن استعادة حقل الشاعر المليء بالغاز، وهو حقل مهم جدًا واستراتيجي بالنسبة إليه، لأنه يستخدمه في تزويد المناطق الخاضعة لسيطرته بالغاز». وكشف أن «قطع طريق حمص تدمر إذا ما نجح (داعش) بذلك، ستصبح تدمر محاصرة من قبله، وإن كان هناك بعض الطرق الفرعية التي كانت تستخدم للتهريب، خصوصا أن منطقة تدمر هي بادية واسعة جدًا». وأكد قباني أن «ما يهم النظام الآن حقول النفط والغاز التي ينتج منها الطاقة الكهربائية».
مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، اعتبر في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «تمكن المتشددين من قطع الطريق يأتي في إطار هجوم هو الأوسع للتنظيم في ريف حمص الشرقي منذ استعادة قوات النظام بدعم روسي سيطرتها على تدمر في 27 مارس (آذار) الماضي، في محاولة لعزل مدينة تدمر ومحاصرة قوات النظام بداخلها».
إلى ذلك، نفى مصدر أمني في النظام السوري للوكالة، سيطرة التنظيم المتطرف على الطريق الواصل بين حمص وتدمر، متحدثا عن «عمليات عسكرية مستمرة في حقل الشاعر». وقال المصدر: «لم يحدث أي تطور جوهري حتى اللحظة، والمنطقة منطقة اشتباكات، وهي تشهد كرا وفرا، ولا يمكن الجزم بأي تطور ما دامت المعركة مستمرة».
أما وكالة أنباء «سانا» الناطقة باسم النظام، فنقلت عن مصدر عسكري قوله إن «سلاح الجو في الجيش السوري نفذ خلال الساعات القليلة الماضية سلسلة طلعات على تجمعات وتحركات لإرهابيي تنظيم داعش في محيط حقل الشاعر وشرق مدينة تدمر». ورغم الهزيمة التي مني بها تنظيم داعش في ريف حمص الشرقي بعد طرده من تدمر وبلدات أخرى في محيطها، فإنه لا يزال يسيطر على مواقع عدة في المنطقة الصحراوية المحيطة بتدمر، مما يمكنه من شن هجمات مضادة بين الحين والآخر، كما أنه لا يزال يحتفظ بمواقع محيطة بتدمر من جميع الجهات، يقع أقربها على بعد عشرة كيلومترات شمال المدينة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».