جيش جنوب السودان: أنباء تقدم المتمردين نحو جوبا خيال خصب

فرار عدد من الجنود المحتجزين في السجن العسكري.. وجرحى العمليات الحربية يعتصمون في أحد شوارع العاصمة

جيش جنوب السودان: أنباء تقدم المتمردين نحو جوبا خيال خصب
TT

جيش جنوب السودان: أنباء تقدم المتمردين نحو جوبا خيال خصب

جيش جنوب السودان: أنباء تقدم المتمردين نحو جوبا خيال خصب

أكد جيش جنوب السودان هروب عدد من جنوده من السجن الحربي حيث كان قد تم اعتقالهم على خلفية جرائم قتل ضد المدنيين ارتكبت في الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي في ما تسميه الحكومة محاولة انقلابية فاشلة بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار، في وقت اعتصم فيه جرحى العمليات العسكرية من الجيش الشعبي في أحد الشوارع الرئيسة في جوبا للمطالبة بدفع متأخراتهم من المرتبات.
وقال المتحدث الرسمي باسم جيش جنوب السودان فيليب أقوير، لـ«الشرق الأوسط»، إن عددا من جنود الجيش هربوا من السجن الحربي حيث كانوا محتجزين على خلفية اتهامهم بارتكاب جرائم قتل وانتهاكات ضد المدنيين في أحداث الخامس عشر من ديسمبر الماضي في جوبا، خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قادها نائب الرئيس السابق رياك مشار، مشيرا إلى أن الجنود الذين فروا وعددهم 100 بينهم ضباط صف استغلوا أحداث الاشتباكات التي حدثت بين وحدات القوات الخاصة والحرس الجمهوري قبل أسبوعين. وأضاف «لقد تمكن هؤلاء الجنود من الهروب بعد أن تفككت الحراسة إثر الاشتباكات داخل قيادة القوات الخاصة»، بيد أنه قال إن السجن الحربي لم تكن الحراسة فيه محكمة، وجميع الذين هربوا من المتهمين بارتكاب جرائم قتل وانتهاكات خطيرة حدثت في جوبا في الخامس عشر من ديسمبر الماضي.
وقال أقوير إن قيادة الجيش أصدرت أوامرها للقبض على الفارين وإعادتهم إلى السجن الحربي، نافيا أن ينضم الجنود الهاربون إلى قوات التمرد بقيادة رياك مشار، وقال «الذين هربوا من السجن العسكري لن ينضموا إلى مشار لكنهم توجهوا إلى قراهم النائية للاختفاء فيها، وستلاحقهم قوات الشرطة والأمن للقبض عليهم وإعادتهم إلى السجن وإكمال التحقيقات وتقديمهم إلى المحاكم العسكرية». وأضاف أن أوامر القبض قد صدرت من قيادة الجيش، وجرى حث المواطنين بمساعدة القوات النظامية على الإرشاد إلى أماكنهم للقبض عليهم.
من جهة أخرى، أكد أقوير اعتصام عدد من جرحى العمليات العسكرية في أحد الشوارع الرئيسة في جوبا احتجاجا على عدم صرف مرتباتهم لعدد من الشهور. وقال «هذه مشكلة إدارية ولا علاقة لها بالسياسة، وهي مطالب لاستحقاقات مالية لهؤلاء المعاقين»، مشيرا إلى أن جرحى العمليات الحربية كانوا يتلقون علاجهم في المستشفى العسكري. وأضاف «هي إحدى مشاكل بناء الدولة الجديدة، وقيادة الجيش تعمل على حلها، وسوف تبدأ عمليات الصرف من اليوم»، نافيا أن يؤثر اعتصام معاقي الحرب على معنويات الجنود الذين يخوضون معارك ضد التمرد في مواقع مختلفة في جنوب السودان. وقال إن الجرحى هم من مختلف وحدات الجيش، وخاضوا المعارك الحربية ضد التمرد، والحكومة وقيادة الجيش سيقومان بمعالجة المشكلة فورا.
ووصف أقوير إعلان قوات التمرد أنها تتقدم نحو عاصمة البلاد جوبا بالأحلام والخيال الخصب، وقال إن القوات الموالية لرياك مشار تمت هزيمتها في عدد من المواقع، آخرها طردهم من عاصمة ولاية أعالي النيل النفطية الأسبوع الماضي. وكانت قوات مشار قد استولت على ملكال لأكثر من شهر، وهددت حقول إنتاج النفط حيث تنتج أكثر من 200 ألف برميل. وأضاف «مشار وقواته يحلمون، وهناك فرق بين الخيال والواقع، وكيفية ترجمة هذا الخيال إلى أرض الواقع تحتاج إلى فترة طويلة»، مشددا على أن جوبا مستقرة ومحروسة، وليس هناك أي هجوم متوقع عليها.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.