توجهات لإنشاء مخيمات للاجئين السوريين خارج أراضي لبنان

جبران باسيل: جمعهم مع الإرهاب في قائمة المخاطر.. وناشطون يواجهون «العنصرية ضد النازحين»

توجهات لإنشاء مخيمات للاجئين السوريين خارج أراضي لبنان
TT

توجهات لإنشاء مخيمات للاجئين السوريين خارج أراضي لبنان

توجهات لإنشاء مخيمات للاجئين السوريين خارج أراضي لبنان

أعلن وزير الخارجية والمغتربين اللبناني جبران باسيل أن «لبنان سيعمل على إنشاء تجمعات للاجئين السوريين خارج الأراضي اللبنانية»، من دون أن يحدد مكانها، فيما قارب عدد النازحين المسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين، وفق آخر إحصاء لها، نحو المليون شخص، علما بأن بعض الإحصاءات تشير إلى وصول العدد إلى المليون ونصف المليون، إذا أضيف إليهم غير المسجلين والعمال الذين كانوا يوجدون في لبنان قبل بدء الأزمة.
وصرح باسيل في مؤتمر صحافي له بالكويت، حيث يشارك في مؤتمر وزراء الخارجية العرب، أن «هناك خطرين رئيسين على لبنان؛ الأول يتمثل في النازحين السوريين، والثاني الإرهاب»، مؤكدا: «إننا لا نستطيع أن ننأى بأنفسنا عن الإرهاب، وقدر لبنان أن يدفع ثمن نكبات الآخرين». ولفت باسيل إلى أنه «عندما يكون لبنان في خطر، تكون كافة الدول العربية في خطر». وأشار إلى أنه «في حال استمر تدفق النازحين، فإن ذلك سيُضعف الدولة»، محذرا من «مخطط إبقاء قسم من النازحين في لبنان، وأن تتحول بعض التجمعات السورية في لبنان إلى مصدر خلل أمني».
ورأى باسيل أن «لبنان وشعبه محتجز من الإرهاب»، مشيرا إلى أن «لبنان أصبح مركز انطلاق لهذا الإرهاب تجاه الدول العربية وأوروبا». وأكد أنه «عندما يكون لبنان واحة للاستقرار، فهذا أمر ينعكس إيجابا على العرب»، مضيفا: «لبنان هو أكبر المتضررين من الإرهاب في المنطقة، لذلك نسعى إلى تسليح الجيش اللبناني».
وفي حين جاء كلام باسيل بعد موافقة وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التحضيري للقمة العربية أول من أمس، على طلب لبنان بإدراج موضوع الانعكاسات السلبية والخطيرة المترتبة على لبنان جراء أزمة النازحين السوريين، على جدول أعمال اجتماع القمة اليوم، أمل وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن يتمكن لبنان من تنفيذ المشروع الذي كشف عنه باسيل، في بعض المناطق الآمنة في سوريا، وأن يلقى دعما عربيا ودوليا، واصفا إياه بـ«النموذجي».
وأشار درباس في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه سبق أن عرض على الأمم المتحدة فكرة إقامة مخيمات للاجئين في الأراضي اللبنانية على الحدود السورية، في محافظتي البقاع (بين منطقة المصنع والحدود السورية) وفي الشمال (بين العبودية والدبوسية)، وهي مناطق تملكها الدولة وغير سكنية، لكنها رفضت الأمر انطلاقا من أنه لا يتوافق مع المعايير الدولية لإقامة المخيمات؛ خاصة لجهة بعدها عن الحدود مسافة لا تقل عن 30 كيلومترا، وهو الأمر الذي لا ينطبق على هذه المناطق.
ومنذ بدء الأزمة السورية تحول لبنان إلى الوجهة الأبرز للاجئين السوريين الهاربين من الحرب في بلادهم، وأدى الانقسام السياسي تجاه قضيتهم بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين، المؤيد منهم للنظام السوري والمعارض له، إلى غياب تنظيم توزيع اللاجئين أو إقامة مخيمات تؤويهم، باستثناء عدد قليل منها، في الشمال والبقاع، حيث تستقبل عرسال فقط نحو 100 ألف نازح، يتوزعون في خيام شيدت عشوائيا.
وقبل أن يتولى باسيل وزارة الخارجية، كان قد طالب بإقفال الحدود اللبنانية أمام النازحين السوريين، الأمر الذي أدى إلى ردود فعل مستنكرة. فيما أكد رئيس الحكومة (آنذاك) نجيب ميقاتي استحالة إغلاق الحدود، مشددا أنه «لا ننأى بأنفسنا عن الموضوع الإنساني، رغم أننا ننأى بما يجري عن سوريا».
وبعد باسيل، الذي ينتمي إلى «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب ميشال عون، عاد وزير الاتصالات السابق، نقولا الصحناوي، المحسوب على عون أيضا، وشن الأسبوع الماضي في مؤتمر صحافي، حملة انطلق فيها من عدد النازحين السوريين المتزايد في منطقة الأشرفية في بيروت، ذات الغالبية المسيحية، محملا إياهم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون. وحذر الصحناوي كذلك من «تبدل ديمغرافي» للمنطقة التي قد يصل عدد النازحين فيها عام 2015 إلى مائة ألف نازح، أي ما يوازي عدد الناخبين في المنطقة.
وفي رد فعل على حملة «التيار الوطني الحر» ضد النازحين، عمد لبنانيون إلى إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» حملت عنوان: «الحملة الداعمة للسوريين بوجه العنصرية»، استقطبت في ثلاثة أيام أكثر من ستة آلاف داعم. وترتكز مساهمات هؤلاء على شعارات تستنكر الخطاب العنصري والتعامل بـ«فوقية» مع النازحين السوريين الهاربين من الموت.
وكان تقرير مفوضية شؤون اللاجئين الذي صدر الأحد الماضي، أظهر أن «عدد النازحين السوريين إلى لبنان وصل إلى 979279 نازحا»، مشيرا إلى تسجيل 12100 شخص من النازحين السوريين الأسبوع الماضي، أي بعد سقوط منطقتي يبرود في ريف دمشق، وقلعة الحصن في حمص.
وحلت منطقة البقاع بشرق لبنان في المرتبة الأولى من حيث عدد هؤلاء؛ إذ بلغ عدد المسجلين لدى المفوضية 316303 أشخاص، بينما لا يزال في انتظار التسجيل 17752 آخرين. وحلت منطقة شمال لبنان في المرتبة الثانية؛ إذ بلغ عدد المسجلين لدى المفوضية 257890 شخصا، ولا يزال في انتظار التسجيل 7913 آخرين. وجاءت بيروت ومنطقة جبل لبنان في المرتبة الثالثة، وبلغ عدد النازحين المسجلين لدى المفوضية 239683 شخصا، فيما لا يزال في انتظار التسجيل 19771 آخرين. أما محافظة جنوب لبنان، فاستقبلت 117257 شخصا جرى تسجيلهم لدى المفوضية، بينما لا يزال في انتظار التسجيل 2710 آخرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».