إشادة دولية بالتزام وفد الشرعية بالأجندة الأممية.. واستياء من مراوغات الانقلابيين

«الشرق الأوسط» ترصد أهم محطات مشاورات السلام في الكويت خلال 3 أسابيع

من مشاورات السلام اليمنية التي رعتها الأمم المتحدة في الكويت (أ.ف.ب)
من مشاورات السلام اليمنية التي رعتها الأمم المتحدة في الكويت (أ.ف.ب)
TT

إشادة دولية بالتزام وفد الشرعية بالأجندة الأممية.. واستياء من مراوغات الانقلابيين

من مشاورات السلام اليمنية التي رعتها الأمم المتحدة في الكويت (أ.ف.ب)
من مشاورات السلام اليمنية التي رعتها الأمم المتحدة في الكويت (أ.ف.ب)

تنعقد مشاورات السلام في دولة الكويت منذ الحادي والعشرين من أبريل (نيسان) الماضي، بعد تأخرها عن موعد انطلاقها ثلاثة أيام، بسبب تلكؤ وفد الانقلابيين وطرحه اشتراطات مسبقة، قبل وبعد وصوله إلى الكويت.
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، شهدت المشاورات مدا وجزرا وجهودا حثيثة من قبل المجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة ومبعوثها، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وسفراء الدول الـ(18+4)، وكذا من قبل دولة الكويت المستضيفة لتسهيل العقبات التي وضعها الانقلابيون أمام سير المشاورات، وفقا للوقائع التي رصدتها «الشرق الأوسط»، وكذا تأكيدات أطراف يمنية.
وبعد جدل واسع النطاق ورفض من وفد الانقلابيين الدخول في صلب أجندة جدول أعمال المشاورات التي أقرت في جولة المشاورات بمدينة بييل السويسرية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، طلبت الأمم المتحدة من كل طرف تقديم رؤيته والإطار العام للمشاورات على ضوء القرار «2216»، والبيان الأخير الصادر عن مجلس الأمن الصادر في بداية مايو (أيار) 2016، الذي حدد المرجعيات وطالب بخريطة طريق لمدة ثلاثين يوما.
تقدم وفد الحكومة اليمنية بـ«رؤيته والإطار العام على أساس مرجعيات المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار (2216)»، فيما تقدم وفد الحوثي - صالح بـ«رؤية متعارضة مع الأساس الذي جاءت بموجبه الأطراف إلى مشاورات الكويت، وأدخلوا ضمن المرجعيات الدستور وما يسمى اتفاق السلم والشراكة».
وضمن محطات المشاورات، اقترح المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد تشكيل ثلاث لجان، تعمل بالتوازي، اللجنة الأولى (اللجنة السياسية)، ومن مهام هذه اللجنة أن تتطرق إلى القضايا التي تتعلق بإعادة مؤسسات الدولة، والتحضير لاستئناف الحوار السياسي.
اللجنة الأمنية والعسكرية، ومهامها أن تتناول القضايا المرتبطة بالانسحاب وتسليم السلاح واللجان الأمنية على المستوى الوطني وعلى مستوى المحافظات، فيما اللجنة الثالثة هي لجنة السجناء السياسيين والأسرى وجميع الأشخاص الموضوعين رهن الإقامة الجبرية أو المحتجزين تعسفيا، ومن مهام اللجنة معالجة قضايا الأسرى والسجناء السياسيين والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفيا والمختفين قسريا والموضوعين تحت الإقامة الجبرية، بحسب المهام المحددة التي أعلنت.
ويقول مصدر في وفد الحكومة اليمنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الوفد «كان متحفظا على هذا التقسيم، وتلقى الوفد ضغوطات داخلية كبيرة للتوقف عن القبول بأعمال اللجان والمسارات بالتوازي»، وإن «خطة الفريق المفاوض من البداية هي عدم التعنت في الأشياء الشكلية التي من الممكن المناورة فيها، ولهذا استجاب الوفد للمطالب الدولية، وقبل بتشكيل اللجان واقتراح الأسماء».
وفي خطوة لاحقة، وجه المبعوث الأممي رسالة إلى الطرفين، حدد فيها أسماء اللجان ومهامها، مثلا اللجنة السياسية «أن تتطرق هذه اللجنة إلى القضايا التي تتعلق بإعادة مؤسسات الدولة والتحضير لاستئناف الحوار السياسي».
ويروي، لـ«الشرق الأوسط»، المصدر الحكومي التفاصيل: «غير أن هذه اللغة لم تعجب وفد الحوثي - صالح فحضروا الجلسة الأولى بأجندة نقاش مخالفة للمهام المحدد في هذا النص، وأجندتهم تمثلت في تشكيل حكومة وسلطة تنفيذية توافقية جديدة، وهي أجندة يفترض أنه تم تجاوزها تماما، مما أدى إلى صدمة لولد الشيخ، إذ اعتقد أنه تم تجاوز هذه المرحلة».
ثم يمضي المصدر قائلا: «بعد ذلك رفض الحوثيون التعامل مع اللجان، ولم يحضروا سوى الجلسة الأولى، لهذا عادت الجلسات إلى الشكل العام لحضور كامل الفريقين، وتمت جلسة صباحية وأخرى مسائية وصلت إلى طريق مسدود، فهم يرفضون العودة إلى اللجان، لأنها حددت مهامها بناء على طلب الأمم المتحدة»، وأردف المصدر أن الضغوطات التي يتعرض لها وفد الحكومة تنحصر في المطالبة بـ«مزيد من الصبر».
وفي حين تبذل جهود متواصلة على مدار الساعة في الكويت من قبل مبعوث الأمم المتحدة وسفراء الدول الراعية لعملية السلام في اليمن، والدولة المستضيفة، يواصل الانقلابيون مراوغاتهم، وفي الوقت نفسه تؤكد المصادر الميدانية أنهم يواصلون الخروقات ويتقدمون في بعض الجبهات.
وأكد مراقبون ودبلوماسيون، لـ«الشرق الأوسط»، أن وفد الحكومة اليمنية مستمر في «كسب احترام جميع الأطراف بصبره ومرونته، وتأكيده قولا وفعلا سعيه لتحقيق السلام في اليمن»، وأن «وفد الحوثيين - صالح لا يسعى للسلام أو إلى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي (2216)»، ويعتقد المراقبون أن مشاورات الكويت قد تكون «الفرصة الأخيرة» بالنسبة للمتمردين الحوثيين.
يذكر أن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية رئيس الوفد الحكومي إلى مشاورات الكويت عبد الملك المخلافي، أكد في تصريحات للإعلام أمس «أن مشاورات الكويت تتقدم في الشكل وليس المضمون، والسلام هو الخيار الوحيد أمام الحكومة من أجل وقف مزيد من قتل المدنيين وعودة الشرعية».
وأضاف المخلافي أن «السلام ليس خيارا استراتيجيًا للميليشيا الحوثية وصالح الانقلابية، فهو الخيار الأمثل لدى الحكومة التي تعده شعارًا لها، والحكومة ستستمر في المشاورات ولن تنسحب منها، لأنها تريد السلام حتى يعرف العالم من الذي يرفض السلام».
وأشار، وفقا لوكالة أنباء (سبأ) اليمنية، إلى أن خلاف الحكومة الشرعية مع الميليشيا الانقلابية أنهم لا يرون السلام خيارًا أساسيًا، وذلك من خلال تأخرهم في الحضور للمشاورات منذ البداية، وتهربهم من الدخول في مناقشة أجندة المشاورات بشكل سليم وواضح، ولم يلتزموا بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين والانسحاب من المدن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.