السفر مع الأطفال.. كيف نجعل منه متعة وذكرى جميلة؟

أفكار عملية لرحلات ناجحة

السفر مع الأطفال.. كيف نجعل منه متعة وذكرى جميلة؟
TT

السفر مع الأطفال.. كيف نجعل منه متعة وذكرى جميلة؟

السفر مع الأطفال.. كيف نجعل منه متعة وذكرى جميلة؟

بدأت نسائم الصيف تهل علينا، ومعها يبدأ الآباء والأمهات في التخطيط لإجازة ممتعة سواء داخل بلادهم أو في الخارج، لقضاء عطلة صيفية مع أطفالهم تنسيهم هموم السنة وضغوط العمل والأعباء المنزلية. وبما أنها عطلة سنوية، فلا بد أن تكون ممتعة لجميع الأفراد بمن فيهم الأم التي دائما ما تعبأ بكل التفاصيل، والتي عادة ما يلقى عليها عبء التخطيط للرحلة وتقدير تكلفتها والمصروفات المتعلقة بها. ولأن الرحلة العائلية أمر يختلف التخطيط له في عصر ما قبل الأطفال، فعليك التأقلم مع عصر ما بعد الأطفال؛ لأن ذلك يعني أنك بالطبع ستغيرين أسلوب تجهيز حقيبتك، ووجهات السفر، وأماكن الإقامة لتناسب الملائكة الصغار. وإليك بعض النصائح لكي تجعلي من السفر مع الأسرة فرصة للتعلم واكتساب خبرات جديدة لكِ ولأطفالك:
* اختيار الرحلة
لا بد من اختيار مكان يشبع رغبات جميع أفراد الأسرة، لذا فلا مانع من جلسات عصف ذهني للأسرة مع الأطفال حول رغباتهم وتصوراتهم للاستمتاع بالرحلة، فالاستماع لأفكار الأطفال وتوقعاتهم من الرحلة سوف يحفزك على التخطيط الجيد لها. يمكنك إعطاؤهم مجلة للسفر والسياحة إذا كانوا في سن صغيرة، ويمكنهم الإشارة إلى صور الأماكن التي يرغبون في رؤيتها، وإذا كانوا في سن ملائمة، فاطلبي منهم البحث عبر الإنترنت عن أفضل الأماكن من وجهة نظرهم، فهنا تجعلينهم يشاركون في التخطيط، وهو أمر مفيد لهم. وما إن يدلوا بدلوهم، فستجدين لديك أفكارا متعددة لرحلات عائلية، ولا مانع من الاستمتاع بمرحلة أخذ القرار وإجراء «قرعة»، وبذلك تخلقين أوقات أسرية مرحة وذكريات حميمة ستظل محفورة بأذهانهم.
* وسيلة السفر
إذا كانت رحلتك تتطلب السفر بالطائرة، فإن ذلك سيتطلب منك إعداد الحقائب قبل السفر بوقت كاف، وحاولي تقليل الأغراض قدر الإمكان. ولذلك يمكنك تجهيز حقيبة ظهر لكل طفل، وفقا لمرحلته العمرية، واحرصي على وضع الأشياء التي تجعله سعيدا أو ستساعده في قضاء وقته على الطائرة دون ملل، قد يكون جهاز كومبيوتر لوحي عليه ألعاب وأغان يحبها.. قد تكون قصة أو كتيب تلوين، أما إذا كنت أمًا لطفل رضيع، فعليك تجهيز حقيبة صغيرة خاصة بمتطلباته، لأنه لا مجال لديك. ولا بد من إعداد «قنينة اللبن» الخاصة به، ويفضل أن تجلبي معك أخرى إضافية، فضلا عن علبة اللبن، ونحو 6 حفاضات وفقا لطول الرحلة، وملابس إضافية للطفل ولك أيضا، فهؤلاء الملائكة الصغار لا يمكن التنبؤ بما يحدث منهم، خصوصا في هذه السن.
أما إذا كان السفر لوجهة سياحة داخلية كمنتجع على بعد مئات الكيلومترات داخل بلدك، فعليك أيضا تقليل الأغراض قدر الإمكان، خصوصا مع الوضع في الاعتبار أنك قد تقومين بالتسوق وتصبح السيارة غير كافية لحمل كل الأغراض. أما القاعدة الذهبية للسفر بالسيارة، فهي أن عليك تهيئة نفسك وزوجك لعدة محطات من التوقفtoilet stops، فلن تصبح محطات التوقف لكي تحتسي كوبا من القهوة أو الكابتشينو، بل ستكون لتلبية نداء الطبيعة لأطفالك، وشراء الحلوى لشراء صمتهم ورضاهم باقي الرحلة، أو للتشويش على تساؤل: متى سنصل للبحر؟
* وجهة السفر
لكي تجدي فرصة للاسترخاء في العطلة الصيفية، فعليكِ أن تتأكدي من مناسبة وجهة السفر تطلعات الأبناء، وأعمارهم، فمثلا؛ يجب أن تتضمن الرحلة وقتا للاستمتاع بالبحر، مع وجود ملاهٍ قريبة، أو متنزهات خاصة لصغار السن، أو قد يمكنك حجز عروض للسيرك أو التجول في مناطق بها كرنفالات وحفلات في المساء، فمثلا؛ إذا كان السفر لباريس، فبجانب المزارات السياحية الشهيرة والتقاط الصور مع برج «إيفيل»، سيكون عليكِ زيارة «ديزني لاند» والتقاط الصور مع شخصيات ديزني المحببة لديهم. وإذا كنت في زيارة إلى مصر، فيمكنك الذهاب لمدينة «دريم بارك» وتجربة القطارات السريعة والألعاب الخطرة، لأن الأطفال يعشقون خوض التجارب المثيرة مع والديهم، لا سيما الأم التي تتحرر أمامهم من قيود الأمومة، فهي لم تعد ممسكة بطبق وملعقة لإجبارهم على الطعام، بل تصبح صديقة تستمتع معهم بلحظات جنونهم.
* مواصفات الحقيبة
من أهم الأمور التي يجب أن تحرصي عليها أشد الحرص حقائب وأغراض السفر، فلا يمكنك نسيان متعلقات أي فرد من أفراد الأسرة، خصوصا الأب، لأنك مع الانشغال بتجهيز أغراض الأطفال من أدوات للبحر وسترات نجاة، قد تغلفين بعض أغراض والدهم الذي غالبا ما يعتمد عليك أيضا في إحضار كل أغراضه بما فيها ماكينة الحلاقة وفرشاة الأسنان، ولكن الأمر بسيط.. فلتبدأي بإعداد قائمة للتسوق باحتياجات أفراد الأسرة، ثم قوائم بالأغراض التي يحتاجها كل فرد باسمه، والصقيها على حقيبته، وابدأي بتجهيز كل حقيبة على حدة حتى تنتهي منها تماما، فإذا فعلت، فانزعي القائمة، وضعي عليها ورقة لاصقة توضح أنك انتهيت منها. أو يمكنك تجهيز حقيبة كبيرة للملابس فقط، وأخرى للأحذية، وبالطبع لا بد من حقيبة صغيرة خاصة بأوراق السفر وأجهزة الاتصال والكاميرا والعلاج المهم كعلاج القيء والصداع.
ومن المهم جدا أن تضم حقيبة يدك بعض الأشياء الصغيرة كأدوات الخياطة (إبرة - خيط أبيض وأسود) لكي تكوني على أهبة الاستعداد في الطوارئ. وحقيبة ماكياج صغيرة تحتوي على عطرك المفضل، فلا بد أن تكوني في قمة أناقتك أثناء الرحلة لأن الصغار سيحولون اهتمامهم بالتصوير إليك، فكوني مستعدة دائما.
لا مانع من اصطحاب فستان للسهرات، فقد تكونين سعيدة الحظ وتتلقين دعوة لسهرة مع بعض الأصدقاء، فكوني أيضا مستعدة. أما عن أفضل طريقة لترتيب الملابس دون عناء، فيمكنك طي الملابس بشكل أسطواني حتى لا تأخذ مساحات كبيرة، وضعي الجوارب في حقيبة من القماش حتى لا تتناثر في أرجاء الحقيبة، كما عليك أن تأخذي أكياسا بلاستيكية لوضع الملابس التي تحتاج للغسل فيها، وكذلك الملابس الداخلية لأفراد الأسرة حتى لا يتعرض أفراد الأسرة للحرج أثناء التفتيش في نقاط الشرطة على الطريق أو في المطار.
لا داعي لاصطحاب مجفف الشعر، بل حاولي أن تتحرري من مظهرك الروتيني والاستمتاع بالبحر والشمس، فمظهر شعرك المموج سيكون ملائما جدا لأجواء الرحلات الصيفية. فقط يمكنك أخذ عبوة صغيرة من الشامبو المفضل لك ولأسرتك، وكريم مرطب وواق من أشعة الشمس، ولا تنسي عبوة مطهر وجيل ضد البكتيريا.
* تعليمات السلامة
ومن الأمور التي لا يمكنك نسيانها مصروفات الرحلة.. حاولي تقسيم المبلغ المخصص للرحلة بينك وبين زوجك، إعمالا لمبدأ «لا تضع البيض كله في سلة واحدة»، كما يمكنك تقسيم المبلغ الذي تحملينه بين حقيبة الماكياج الصغيرة، وحافظة نقودك. ولا بد من التأكد من صلاحية بطاقة الائتمان و«فيزا كارد»، فهي المنقذ في حال نفدت نقودكم لأي سبب.
ولا تنسي أن كثيرا من الخبراء الأمنيين ينصحون بعدم وضع صور الرحلة لحظة بلحظة على مواقع الـ«سوشيال ميديا»، فقد يكون هناك من يتربص لسرقة منزلك، فلا داعي لتسجيل وقت السفر أو ولوج المطار على «فيسبوك»، ولا تنسي أن قدرًا من الخصوصية والبعد عن العالم الافتراضي، سيمنحك وقتا أطول للاستمتاع مع أسرتك في تلك الرحلة، واجعلي الـ«سوشيال ميديا» لباقي العام، لأن الأوقات الحلوة تمضي سريعًا.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».