البرتقال.. صدره العرب إلى أوروبا عبر البرتغال

الفاكهة التي تزين حدائق قصور الأثرياء

البرتقال.. صدره العرب إلى أوروبا عبر البرتغال
TT

البرتقال.. صدره العرب إلى أوروبا عبر البرتغال

البرتقال.. صدره العرب إلى أوروبا عبر البرتغال

على الرغم من انتشار أشجار البرتقال في أنحاء الشرق الأوسط، فإن أول وثيقة مكتوبة عنه كانت في عام 314 قبل الميلاد في الصين. والآن تعد أشجار البرتقال هي الأكثر انتشارا في أنحاء العالم، وهي تنمو في المناطق المدارية وحتى مشارف المناطق الاستوائية. وتزرع أشجار البرتقال من أجل ثمارها التي تؤكل طازجة أو تصنع من أجل العصير وقشر البرتقال.
وفي آخر إحصاء من الصناعة تنتج أشجار البرتقال حول العالم سنويا نحو 71.4 مليون طن متري من البرتقال. وأكثر الإنتاج العالمي يأتي من البرازيل وولايتي فلوريدا وكاليفورنيا. ومن بين الدول العربية تعد مصر هي أكبر منتج ومصدر للبرتقال. وعرف العرب البرتقال قبل أوروبا وصدروه إليها عبر البحارة البرتغاليين في العصور الوسطى. واستعار الأوروبيون الاسم العربي للبرتقال الذي يستخدم حتى الآن في الكثير من اللغات. ويقال: إن الاسم مشتق أيضا من اسم البرتغال كأول دولة تستورده في أوروبا.
ويسمى البرتقال في اللغة الألبانية «بورتوكال» وفي البلغارية «برتقال» وفي اليونانية «بورتوكالي» وفي المقدونية «برتقال» وفي الرومانية «برتقالا». وهو يعرف أيضا باسم البرتقال في اللغتين التركية والفارسية مع تحريف إلى «برتقان» في اللغة الأمهرية و«برتوغالو» بين أهل نابولي في إيطاليا.
وعرفت أوروبا أن البرتقال مصدره من الشرق، واعتقد البعض أنه يأتي من الصين وليس من المنطقة العربية.
وربما يعود ذلك الاعتقاد إلى أن أصول البرتقال تعود إلى الصين وشمال الهند؛ حيث كان يزرع فيها منذ 2500 قبل الميلاد. ولم يصل البرتقال إلى أوروبا إلا في العصور الوسطى، وبعضه نقله الصليبيون معهم بعد عودتهم من فلسطين. وفي عصور سابقة كان البرتقال يعد من الفواكه الأرستقراطية التي يزرعها الأثرياء في حدائق خاصة ملحقة بقصورهم.
وأهم مزايا البرتقال أنه غني بفيتامين «ج» الذي يساعد في امتصاص الكالسيوم في الجسم، ويكافح كثيرا من الفيروسات، ويحتوي البرتقال أيضا على كثير من المعادن، مثل: الصوديوم، والبوتاسيوم، والنحاس، والكلورين. وهو يقوي نظام المناعة في الجسم، ويصل عدد العناصر الغذائية في البرتقال إلى 28 عنصرا، وله فوائده المثبتة في مكافحة كثير من الأمراض وحماية الجسم، وهو يستخدم أيضا في الطب البديل.
من أشهر أنواع البرتقال السكري، وهو من أكثر السلالات انتشارا، ويستخدم في العصير وعبواته. وهناك أيضا البرتقال اليوسفي سهل التقشير وحلو المذاق بحجم أصغر. من الأنواع الأخرى أيضا ما يسمى أبو صرة، كما يوجد برتقال سيفيل الذي يزرع في إسبانيا، وبرتقال يافا الذي يزرع في فلسطين. وفي بعض الدول العربية يتم تطعيم أشجار البرتقال بفروع الرمان، وتكون النتيجة هي برتقال أحمر اللون يسمى «برتقال بدمه»، وتعود جذور هذا النوع من البرتقال إلى صقلية في القرن الخامس عشر. وتصنع من قشر البرتقال نوع من المربى يسمى «مرمليد».
ويتم تصنيف البرتقال لعدة درجات وفقا لحجمه ونوعيته، ويؤثر في النوعية أي إصابات أو تغير في لون القشرة أو جفاف أو ثقوب حشرات أو حروق بأشعة الشمس.
ويقال: إن كولوميس كان أول من زرع البرتقال في أميركا؛ حيث حمل بعض أشجاره معه في رحلته الثانية. وفي رحلات لاحقة تم إحضار أشجار البرتقال إلى أميركا الجنوبية والمكسيك، ثم إلى فلوريدا في عام 1565. وبعد انتشار البرتقال في كل أنحاء أوروبا حمل البحارة الإسبان معهم في عام 1646 أشجار البرتقال إلى العالم الجديد لزراعتها على نطاق واسع في القارة الأميركية.
وانتشرت بعد ذلك مزارع البرتقال على نطاق تجاري في ولايات الغرب الأميركي، وكانت ثمار البرتقال مثالية لغذاء البحارة في أثناء رحلات الاستكشاف الأوروبية؛ لأنها ثمار غنية بالفيتامينات ولا تفسد بسرعة. وانتشر استخدامها في السفن لمنع إصابة البحارة بداء الاسقربوط (Scurvy).
وتحتاج أشجار البرتقال إلى مناخ دافئ إلى حار (ما بين 16 إلى 29 درجة مئوية)، بالإضافة إلى كميات كبيرة من المياه والشمس الساطعة. وتشير بعض المراجع إلى أن جفاف منطقة الشرق الأوسط يعود في بعضه إلى انتشار زراعة أشجار البرتقال. ويؤثر الطقس البارد سلبيا في نمو أشجار البرتقال، ولذلك تجري زراعته في المناطق الباردة في صوبات من الزجاج.
وأحيانا يتم حماية أشجار البرتقال من الصقيع بحرق الزيت في أوان بين الأشجار لمنع تراكم الثلوج على الأشجار.
ويمكن لأشجار البرتقال أن تنمو من البذور أو من الفسائل. ولا يفضل المزارعون استخدام البذور؛ لأن نتائجها غير مضمونة. ويستخدمون فروعا منتجة يتم لصقها على جذور في عملية تسمى (Grafting) لإنتاج ثمار مماثلة توفر أيضا حماية من الأمراض. وتنتج هذه الأشجار ثمارها في فترة ثلاث إلى أربع سنوات بدلا من ست إلى سبع سنوات للأشجار النامية من البذور.
ويتم جني المحصول يدويا أو ميكانيكيا عن طريق هز الأشجار وجمع الثمار من تحتها، ويتم رش الثمار بغاز الإثيلين للتخلص من اللون الأخضر على قشر البرتقال وتحويله إلى اللون البرتقالي المعهود.
ويمكن تخزين البرتقال قبل استهلاكه في برادات لفترات قد تصل إلى 12 أسبوعا. وبعد الشراء يمكن الاحتفاظ بثمار البرتقال لمدة شهر في مناخ غير مبرد. وأفضل طريقة لتخزين البرتقال هي في شبكات جيدة التهوية.
ويصل إنتاج البرازيل من البرتقال سنويا إلى 36.6 مليون طن، وهي تقع في المركز الأول عالميا، تليها الولايات المتحدة بإنتاج يصل إلى 15.7 مليون طن، ثم الصين بإنتاج حجمه 14.4 مليون طن، والهند في المركز الرابع بإنتاج 10.8 مليون طن. وفي المركز الخامس تقع المكسيك بإنتاج يصل إلى 8.1 مليون طن. ومن بين العشر دول الأوائل في العالم في إنتاج البرتقال تقع مصر في المركز السابع بإنتاج حجمه 2.9 مليون طن، وهي الدولة العربية الوحيدة بين أكبر الدول المنتجة للبرتقال.
وتصدر البرازيل 99 في المائة من إنتاجها وهو يمثل 53 في المائة من إجمالي عصائر البرتقال المجمدة في العالم. ويأتي معظم الإنتاج البرازيلي من منطقة ساو باولو.
أما إنتاج الولايات المتحدة فهو مخصص للاستهلاك المحلي ويتوجه إنتاج فلوريدا إلى العصائر، بينما يستهلك إنتاج كاليفورنيا طازجا فور حصاده، ويتم تداول تعاقدات عصير البرتقال المجمد المركز في البورصات العالمية.
وفيما يمثل العصير أو البرتقال المقشر المصدر الغذائي الرئيسي للثمار، لكن لها استخدامات أخرى؛ حيث يمكن تقشير الطبقة الصفراء الخارجية واستخدامها في توفير المذاق للسلطات والمربى وبعض أنواع الكعك. ويمكن أيضا استخدام قشر البرتقال كعلف للحيوانات، ويحتوي قشر البرتقال على قيمة غذائية عالية إلى درجة يمكنه معها استخدامه غذاء إنسانيا، حيث يعادل فيتامين «ج» المتاح في القشر ما يوجد في الثمار نفسها.
من الاستخدامات الأخرى للبرتقال زيت البرتقال الذي ينتج من قشر البرتقال، وهو يستخدم في الصناعات الغذائية، وأيضا في صناعات العطور.
الفوائد الصحية للبرتقال
يعد البرتقال من أشهر الفواكه في العالم، وهو متاح في معظم فصول العام، وهو مضاد للأكسدة ومفيد للصحة ومقوٍّ لنظام المناعة في الجسم. من مكونات البرتقال الغذائية مادة تسمى هيربريدين (Herperidin)، وهي تخفض من ضغط الدم والكولسترول، وهي أيضا مضادة للالتهابات.
الغريب أن معظم الفوائد الغذائية في البرتقال توجد أيضا في قشره وبنسبة مماثلة للعصير. ويحتوي البرتقال على نسبة عالية من فيتامين «ج» المضاد للأكسدة والمقوي لنظام المناعة في الجسم. ويساهم البرتقال أيضا في منع الصدمات القلبية والذبحات الصدرية بمنع أكسدة الكولسترول، وبالتالي منع تراكمه داخل الأوعية الدموية وتسببه في انسدادها.
ويقول الأطباء إن تناول كوب من عصير البرتقال يوميا يوفر حماية من كثير من الفيروسات، وهو أفضل من تناول أقراص فيتامين «ج». وأثبتت كثير من التجارب والأبحاث هذه الفرضية، وكانت النتيجة أن البرتقال يحتوي على كثير من العناصر المساعدة في مكافحة الأمراض، وهي عناصر متجانسة وتعمل معا في منظومة واحدة.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».