الميليشيات ترسم خطة عسكرية جديدة لفرض واقع جديد في تعز

أهالي المدينة يجددون مطالبهم بضرورة تنفيذ القرار «2216»

الميليشيات ترسم خطة عسكرية جديدة لفرض واقع جديد في تعز
TT

الميليشيات ترسم خطة عسكرية جديدة لفرض واقع جديد في تعز

الميليشيات ترسم خطة عسكرية جديدة لفرض واقع جديد في تعز

لا تزال الميليشيات الانقلابية تدفع من أجل رسم خريطة عسكرية جديدة في تعز، وذلك بغية الحصول على مكاسب سياسية في مشاورات السلام اليمنية في الكويت لفرض واقع جديد، حسب ما قالته مصادر محلية. إذ شهدت جبهات القتال في المدينة، مواجهات عنيفة، استخدمت الميليشيات فيها الأسلحة المتوسطة والثقيلة بما فيها الصواريخ ومضادات الطيران ضد المقاومة والجيش الوطني.
واحتدمت المواجهات في جبهة حيفان، جنوب مدينة تعز، حيث قامت الميليشيات الانقلابية بمهاجمة مواقع المقاومة الشعبية والجيش الوطني، سرية من اللواء 35 مدرع، الذي أوكلت له مهمة تحرير الجبهة من الميليشيات الانقلابية في جبل قمل ومواقع أخرى.
وقال العميد صادق سرحان، رئيس المجلس العسكري في تعز وقائد اللواء 22 ميكا، إن الميليشيات الانقلابية تواصل ضربها وقصفها لمدينة تعز وبشكل عنيف وبالأسلحة النوعية.
وأكد في تصريحات إعلامية له أنه من أول يوم للهدنة وتعز «تتعرض للضرب والقصف وأن المتمردين يقومون بمحاولات اقتحام مواقع الجيش الوطني والمقاومة في الجبهات، وأن الميليشيات تحشد أفرادها ومعداتها العسكرية على مداخل المدينة، وتنصب مدافع ودبابات في عدة مواقع لضرب المدينة».
وأضاف: «رحبنا بالهدنة والتزمنا بها وما زلنا ملتزمين، ومحتفظين بحق الرد.. ونسعى إلى إنهاء الوضع بالتسوية وبسلام وليس عسكريًا، لكن الميليشيات تأبى إلا أن تشعلها نارًا باستمرار».
وذكر العميد سرحان بأن الخروقات التي ترتكبها الميليشيات الانقلابية من خلال القصف والضرب تدل على «عدم وجود نيات صادقة للميليشيات في المفاوضات ولا نية في التوصل إلى تسوية سياسية وإنهاء الوضع الراهن في البلاد»، مشيرًا إلى أن «جميع الخيارات الحاسمة واردة في حال واصل الانقلابيون تعنتهم ومراوغتهم».
إلى ذلك، جدد أهالي محافظة تعز مطالبهم بضرورة تنفيذ القرار الأممي من قبل ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح دون تسويف أو مماطلة، وبما يضمن تسليم السلاح للدولة والانسحاب من بقية المدن والرضوخ للشرعية. ومنذ بدء سريان الهدنة في العاشر من شهر أبريل (نيسان) الماضي، تشهد مدينة تعز قصفًا عنيفًا أقوى مما كان عليه في السابق، حتى إنها لم ترَ هذه الهدنة أو تعلم عنها سوى التوقيع على الورق.
وقال فياض النعمان، صحافي وناشط سياسي من أبناء تعز مرافق للوفد الحكومي في الكويت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيات الموت، ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، لا تزال تدفع بتعزيزاتها في محاولة منها لرسم خريطة عسكرية جديدة، وذلك بغية الحصول على مكاسب سياسية في مشاورات السلام في الكويت وفرض واقع جديد.
وبينما قصفت الميليشيات الانقلابية وبشكل مكثف الأحياء السكنية وسط مدينة تعز، بما فيها حوض الأشرف والصميل وثعبات والبريد وعدة مواقع في شرق المدينة، ودمرت عددًا من المنازل وسقط قتلى وجرحى من المدنيين، تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من كسر هجوم للميليشيات في غرب تعز عندما حاولت الهجوم على معسكر اللواء 35 مدرع والسجن المركزي في الضباب، ومواقع أخرى، في محاولة منها لاستعادة ما خسرته.
على السياق ذاته، شدد محافظ تعز، علي المعمري، على ضرورة أن لا تكون هناك أية عوائق تعيق الوضع الأمني، وعلى ضرورة تفعيل دور الأجهزة الأمنية في مديرية الشمايتين، في قضاء الحجرية في محافظة تعز، وعلى أن تكون المديرية نموذجًا يجسد الفارق بين مشروع الحرية والتغيير ومشروع الانقلاب والاستعباد والتخلف.
وقال المحافظ المعمري خلال لقائه بأعضاء المجلس المحلي والمكاتب التنفيذية والشخصيات الاجتماعية والوجهاء والأعيان في مدينة التربة، عاصمة قضاء الحجرية أكبر قضاء في تعز، وبحضور قائد محور تعز العميد يوسف الشراجي، إن «شحة الإمكانات لا يجب أن تسمح بإعاقة ترتيب الوضع الأمني وتفعيل دور الأجهزة الأمنية في مديرية الشمايتين، وإنه لا بد من العمل وبذل الجهود لضبط الأمن وإيقاف الأعمال والممارسات غير المسؤولة والهادفة لإثارة القلاقل والبلبلة في المديرية».
في المقابل، كشف ائتلاف الإغاثة الإنسانية في محافظة تعز، عن مقتل 59 شخصا وجرح 377 من المدنيين بينهم نساء وأطفال خلال شهر أبريل الماضي، جراء عمليات القنص والقصف العشوائي على الأحياء السكنية.
ورصد تقرير الائتلاف الأخير الوضع الإنساني في محافظة تعز لشهر أبريل الماضي، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، وبين «إجمالي الخسائر البشرية والمادية التي تم رصدها جراء الأحداث في المحافظة، وأبرزها الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون في تعز منذ بدء إعلان الهدنة التي أعلنت الأمم المتحدة رعايتها في اليمن منذ العاشر من الشهر نفسه».
وأضاف أن «11 منزلاً تعرضت للتفجير في مناطق صالة، وحسنات، والمكلكل، وحي الجحملية شرق المدينة، بالإضافة إلى تعرض 6 آلاف أسرة للتهجير القسري في منطقة الوازعية جنوب غربي المحافظة».
وأكد الائتلاف في تقريره أن «خدمات المياه والكهرباء والنظافة لا تزال منقطعة عن المدينة، إلى جانب الخدمات الصحية والأدوية، في ظل الحصار الخانق الذي ما زال مفروضًا على مداخل المدينة. وفي الوقت ذاته لا تزال خدمات التعليم شبه متوقفة في المدينة رغم قرب انتهاء الفصل الثاني من العام الدراسي الحالي بسبب تعرضها للقصف والتدمير».
تجدر الإشارة إلى أن ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز نفذ الكثير من المشاريع الإغاثية في المحافظة، خلال شهر أبريل الماضي، تمثلت بتوزيع ما يزيد عن 40 ألف سلة غذائية للمتضررين في عدد من مديريات المحافظة، بالإضافة إلى 23 ألف سلة تم توزيعها ضمن مشروع 100 ألف سلة غذائية مقدمة من مركز الملك سلمان.
ومن جانب الإغاثة الطبية، فقد أوضحت الإدارة الطبية في الائتلاف أن إجمالي ما قدمته من دعم لمستشفيات وجرحى مدينة تعز بلغت قيمته الإجمالية 81 مليون ريال يمني. وذكرت أنها قامت بتنفيذ مشروع توزيع «أدوية ومستلزمات القافلة الطبية المقدمة من مؤسسة صلة للتنمية - حضرموت، بالإضافة إلى تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع توزيع حليب الأطفال والمكملات الغذائية لمستشفيات المظفر والسويدي للأمومة والطفولة ومستشفى التعاون».
كما أشار الائتلاف إلى أنه قام «بإجراء 50 عملية جراحية بتمويل من مؤسسة صلة للتنمية، بتكلفة إجمالية بلغت 15 مليون ريال يمني، وكذا تقديم أدوية ومستلزمات طبية، الذي استهدف عددًا من المستشفيات، وبتمويل من هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية».
وتعيش محافظة تعز أوضاعًا إنسانية بالغة السوء منذ بدء الحرب عليها في 14 أبريل من العام الماضي وانتهاءً بالحصار الخانق على مداخلها منذ أكثر من 8 أشهر. ومنع إدخال أي مواد أو مستلزمات غذائية أو طبية أو مياه شرب أو حتى أسطوانات أكسجين للجرحى والمرضى في المستشفيات عبر الطرق الرئيسية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.