وزارة المالية الروسية تباشر الإنفاق من صندوق الاحتياطي

لتسديد العجز والحفاظ على استقرار الميزانية

وزارة المالية الروسية تباشر الإنفاق من صندوق الاحتياطي
TT

وزارة المالية الروسية تباشر الإنفاق من صندوق الاحتياطي

وزارة المالية الروسية تباشر الإنفاق من صندوق الاحتياطي

اضطرت وزارة المالية الروسية هذا العام لإنفاق جزء من صندوق الاحتياطي الروسي؛ بغية تغطية العجز في الميزانية.
وحسب البيان الصادر عن وزارة المالية الروسية، فإن حجم صندوق الاحتياطي الروسي قد تراجع خلال أبريل (نيسان) في المؤشرين بالعملة الصعبة (الدولار) بقدر 11.1 في المائة وبلغ 44.96 مليار دولار، وبالعملة الوطنية (الروبل) بقدر 15.5 في المائة، منخفضا إلى 2.89 تريليون روبل مع الأول من مايو (أيار)، حيث قامت الوزارة منذ بداية أبريل الماضي ببيع 2.62 مليار دولار، و2.3 مليار يورو، و410 ملايين جنيه إسترليني، وبهذا يكون إجمالي ما أنفقته الوزارة من صندوق الاحتياطي قد بلغ مع الأول من مايو مبلغا قدره 529 مليار روبل.
وفيما يخص صندوق الرفاه الوطني، فقد أشارت الوزارة في بيانها إلى أن مدخراته ارتفعت بالدولار بقدر 0.9 في المائة لتصل إلى مبلغ 73.86 مليار دولار، بينما تراجعت مدخراته بالروبل الروسي بقدر 4 في المائة، لتتراجع قيمته حتى 4.75 تريليون روبل.
وكانت وزارة المالية الروسية قد استهلكت العام الماضي 2.6 تريليون روبل من صندوق الاحتياطي، وتخطط لإنفاق قرابة 2 تريليون روبل منه هذا العام لتغطية عجز الميزانية، ولا يبدو الإعلان عن إنفاق الحكومة من صندوق الاحتياطي الروسي خبرا غير متوقع في هذه الفترة، حيث ما زال الاقتصاد الروسي يعيش أزمة خانقة منذ عام 2014 لأسباب عدة، منها الاقتصادي والسياسي.
فاقتصاديا، من المعروف أن صادرات النفط والغاز تشكل مصدر الدخل الرئيسي للميزانية الروسية؛ الأمر الذي جعل الاقتصاد الروسي يواجه عقبات جمة عندما أخذت أسعار النفط تتراجع، في غضون ذلك أضافت السياسة تعقيدات جدية حين فرض الغرب عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا.
في ظل تلك الظروف المعقدة مع استمرار العقوبات الغربية ضد روسيا، وغياب أي وضوح بشأن احتمال استقرار أسعار النفط على أقل تقدير، أو ارتفاعها مجددا، وهو الاحتمال الأفضل للاقتصاد الروسي، اضطرت روسيا إلى اعتماد ميزانية هذا العام بعجز قدره 2.137 تريليون روبل، مع بقاء سيناريوهات أخرى للميزانية مرتبطة بحركة النفط في الأسواق العالمية صعودا أو هبوطا.
ويرى مكسيم أوريشكين، نائب وزير المالية الروسي، أن الإنفاق من صندوق الاحتياطي سيساهم في انتقال القطاع المصرفي الروسي إلى فائض السيولة الهيكلي، معربا عن اعتقاده بأن فائض السيولة لن يحدث بشكل مباشر؛ وذلك لأن البنك المركزي يشتري من وزارة المالية العملة الصعبة دون أن يطرحها في سوق المال، أما إلفيرا نابيولنا، مديرة البنك المركزي الروسي، فقد أكدت أنه وفي حال تحول القطاع المصرفي الروسي إلى فائض السيولة الهيكلي، فإن البنك المركزي الروسي مستعد لامتصاص السيولة عبر مزادات الودائع أو إصدار سندات مالية خاصة.
وتجدر الإشارة إلى أن خبراء في مجال الاقتصاد كانوا قد حذروا العام الماضي من أن روسيا قد تضطر إلى الإنفاق من صندوق الاحتياطي في حال لم تتغير الظروف التي تؤثر في الاقتصاد الروسي؛ إذ حذر وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف من احتمال أن يتم إنفاق كل مدخرات صندوق الاحتياطي الروسي عام 2016.
أما وزير المالية الأسبق، أليكسي كودرين، فقد أشار إلى أنه كان مخططا أن يتم الاعتماد على الإنفاق من صندوق الاحتياطي فقط في حال اعتماد سيناريو الميزانية المبني على سعر 30 دولارا لبرميل النفط، لافتا إلى أن مثل هذه الخطة من شأنها أن تتيح للحكومة مهلة من ثلاث إلى أربع سنوات لإعادة بناء السياسة الاقتصادية.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.