انهيار أسعار السلع يدفع النمو في أفريقيا إلى أدنى مستوى في 15 عامًا

المؤسسات العالمية تحذر من تباطؤ النمو في بلدان القارة جنوب الصحراء

تعاني بلدان أفريقية من جفاف شديد مما يعرض الملايين من الأشخاص إلى خطر انعدام الأمن الغذائي
تعاني بلدان أفريقية من جفاف شديد مما يعرض الملايين من الأشخاص إلى خطر انعدام الأمن الغذائي
TT

انهيار أسعار السلع يدفع النمو في أفريقيا إلى أدنى مستوى في 15 عامًا

تعاني بلدان أفريقية من جفاف شديد مما يعرض الملايين من الأشخاص إلى خطر انعدام الأمن الغذائي
تعاني بلدان أفريقية من جفاف شديد مما يعرض الملايين من الأشخاص إلى خطر انعدام الأمن الغذائي

تؤكد تقارير المؤسسات المالية العالمية، أن اقتصادات جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا قد فقدت زهوها، بسبب انهيار أسعار السلع العالمية، مؤكدة استمرارها في النضال من أجل استعادة الزخم خلال عام 2016.
وقال صندوق النقد الدولي: «بعد فترة طويلة من النمو الاقتصادي القوي، تواجه دول أفريقيا جنوب الصحراء عامًا صعبًا آخر بعد تعرض المنطقة لصدمات متعددة خلال عامي 2014 و2015».
وأشار الصندوق، في أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد الإقليمي لدول أفريقيا جنوب الصحراء، إلى أن الانخفاض الحاد في أسعار السلع الأساسية وشروط التمويل الصارمة قد وضعت كثيرا من الاقتصادات الكبيرة تحت ضغط شديد، ويدعو التقرير الجديد إلى استجابة سياسية أقوى لمواجهة تأثير هذه الصدمات وتأمين فرص النمو في المنطقة.
ويبين التقرير تراجع النمو إلى 3.5 في المائة في عام 2015، وهو أدنى مستوى منذ 15 عاما، وتوقع الصندوق تباطؤ النمو إلى 3 في المائة خلال عام 2016. أي أقل بكثير من متوسط 6 في المائة، وهو المستوى المتحقق على مدى العقد الماضي، وبالكاد يفوق النمو السكاني خلال العام الحالي.
ويتوقع البنك الدولي، في التقرير الاقتصادي الأخير عن دول أفريقيا، أن يتراجع متوسط معدل النمو في المنطقة إلى 3.3 في المائة خلال عام 2016.
وأرجع التقرير تباطؤ النمو إلى انخفاض أسعار السلع وضعف النمو العالمي، وارتفاع تكاليف الاقتراض، والتطورات الداخلية السلبية في كثير من البلدان، مشيرا إلى أن الضربة الأسوأ كانت لأكبر مصدري السلع في المنطقة.
وقالت إيفون مهانجو، الخبيرة الاقتصادية في «رينيسانس كابيتال»: «قد لا يبدو النمو البالغ 3 في المائة سيئًا للغاية، لكنه بعيد كل البعد عن نمو بين 6 و7 في المائة الذي تمتعت به المنطقة على مدى العقد الماضي».
وأشارت مهانجو إلى أن بلدان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تعد من الأسواق الناشئة التي تحتاج إلى النمو على نحو سريع، بمعدلات تفوق سرعة النمو في الدول المتقدمة، وذلك من أجل خلق فرص عمل أو على الأقل زيادة نصيب الفرد من الدخل.
وقد ضرب الركود أسعار السلع الأساسية في كثير من الاقتصادات الأفريقية الكبرى الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، أما أسعار النفط فقد تعافت بعض الشيء بالمقارنة ببداية العام، إلا أنها لا تزال متراجعة بأكثر من 60 في المائة من مستويات الذروة في عام 2013.
ونتيجة لذلك، قال صندوق النقد إن الدول المصدرة للنفط مثل نيجيريا وأنغولا، وخمس من الدول الست داخل الجماعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا لا تزال تواجه ظروفا اقتصادية صعبة للغاية، وانخفاض أسعار السلع الأساسية قد يضر أيضا الدول المصدرة للسلع غير النفطية، مثل غانا وجنوب أفريقيا وزامبيا.
وقال روبرت تاشيما، مدير تحرير مجموعة «أكسفورد للأعمال» في أفريقيا: «هناك كثير من العوامل التي تغذي تباطؤ النمو، وأهمها التباطؤ في الاقتصاد الصيني، وقوة الدولار الأميركي، وانخفاض أسعار السلع الأساسية في جميع المجالات»، مُضيفًا أن هناك ضربات مماثلة لقطاعات أخرى مثل السلع الزراعية والسلع المعدنية، وهذا ما أدى إلى تدهور عام في المؤشرات الرئيسية لكثير من هذه الأسواق.
وبالإضافة إلى ذلك، يعاني كثير من البلدان الأفريقية جنوب وشرق من جفاف شديد، بما في ذلك إثيوبيا وملاوي وزيمبابوي، مما يعرض الملايين من الأشخاص لخطر انعدام الأمن الغذائي.
وقال الصندوق: «رغم تشابه الأسباب، فإن تأثير هذه الصدمات يختلف اختلافا كبيرا في جميع أنحاء المنطقة، ويستمر كثير من البلدان في تسجيل نمو قوي نتيجة لعدة عوامل مختلفة، بما في ذلك نصيب الفرد من الدخل»، وأشار الصندوق إلى أن معظم الدول المستوردة للنفط ستكون أفضل كثيرًا مع نمو بنسبة 5 في المائة، وتشمل هذه البلدان دولا مثل كوت ديفوار وكينيا والسنغال، وكثيرا من البلدان ذات الدخل المنخفض، وما زالت هذه البلدان مستفيدة من جهود الاستثمار في البنية التحتية والاستهلاك الخاص القوي.
وفي البلدان المصدرة للسلع الأساسية، حيث تستنزف الاحتياطيات المالية والأجنبية بسرعة، ويتم تقييد التمويل، فستكون الاستجابة للصدمات سريعة وقوية، كما يرجح الصندوق انخفاض الإيرادات من قطاع الصناعة الاستخراجية بشكل دائم، ويرى الصندوق أن كثيرا من البلدان المتضررة تحتاج إلى وضع سياسات هيكلية لاحتواء العجز المالي وبناء قاعدة ضريبية مستدامة.
ولا يزال البنك الدولي يرى بعض «النقاط المضيئة» في القارة، مثل ساحل العاج وكينيا، رغم الأداء السلبي لباقي المنطقة، فساحل العاج هي مصدر كبير للكاكاو ولم تتأثر بتحطم السلع، في حين أن كينيا أكبر اقتصاد في شرق أفريقيا، بلد مستورد صاف للطاقة، وهذا يعني أنه مستفيد من انخفاض أسعار النفط.
ويتوقع البنك الدولي انتعاشا أقوى بين عامي 2017 و2018، كما يتوقع العودة إلى متوسط معدل نمو يصل إلى 4.5 في المائة، معتمدا على الانتعاش الاقتصادي في نيجيريا، أكبر اقتصاد في القارة، وكذلك جنوب أفريقيا وأنغولا.
رغم ذلك يحذر تقرير للبنك الدولي من «مخاطر الهبوط»، مما يعني أن توقعاته للنمو هذا العام والعام المقبل لا تزال ضعيفة بسبب البيئة الاقتصادية العالمية، خصوصا أسعار السلع الأساسية، وكذلك أيضًا التباطؤ الصناعي الصيني.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.