كيري يلتقي أوباما لمناقشة الحلول والمقترحات المطروحة لتثبيت وقف الأعمال العدائية في سوريا

وزير الخارجية الأميركي يقترح إنشاء «مناطق آمنة».. ورئيسه يكرر رفضها

كيري يلتقي أوباما لمناقشة الحلول والمقترحات المطروحة لتثبيت وقف الأعمال العدائية في سوريا
TT

كيري يلتقي أوباما لمناقشة الحلول والمقترحات المطروحة لتثبيت وقف الأعمال العدائية في سوريا

كيري يلتقي أوباما لمناقشة الحلول والمقترحات المطروحة لتثبيت وقف الأعمال العدائية في سوريا

تضاربت تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري في جنيف، أول من أمس، حول الخيارات الممكنة لحماية المدنيين في سوريا؛ إذ بينما أوضح أنها تشمل إنشاء «مناطق آمنة» لقوى المعارضة السورية، مع تصريحات البيت الأبيض التي كررت التأكيد بشكل حاسم أن الرئيس باراك أوباما يعترض على إقامة مثل هذه المناطق، لـ«ما يتطلبه ذلك من التزام أميركي عسكري بحماية المناطق الآمنة بقوات برية أميركية».
كيري كان قد التقى يوم أول من أمس الاثنين مع مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير، كما ناقش هاتفيا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، السبل والأفكار لتحقيق التهدئة وتثبيت وقف الأعمال العدائية بعد تصاعد العنف والقتال، لاسيما في حلب. وصرح الوزير الأميركي بعد محادثاته في جنيف أن «الصراع السوري يخرج عن نطاق السيطرة ويسبب الإزعاج»، وأن اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي استمر لتسعة أسابيع أصبح «على المحك».
وتابع كيري في تصريحاته للصحافيين أن الولايات المتحدة وروسيا «تدرسان السبل الممكنة لفصل القوات المتحاربة في سوريا مع احتمالات إنشاء مناطق أمنة لمقاتلي المعارضة». وأكد كيري بحث مقترحات لإمكانية التوصل إلى اتفاق لتهدئة العنف وتحسين الوضع الإنساني لكنه لم يوضح تفاصيل المقترحات، والخطة الجديدة مكتفيًا بالقول: إن واشنطن وموسكو وافقتا على زيادة عدد الموظفين لمراقبة وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 فبراير (شباط) الماضي.
في المقابل، جاء رفض البيت الأبيض تصريحات كيري سريعا، عندما أعلن جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، أن الرئيس أوباما «لا يعتقد في هذه المرحلة أن إنشاء مناطق آمنة حل عملي لما يحدث في سوريا، رغم المطالب التي دعت إلى إنشاء مناطق حظر جوي أو مناطق آمنة داخل سوريا من شأنها توفير ملاذ آمن للمواطنين السوريين». وأردف إرنست: «الرئيس يشعر بالقلق إزاء هذا الاقتراح؛ لأنه يضع الولايات المتحدة على محك حماية هذه المناطق الآمنة، وهذا يتطلب التزاما كبيرا من القوات البرية (الأميركية) ويستلزم وضع تلك القوات البرية في الخطوط الأمامية مع احتمالات محاولة «داعش» الاعتداء على تلك المناطق الآمنة أو التسلل منها ما سيخلق وضعا خطيرا للغاية للقوات الأميركية».
وتابع المتحدث باسم البيت الأبيض أن المقترحات بإقامة مناطق آمنة: «تكررت في الآونة الأخيرة في سياق وقف الأعمال العدائية وفقا للاتفاق بين واشنطن وموسكو وبقية المجتمع الدولي»، مستطردًا: «الجانب الأميركي في محادثاته مع الروس يسعى لحملهم على استخدام نفوذهم لدي نظام الأسد للالتزام بوقف الأعمال العدائية، ونحن نحاول تكثيف جهودنا لتثبيت وقف الأعمال العدائية».
في الوقت نفسه، تراجعت الإدارة الأميركية عن التلويح بالخطة «ب» التي تشمل تسليح المعارضة السورية بمزيد من الأسلحة الدفاعية ومنها وحدات دفاع جوي مضادة للطائرات. ويسعى كيري الآن للخروج من مأزق الاحتمالات العالية لانهيار هدنة وقف إطلاق النار في سوريا، ويفترض أن يكون استعرض في لقائه مع الرئيس أوباما ونائب الرئيس جو بايدن ليلة أمس الخطط المقترحة للتوصل إلى وقف القتال في مدينة حلب بعد رفض الرئيس بشكل حاسم وصريح مقترحات المناطق الآمنة.
وتشير مصادر موثوقة أن الرئيس الأميركي رفض أيضا واستبعد خيارات أخرى منها زيادة عدد الجنود الأميركيين في سوريا أو توفير مزيد من الأسلحة للمعارضة السورية. وفي موقف ينسجم مع موقف موسكو تحاول واشنطن عزل الميليشيات المتشددة، ومنها «جبهة النصرة» والجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة» في سوريا، التي لا يشملها اتفاق وقف الأعمال العدائية، عن بقية القوى المعارضة السورية. وحاليا يستخدم كل من الروس والنظام السوري حجة «داعش» و«جبهة النصرة» لخرق اتفاق وقف الأعمال العدائية، وتبرير القصف على معاقل المعارضة السورية. وكانت واشنطن قد امتنعت حتى الآن تلك عن قبول هذه التبريرات، معتبرة أن القصف استهدف مناطق مدنية منها المستشفيات.
على صعيد ثان، رفض المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيري استباق الأحداث واستعراض تفاصيل المناقشات التي تجري بين واشنطن وموسكو، وقال: «إن الوزير كيري استعرض مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعض الأفكار حول استعادة وقف الأعمال العدائية في سوريا وجعل بعض الأماكن أكثر أمنا مما هي عليه، ولا نريد أن نستبق المناقشات». وأكد كيري خلال المؤتمر الصحافي اليومي للخارجية مساء الاثنين (بالتوقيت المحلي) أن «النقاشات الأميركية الروسية لتثبيت هدنة جديدة لوقف الأعمال العدائية تشمل مدينة حلب، وتلقي على روسيا مسؤولية دفع النظام السوري لتنفيذ الالتزام بوقف إطلاق النار ووقف القصف ضد حلب». وأردف «حلب لم تكن أبدًا على طاولة المناقشات في اتفاق الهدنة الموقعة بين واشنطن وموسكو لوقف الأعمال العدائية، بل شملت الهدنة كل إرجاء سوريا، والآن تشكل حلب جزءا من الجهود الجديدة؛ لأننا رأينا كثيرا من الانتهاكات في الآونة الأخيرة». وتابع المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن «الاتفاق الأميركي الروسي على إنشاء مركز تنسيق عسكري مشترك في جنيف لمراقبة الهدنة لا يزال قيد البحث»، مشيرا إلى أن «الهدنة أثبتت أنها كانت هشة وعرضة للخرق، ولذا كان منطقيا البحث في سبل لتعزيز جهود تثبيت الهدنة وجعلها أكثر فاعلية، ولذا يبحث وزير الخارجية الأميركية زيادة الموارد والمراقبين للهدنة».
ورفض كيري إعلان تفاصيل حول المقترحات بإنشاء مناطق آمنة داخل حلب، وقال: «بعض الأفكار يجري بلورتها وبعض الطرق والخيارات يجري مناقشتها بين وزير الخارجية كيري مع نظيره الروسي لافروف ومع المبعوث الخاص دي ميستورا، ومن السابق لأوانه الدخول في تفاصيل محددة. وما نود أن نراه هو أن تكون جميع أنحاء سوريا منطقة آمنة حيث لا يجري قصف المدنيين بالغاز والبراميل المتفجرة».
في هذه الأثناء، قال روبرت فورد، السفير الأميركي السابق لدى سوريا والباحث السياسي بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن، أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري «يخوض معركة شاقة لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار، ويحاول دفع قوي المعارضة للابتعاد والانفصال عن جبهة النصرة في أماكن مثل حلب». ويشير فورد إلى أن جهود الولايات المتحدة لإعادة تثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية «سيستمر خلال الأيام المقبلة في محاولة لتحسين الوضع قبل خوض محادثات سلام، بينما يستمر النظام السوري مدعوما من سلاح الجو الروسي بقصف ضواحي دمشق الشرقية والمناطق المحيطة بحلب ويستهدف مجموعات متنوعة من قوى المعارضة، وفي بعض الأحيان توجد قوى المعارضة السورية المعتدلة بالقرب من أماكن تمركز جبهة النصرة نتيجة تعاون تكتيكي بينهما ضد العدو المشترك وهو نظام الأسد».
وحسب فورد، فإن في اتفاق وقف الأعمال العدائية «ثغرة أساسية هي وقف إطلاق النار باستثناء قصف (داعش) و(النصرة)، ما يتيح للأسد استهداف مواقع المعارضة وتطبيق سياسة (فرق تسد) من دون أن يواجه انتقادات دولية، ولذا تركز قوات الأسد على مدينة حلب ذات القيمة الاستراتيجية والسياسية».
ويرجح المحلل السياسي الأميركي بمعهد الشرق الأوسط «الضغط على قوى المعارضة السورية المعتدلة لتنأى بنفسها عن جبهة النصرة مقابل تقديم مزيد من المساعدات لها، لكن في الوقت نفسه ستقدم الجماعات التابعة للقاعدة وجبهة النصرة للانتقام ضد المعارضة المعتدلة التي تحاول الابتعاد عنها، وهو ما تستهدفه الاستراتيجية السياسية لموسكو التي تسعى لإشعال المعارك بين تلك القوى لتعزيز وضع حليفها الأسد».
ومن جانب آخر، قال المحلل السياسي دويل ماكمانوس بصحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن لدى الرئيس أوباما «استراتيجيتين مختلفتين في سوريا: واحدة في شرق سوريا؛ حيث تقود الولايات المتحدة حملة عسكرية ضد تنظيم داعش، وتنفذ الكثير من الضربات الجوية التي نجحت في تقليص نفوذ «داعش» وتجفيف منابع تمويل التنظيم كما أرسل 250 جنديا أميركيا إضافيا إلى شرق سوريا إضافة إلى 50 جنديا أرسلهم العام الماضي لتدريب قوى المعارضة السورية لاستعادة مدينة الرقة السورية التي تعد عاصمة تنظيم داعش، وأساس هذه الاستراتيجية أن تنظيم داعش يشكل تهديدا مباشرا للولايات المتحدة.. وللعلم، فإن الجنود الأميركيين الإضافيين الذين أرسلهم أوباما إلى شرق سوريا ليسوا في مهمة قتالية وإنما في مهمة لتنسيق جهود القوى المحلية وجمع المعلومات الاستخباراتية وتحديد أهداف للغارات الجوية. أما الاستراتيجية في غرب سوريا، وهي جزء من استراتيجيته العامة، فهي مختلفة حيث كرر أوباما مطالبة الأسد بالتنحي عن السلطة وإتاحة الفرصة لتشكيل حكومة انتقالية وضغط وزير الخارجية الأميركي جون كيري لإقناع الأطراف المتحاربة بوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات سلام مفتوحة.. ولكن في كل مرة تجري محادثات السلام تقوم قوات الأسد بشن هجمات على مناطق مدنية ما يدفع وفود المعارضة إلى ترك المحادثات احتجاجًا».
وحول الموقف الروسي يقول المحلل السياسي الأميركي أن «كيري يلجأ إلى موسكو باعتبارها حليف الأسد للمساعدة في فرض وقف إطلاق النار والحفاظ على المفاوضات في المسار الصحيح، لكن روسيا تواصل غاراتها الجوية، وفي بعض الأحيان تقصف مواقع للمعارضة السورية التي تقوم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بتدريبهم». ويقول ماكمانوس: «الرئيس أوباما قال منذ فترة طويلة أن أمامه خيارين في الأزمة السورية أما المشاركة بالحد الأدنى في الأزمة أو التقدم بغزو بري واسع النطاق، ولذا فهو يتبع الخيار الأول».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.