في أعقاب نقل مقر وزارة الداخلية المصرية من وسط القاهرة إلى أطرافها في حي التجمع الخامس، أعلنت محافظة القاهرة عن نقل مبنى «مجمع التحرير» الشهير، والبدء في نقل مكاتبه الإدارية التي يفوق عددها الألف مكتب بنهاية شهر يونيو (حزيران) في محاولة لتخفيف حدة الزحام المروري عن قلب العاصمة المصرية ودعم تحويل وسط القاهرة لمزار سياحي متكامل بعد تطوير وتجديد مبانيها التاريخية.
يستعد المبنى الضخم لمغادرة موقعه بعد أكثر من 60 عاما كان خلالها فاعلا في أحداث كثيرة مرت بمصر وخاصة ثورتي 25 يناير 2011. و30 يونيو 2013. بعضها أحداث دامية والأخرى اكتست بروح احتفالية.
وأوضح اللواء محمد أيمن عبد التواب، نائب محافظ القاهرة، أنه «تم تحديد 3 قطع أراض بأحياء النزهة والوايلي بالمنطقة الشرقية، والساحل في المنطقة الشمالية، وذلك لإنشاء 3 مقرات تضم جميع الإدارات التابعة لمحافظة القاهرة المتواجدة بالمُجمع، على أن يتم الانتهاء من إخلاء المبنى بالكامل في 2017».
ولمح نائب المحافظ إلى أنه «ربما قد يتم تحويل المبنى لفندق سياحي لكن لم يتم تحديد الهيئة الجديدة التي سيكون عليها المبنى، وسوف تعلن المحافظة عن مسابقة للشركات الهندسية بغرض إعادة توظيف مجمع التحرير من جديد، وما سيصحب هذه العملية من تعديلات تخدم الهيئة الجديدة للمبنى».
وقال المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، لـ«الشرق الأوسط»: قرار صائب وسديد لأن نقل المكاتب الإدارية للأطراف أو للعاصمة الجديدة خطوة هامة للتخلص من الاختناق المروري بقلب العاصمة، مما يفسح المجال لمزيد من التخطيط الجيد للمدينة والتخلص من العشوائية التي تسببها الفوضى المرورية».
ويضم المبنى مكاتب إدارية تمثل عددا من الوزارات الحيوية المصرية ومنها: وزارة الداخلية والعدل والتضامن والقوى العاملة والشباب والرياضة وقطاع البنوك، ويحتوي على 10 مصاعد ومدخلين رئيسيين.
ارتبط المبنى ذهنيا برائعة السيناريست وحيد حامد فيلم «الإرهاب والكباب» والمشاهد الكوميدية التي جسدها الزعيم عادل إمام، والتي أبرزت معاناة المواطنين مع البيروقراطية والفساد.
وفيما ينظر البعض للمبنى الذي يعد أكبر مبنى إداري بقارة أفريقيا، ككتلة خراسانية تشوه الأبعاد الجمالية لميدان التحرير، ويطلق عليه الأجانب المترددون عليه للانتهاء من أوراقهم «الصندوق الأسود»، حيث تضفي عوادم السيارات والغبار على لون المبنى لونا رماديا داكنا، إلا أن البعض يراه رائعة معمارية مستوحاة من الطراز الفرعوني. صمم المبنى المعماري الكبير محمد كمال إسماعيل، المهندس الذي قام بأول توسعة للحرم المكي، وانتهى من المبنى عام 1952 ويتكون المبنى من 13 طابقًا وبه 1310 مكاتب إدارية يشغلها 9500 موظف حكومي، على مساحة 28 ألف متر مربع وبارتفاع 55 مترا، ويقصده يوميا نحو 50 ألف مواطن يوميا. وكان في ستينيات القرن الماضي شاهدا على عدد من حوادث الانتحار.
وكان المبنى قد تعرض للإغلاق أكثر من مرة خلال أحداث ثورة يناير كما قام بعض الثوار باحتلاله وغلقه أمام الموظفين مما أثار بلبلة كبرى في قلب العاصمة المصرية.
ولقي القرار ترحيبا كبيرا من المواطنين المصريين الذين كانوا يقيسون ساعات الذروة بالقاهرة وفقا لمواقيت خروج ودخول الموظفين بالمبنى. وهللت السيدة مروة علي، 44 سنة، فور سماعها نبأ نقل مجمع التحرير، قائلة: «هَم كبير وسيزول.. سوف ننتظر إغلاقه بفارغ الصبر، ووقتها أعتقد أن رحلتي لاصطحاب أطفالي من وإلى المدرسة لن تستغرق ساعتين ونصف الساعة يوميا، سيكون قلب القاهرة كالجنة». وعلق سائق التاكسي محمد متولي، 60 سنة «هذا أفضل قرار سمعته في حياتي، أين كان ذلك الحل، الزحام الذي يسببه الموظفون وأصحاب المصالح المتوافدون يوميا على المبنى كان يسبب تكدسا مروريا متواصلا حتى الساعة الرابعة عصرا، ويمتد الزحام ليخنق مناطق كثيرة محيطة بوسط القاهرة، إنه حل جهنمي لمشاكل وسط القاهرة لتعود كما كانت في الماضي». فيما أعلن عدد كبير من الموظفين برفضهم للقرار واعتراضهم عليه، خاصة أن إخلاء المبني يعني لهم نقل مكان عملهم وتغيير نمط حياتهم اليومية، التي تأقلموا عليها عشرات السنوات، وطالبوا الحكومة بالتراجع عن القرار، لكن بالطبع «دوام الحال من المحال».
مجمع التحرير.. قد يتحول إلى فندق بعد 61 عامًا
رمز البيروقراطية المصرية يقصده نحو 50 ألف شخص يوميًا
مجمع التحرير.. قد يتحول إلى فندق بعد 61 عامًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة