الشبكة السورية: القوات الحكومية والروسية تحرق حلب في أبريل

أسماء الضحايا وهوياتهم تستبعد وجود مراكز عسكرية في المناطق المستهدفة في المدينة

قوات الدفاع المدني في حلب، تخلي رجلا مقعدا واطفالا من حي باب النيرب في مدينة حلب على اثر غارة جوية استهدفت المنطقة الجمعة الماضية (إ ف ب)
قوات الدفاع المدني في حلب، تخلي رجلا مقعدا واطفالا من حي باب النيرب في مدينة حلب على اثر غارة جوية استهدفت المنطقة الجمعة الماضية (إ ف ب)
TT

الشبكة السورية: القوات الحكومية والروسية تحرق حلب في أبريل

قوات الدفاع المدني في حلب، تخلي رجلا مقعدا واطفالا من حي باب النيرب في مدينة حلب على اثر غارة جوية استهدفت المنطقة الجمعة الماضية (إ ف ب)
قوات الدفاع المدني في حلب، تخلي رجلا مقعدا واطفالا من حي باب النيرب في مدينة حلب على اثر غارة جوية استهدفت المنطقة الجمعة الماضية (إ ف ب)

عشرة أيام من القتل والدمار عاشتها أحياء مدينة حلب التي تخضع لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة، بينما لم يصب القسم الآخر بنفس الدمار، فمن جهة من الصعب على سكانه تجاهل ما يحدث تماما في الجزء الآخر من المدينة، الذي قد يصدف أن لهم فيه أقرباء ومعارف، ومن جهة، نالهم من رد الفصائل بعض الهجمات عبر قذائف أصابت مدنيين، وإن لم ترق بأي حال للقوة القاتلة لصواريخ النظام وغارات طيرانه التي شاركه فيها الطيران الروسي على القسم الشرقي من المدينة التي هجرها عدد كبير من سكانها الذين وصل عددهم لمليونين ونصف المليون قبل خمس سنوات.
ورغم تعرض الجزء الغربي من المدينة إلى استهداف من القذائف المحلية الصنع للمعارضة، فإن عدد الضحايا وحجم العنف لا يمكن أن يقارن بما يمارسه النظام من عنف يقود إلى تصنيف جرائم حرب، كما حدث عند استهدافه لمستشفى القدس في حي السكري شرق حلب الخاضع لسيطرة المعارضة والمدعوم من منظمة (أطباء بلا حدود)، يوم الأربعاء الماضي، حيث انتشلت جثث أطفال، ونساء بعضهن كن في حالة ولادة، إضافة لطبيب الأطفال الوحيد المتبقي في القسم الشرقي من حلب.
يقول مجاهد أبو الجود ناشط إعلامي محلي: «توجهت إلى مكان قصف مشفى القدس بعد قرابة 10 دقائق من القصف، الواجهة الأمامية للمشفى مدمرة بالكامل وكذلك المدخل الخاص بالإسعاف. لقد فقدت على إثر هذا القصف صديقي الطبيب أبو عبد الرحمن».
ويتابع أبو الجود في شهادة نشرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان: «كانت الجثث تحت الأنقاض وفرق الإنقاذ تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، سمعت فتاة تنادي وتصرخ فأجساد أفراد عائلتها تحت الأنقاض».
ويقول عدنان حداد وهو صحافي يعيش في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، متحدثا لـ«نيويورك تايمز» إن فرنا يخدم سكان المنطقة تم استهدافه بالغارات رغم عدم وجود أي مظهر عسكري قربه.
وساهمت بعض التصريحات السياسية عن تواجد جبهة النصرة في حلب في زيادة عنف وقسوة تلك الهجمات واتُخذَت وكأنها مبرر لها، ويقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: «إن مسؤولية تحديد أماكن وتوزعات المواقع العسكرية الخاصة بجبهة النصرة وتنظيم داعش، تقع بشكل أساسي على الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية، وذلك كي لا يتم تبرير قصف أي هدف مدني، وبكل سهولة، بحجة أنه يقع في منطقة خاضعة لجبهة النصرة أو لتنظيم داعش، وقد استغلت القوات السورية والروسية هذه الثغرة المتعمدة في الاتفاق وبررت قتلها لمئات المدنيين منذ بدء البيان وحتى الآن».
وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أمس، تقريرا مخصصا لتوثيق الانتهاكات التي قامت بها قوات النظام وحلفاؤها في مدينة حلب في المدة الواقعة بين 20 أبريل حتى 29 منه بشكل خاص، على أن تنشر خلال اليومين التاليين تقريرا خاصا يوثق انتهاكات بعض فصائل المعارضة المسلحة في مدينة حلب في المدة الزمنية ذاتها.
سجل التقرير مقتل 148 مدنيًا، بينهم 26 طفلاً، و35 سيدة. قتلت قوات النظام منهم 92 مدنيًا، بينهم 7 أطفال، و27 امرأة. فيما قتلت قوات يعتقد أنها روسية 56 مدنيًا، بينهم 19 طفلاً، و8 سيدات.
كما وثق التقرير ارتكاب قوات الأسد 4 مجازر و13 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، فيما ارتكبت قوات روسية 3 مجازر وحادثتي اعتداء على مراكز حيوية مدنية.
وما يُشكل انتهاكًا أعظم، بحسب التقرير، أن الأهداف الواردة لم تكن في يوم من الأيام مقرًا عسكريًا ولا يوجد بالقرب منها مقر عسكري أو مخازن أسلحة، كما أنها بعيدة نسبيًا عن خطوط الاشتباك، وبالتالي فلا توجد قيمة عسكرية. وتُشير إلى ذلك أسماء الضحايا وصورهم، ونسبة النساء والأطفال، وشهادات الأهالي، وغير ذلك من المؤشرات التي حصلنا عليها.
وتواصل فرق الشبكة السورية لحقوق الإنسان التوثيق مع عدد كبير من الناجين من القصف ومع أقرباء الضحايا، ومع عدد من النشطاء الإعلاميين، ورد إليها عدد كبير من الصور والفيديوهات، قام فريق مختص بالتحقق من صحتها وموثوقيتها، ثم مقاطعتها مع الأحداث وروايات الشهود والناجين. أثبت كل ذلك أن المناطق المستهدفة كانت مناطق مدنية ولا يوجد فيها أي مراكز عسكرية أو مخازن أسلحة تابعة للمعارضة المسلحة أو للتنظيمات الإسلامية المتشددة أثناء الهجوم أو حتى قبله.
يُضاف إلى ذلك أن قوات النظام ما زالت تستخدم سلاح البراميل المتفجرة التي تُلقى من السماء وتعتمد على مبدأ السقوط الحر، وهذا سلاح عشوائي بامتياز، واعتبر تقرير الشبكة، أن كل برميل متفجر يُشكل جريمة حرب، لأنه لا يحقق أي معيار من معايير القانون الدولي الإنساني، وما زال مسموحًا به على الرغم من قرارات مجلس الأمن والتقارير والتنديدات، وفي هذا الصدد سجلت الشبكة خلال المدة التي يغطيها التقرير قصف القوات الحكومية لـ86 برميلاً متفجرًا على مدينة حلب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.