تقارير دولية: جيش من المراهقين متعددي الجنسيات يساند الحرس الثوري في سوريا

نشيد للباسيج يحث على تجنيد الصبيان «للدفاع عن الأضرحة الشيعية»

أفراد الحرس الثوري يشاركون في مسيرة نظمت في العاصمة طهران (أ.ف.ب)
أفراد الحرس الثوري يشاركون في مسيرة نظمت في العاصمة طهران (أ.ف.ب)
TT

تقارير دولية: جيش من المراهقين متعددي الجنسيات يساند الحرس الثوري في سوريا

أفراد الحرس الثوري يشاركون في مسيرة نظمت في العاصمة طهران (أ.ف.ب)
أفراد الحرس الثوري يشاركون في مسيرة نظمت في العاصمة طهران (أ.ف.ب)

كشفت تقارير دولية تفاصيل جديدة عن جيش متعدد الجنسيات من الميليشيات الشيعية يساند القوات العسكرية الإيرانية دفاعا عن بشار الأسد في الحرب الأهلية السورية، بما فيهم مراهقون من عناصر الباسيج وميليشيات من الشيعة الأفغان. وأكدت التقارير أن قوات الحرس الثوري «تلجأ إلى مراكز الباسيج في المساجد التي تجمع فيها أبناء جاليات متعددة، بينها الأفغان، لحثهم على المشاركة في الدفاع عن أضرحة الأئمة الشيعة في سوريا والعراق». وأوضحت أن «الحرس الثوري يستغل فقر وضعف أبناء المهاجرين وبعض المراهقين لتحفيزهم بالمشاركة في صفوفه وإرسالهم إلى سوريا دون علم أسرهم بذلك».
ومنذ خمس سنوات على بداية الأزمة السورية أرسلت إيران مئات الآلاف من جنود الحرس الثوري، والجيش، وميليشيا أفغانية، وأخرى باكستانية، إلى جبهات المعارك، كما أن وسائل الإعلام الرسمية في إيران أكدت في مناسبات متعددة وصول جثث عناصر الميليشيات إلى مطار الخميني في طهران. وكانت منظمة هيوومن رايتس ووتش أكدت في تقرير لها تجنيد الحرس الثوري، بداية فبراير (شباط)، أفغانا لا يحملون وثائق في البلاد للقتال في سوريا. ومن جانبها، رفضت «الخارجية» الإيرانية إرسال مقاتلين أفغان إلى سوريا، عادا ما تناقلته تقارير دولية «مفبركا» و«دعاية».
وقبل أيام، بيّن فيلم وثائقي شواهد جديدة من ملابسات تجنيد الحرس الثوري ميليشيا الأفغان، الذين يشكل أغلبهم مراهقين من أبناء المهاجرين في إيران، وعلى مدى أيام تتبعت قناة «بي بي سي» خطى مقاتلين أفغان هربوا من المعارك، بحثا عن الحقائق الخفية وراء سياسة إيران في تجنيد الشباب الأفغاني وإرسالهم إلى حجيم المعارك في سوريا، وكشف الوثائقي على لسان مقاتلين سابقين ضمن ميليشيا «فاطميون» عن تنظيم إيران جيشا قدره عشرة آلاف محارب أجنبي ضمن الميليشيات التي تحارب إلى جانب قوات العسكرية الإيرانية.
يشار إلى أن قائد الحرس الثوري، محمد علي جعفري، كان قد تحدث في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي عن جاهزية 200 ألف مقاتل في سوريا والعراق وباكستان وأفغانستان واليمن للانخراط ضمن ميليشيات تابعة للحرس الثوري. ولم يكن هو التصريح الأول لجعفري حول إرسال قوات إلى سوريا والعراق، وكان جعفري في سبتمبر (أيلول) 2012 أعلن عن تشكيل قوات الدفاع المدني من 50 ألف عنصر لمساندة بشار الأسد، بعدما كان الجيش السوري يتجه إلى هزيمة محتومة في حربه مع قوات المعارضة السورية.
وبحسب التقرير، فإن مئات المراهقين من الشيعة الأفغان المعروفين باسم «هزاره» يشكلون غالبية الميليشيا التي تساند الحرس الثوري وتطلق عليهم إيران اسم «فاطميون». هذا، ولم تصدر إحصائية حتى الآن تظهر العدد الحقيقي للأفغان الذين قتلوا في سوريا.
وتعد الجالية الأفغانية في إيران الأكثر فقرا وحرمانا، ويعيش نحو ثلاثة ملايين مهاجر أفغاني في صفيح المدن الكبيرة مثل طهران وقم ومشهد، حيث تكثر الجرائم والإدمان والفقر، كما لا تمنحهم إيران أوراقا ثبوتية، وتحرمهم من حق التعليم والعمل، فضلا عن تعرض الأفغان للتمييز والعنصرية في إيران. وحول تجنيد القوات الأفغانية في مشهد، كشف مصور أفغاني تفاصيل توثيقه تجنيد الأفغان في مشهد، مضيفا أن قوات الحرس الثوري «تلجأ إلى مراكز الباسيج في المساجد التي تجمع فيها الجالية الأفغان، وبالتعويل على المعتقدات الدينية، والدفاع عن أضرحة الأئمة الشيعة في سوريا والعراق»، وأضاف أن «الحرس الثوري يستغل فقر وضعف الأفغان»، وتابع أن بعض المراهقين الأفغان «هربا من العوز والفقر توجهوا إلى سوريا دون علم أسرهم بذلك». وقال أحد الشهود إنه أرسل إلى سوريا «قسرا» بتهمة أنه أفغاني لا يحمل ترخيصا للإقامة والعمل في إيران. وذكر شاهد عيان أن الحرس الثوري قدم له وعودا كبيرة، منها الحصول على جنسية إيرانية ومقابل مادي ضخم، وسكن، لكن أيا من الوعود لم يحصل عليها لدى عودته، وبالمقابل لم يسمح له بتسجيل شريحة هاتف جوال إلا في حال قبوله الذهاب ثانية للقتال مع «فاطميون». ورجح خبراء غربيون أن الحرس الثوري يتخذ من مئات الآلاف من المراهقين الأفغان دورعا بشرية لحماية قواته في الخطوط الحرب المشتعلة. وقال أحد الشهود إنه بعد ضمه «قسرا» لميليشيا فاطميون، خضع للتدريب عشرين يوما بعد ضمه في مركز تدريب تابع للحرس الثوري في ورامين قرب طهران، مضيفا أن الحرس الثوري نقلهم «سرا» إلى المطار من أجل التوجه إلى سوريا.
وتضمن الوثائقي مشاهد من أسر قوات إيرانية وأخرى أفغانية في حوران. ووفق ما قاله الشهود الأفغان الفارين من جحيم الحرس الثوري إلى مخيمات اللاجئين في أوروبا، فإن أسرهم المقيمة منذ سنوات طويلة في إيران تعرضت إلى ضغوط كبيرة من أجل تجنيد أبنائها في ميليشيا فاطميون، فيما قال شهود إنهم كانوا أمام ثلاثة خيارات، هي العودة إلى أفغانستان أو دخول السجن أو القبول بالذهاب إلى دمشق.
كما أن قبول الذهاب إلى سوريا لم يخل من وعود «خيالية»، اكتشف أكثر المحاربين أنها فارغة عند العودة من جبهات القتال. وتخلل الوثائقي شهادات من تعرض لاجئين أفغان وصلوا حديثا إلى أوروبا للتمييز والحرمان من الخدمات المدنية، بعدما عاشوا أجيالا في إيران، بسبب الحروب والدمار التي شهدتها بلدهم في العقود الماضية، وكشف أب أسرة أفغانية عن أنه بعد متابعة تسجيل أطفاله في إحدى المدراس، تلقى وعودا بالتعامل معه بصفته مواطنا إيرانيا، والسماح لأطفاله بمتابعة الدراسة مجانا في حال وافق على الانضمام إلى ميليشيا فاطميون مقابل راتب قدره 600 دولار.
في غضون ذلك، تداولت مواقع إعلامية تابعة للحرس الثوري فيديو دعائيا من إنتاج قوات الباسيج يشجع على تجنيد الأطفال والمراهقين لإرسالهم ضمن قوات تطلق عليها إيران قوات «الدفاع عن الحرم»، وهي التسمية التي تطلقها على الميليشيات الشيعية، إلى جانب تسميتها القوات التابعة للحرس الثوري والجيش الإيراني بـ«المستشارين». ويعد الدفاع عن الأضرحة الشيعية، بيت القصيد في خطابات المسؤولين والقادة العسكريين الإيرانيين. ووفق كلمات النشيد، فإن المراهقين يعلنون جاهزيتهم للقتال في سوريا والعراق فداء للمرشد الأعلى علي خامنئي. وفضلا عن عناصر الباسيج يظهر التسجيل نجل القيادي في الحرس الثوري، تقي أرغواني، الذي قتل بداية فبراير الماضي في سوريا.
الجدير بالذكر أن قوات الباسيج «التعبئة» تجند الأطفال منذ تأسيسه عام 1979، ويتلقى عناصر الباسيج تدريبات على الأسلحة الخفيفة والأساليب الأمنية المخابراتية، إضافة إلى توجيه آيديولوجي ضمن رحلات قصيرة وطويلة المدى قبل دخول مرحلة الشباب. وتبلغ تلك الرحلات ذروتها في عيد النوروز عندما يسير الحرس الثوري مئات الآلاف من تلك العناصر إلى معسكرات تابعة له في مناطق من الأحواز، شهدت أشرس المعارك في حرب الخليج الأولى.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.