الهدنة لحماية دمشق ومحيط المطار من الهجمات

استعادة المعارضة تلالاً استراتيجية في اللاذقية دفعت النظام لتجنب معارك خاسرة فيها

الهدنة لحماية دمشق ومحيط المطار من الهجمات
TT

الهدنة لحماية دمشق ومحيط المطار من الهجمات

الهدنة لحماية دمشق ومحيط المطار من الهجمات

تتعدد القراءات السياسية والميدانية حول الأسباب الحقيقية التي حملت النظام السوري وحلفاءه على القبول بهدنة عسكرية في منطقة الغوطة الشرقية القريبة من دمشق، وريف ومحافظة اللاذقية دون سواهما، إلا أن كلّها تتقاطع عند ثابتين أساسيين: الأول عدم رغبة رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومن خلفه الروس والإيرانيون، في خوض معارك خاسرة وغير مضمونة النتائج على جبهات مختلفة، والثاني وربما الأهم، هو حماية المناطق الحساسة جدًا بالنسبة لهذا الحلف، مثل دمشق، لما لها من أهمية استراتيجية وكعاصمة سياسية، واللاذقية وريفها التي تعدّ الحاضنة الشعبية للأسد وخزّان الطائفة العلوية التي يتحدّر منها، ونقطة النفوذ الروسية، حيث تتخذ منها موسكو قاعدة عسكرية متقدمة، تكون منطلقًا لحماية مصالحها السياسية والاقتصادية، وما يسمّى بـ«سوريا المفيدة»، إذا ما بات التقسيم أو الفيدرالية قدرًا لا مفرّ منه.
هذه المقاربة، أيدها عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، الذي اعتبر أن «قبول النظام بالهدنة في الغوطة الشرقية وفي ريف اللاذقية دون سواهما من المناطق له مدلولان اثنان، الأول حماية المناطق الحساسة بالنسبة إليه، والثاني الاستفراد بالمناطق الضعيفة وتحقيق خرق عسكري فيها، يقدمه مكسب عسكري قابل للاستثمار في المفاوضات السياسية».
ولا يخفي الداراني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ريف دمشق وخصوصًا الغوطة الشرقية تعدّ منطقة حساسة جدًا بالنسبة للنظام، فهي قريبة جدا من العاصمة مركز القرار السياسي، ومحيطة بمطار دمشق الدولي. وهي منطقة اشتباكات دائمة ومستمرة، وكثيرًا ما تتعرض فيها قوات النظام إلى كمائن مسلحة، وتخسر الكثير من ضباطها وعناصرها». ولفت إلى أن الأسد «أثبت بعد كل هذه السنوات عجزه عن الحسم العسكري في الغوطة الشرقية، لذلك هو يحاول أن يظهر أمام المجتمع الدولي بأنه راغب في الهدنة، سيما في منطقة كبيرة جدًا (الغوطة الشرقية) تبدأ من شرق دمشق وتصل إلى السويداء».
الداراني أوضح أن «عددًا من فصائل المعارضة المسلحة تسيطر على مدن وقرى الغوطة الشرقية، أهمها (فيلق الرحمن) الذي يعدّ التشكيل العسكري الأكبر، وهو يتألف من كتائب ومقاتلي الجيش السوري الحر بقيادة النقيب المنشق أبو النصر، وينتشر في معظم الغوطة الشرقية، وبشكل أوسع في حرستا وعربين وزملكا». وأشار إلى أن «جيش الإسلام موجود أيضًا على جبهات بالا ودوما وحرستا، وهو يخوض معارك مشتركة مع «فيلق الرحمن»، سواء ضدّ قوات النظام، أو ضد تنظيم داعش». كذلك أكد عضو مجلس قيادة القورة في ريف دمشق، أن «نفوذ جبهة النصرة وحركة (أحرار الشام) و(جيش الفسطاط) تقلص إلى حدّ كبير في الغوطة وانحسر دورهم». وأردف: «منذ سنة تقريبًا كانت (جبهة النصرة) و(أحرار الشام) قويتين جدًا، لكنهما ضعفتا بسبب انضمام المئات من مقاتليهما إلى الفصائل المعتدلة».
أما في ريف اللاذقية المشمول بوقف إطلاق النار، فيبدو أن الهدنة فيه كانت أفضل الخيارات المتاحة أمام النظام وحلفائه الذين عجزوا عن الثبات في المناطق التي استعادوها بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا. وأعلن مصدر ميداني في ريف اللاذقية، أن «النظام تقدم منذ شهر تقريبًا وسيطر على مناطق واسعة في ريف اللاذقية وأقام احتفالات النصر فيها، وخصوصًا في جبل الأكراد، لكن المعارضة استعادت معظمها منذ أسبوعين وأحكمت سيطرتها عليها». واعتبر المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدم قدرة النظام على الحسم، وحساسية المنطقة التي تعني في السياسة أنها الثقل الشعبي للنظام، ومنطقة النفوذ الروسي، كان السبب المباشر لإعلان الهدنة، خصوصًا بعد سيطرة المعارضة أخيرًا على مناطق وتلال استراتيجية». وذكّر أن «أول خروقات الهدنة من قبل النظام كانت في جبهة الساحل، ومن ثم في الغوطة الشرقية، وعندما وجد النظام أن ريف اللاذقية عصي على السيطرة، عدل عن خيار المواجهة، ولجأ إلى الاستفراد بالمناطق الضعيفة نسبيًا».
ولفت الناشط الميداني إلى أن النظام «اعتاد منذ أشهر طويلة على تجنب خوض المعارك في مناطق لا تحقق له مكسبًا عسكريًا، فإما أن ينسحب منها أو يهادن فيها، وهذا ما حصل الآن في ريف اللاذقية، لا سيما بعد سيطرة فصائل المعارضة على تلال استراتيجية في جبل الأكراد». وتابع: «إن دعاية النظام وحلفاءه بمحاربة الإرهاب سقطت نهائيًا، والدليل أنه يقبل الهدنة في المناطق التي فيها وجود صريح لـ«جبهة النصرة» وحتى تنظيم داعش، بينما يشن حربًا على مناطق وجود الجيش الحر، والفصائل المعتدلة المعترف بها دوليًا»، لافتًا إلى أن «ريف اللاذقية الذي تشمله الهدنة الآن بعض مناطقه خاضعة لسيطرة الجيش الحر، والبعض الآخر لـ(أحرار الشام) و(جبهة النصرة)، خصوصًا مناطق جبل التركمان وجبل الأكراد».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».