تونس: الرئيس الباجي يوقع قانونًا للقضاء رغم معارضة نقابات القضاة

تدارس مشروع لتوأمة البرلمان التونسي مع الاتحاد الأوروبي

تونس: الرئيس الباجي يوقع قانونًا للقضاء رغم معارضة نقابات القضاة
TT

تونس: الرئيس الباجي يوقع قانونًا للقضاء رغم معارضة نقابات القضاة

تونس: الرئيس الباجي يوقع قانونًا للقضاء رغم معارضة نقابات القضاة

وقع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي صباح أمس على القانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء، بعد إحالته عليه من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستوري القوانين. وقبل التوقيع بأيام عقد الباجي سلسلة من الاجتماعات مع وزير العدل، ورئيس الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين، ومع مجموعة من الخبراء في القانون قبل اتخاذ القرار النهائي بتوقيع هذا القانون المثير للجدل.
ووفق مصادر قضائية فقد فشلت هيئة مراقبة دستورية القوانين في الحصول على أغلبية الأصوات لصالح هذا القانون، وهو ما جعلها تمرره إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ قرار نهائي بشأنه. وكان أمام رئيس الدولة خيارين: إما التوقيع على هذا القانون في صيغته الحالية، أو إعادته إلى أعضاء البرلمان للنظر فيه من جديد. وقد رفضت الهيئة في مناسبتين سابقتين التصديق على مشروع القانون المنظم للقضاء، وعللت ذلك بعدم مطابقة بعض فصوله مع الدستور التونسي.
وصادق البرلمان في 23 من مارس (آذار) الماضي على هذا القانون في ظل انتقادات متعددة من قبل جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة، وهما الهيكلان النقابيان الممثلان للسلطة القضائية، حيث اتهمت السلطات بتكريس هيمنة السلطتين التنفيذية والتشريعية على السلطة القضائية.
وعلى صعيد غير متصل، بدأ أمس كلود برتولون، رئيس المجلس الوطني الفرنسي، زيارة إلى تونس لمدة ثلاثة أيام، واجتمع خلال اليوم الأول من الزيارة مع محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، حيث بحثا سبل دعم علاقات التعاون القائمة بين البرلمان التونسي والمجلس الوطني الفرنسي.
وبشأن هذه الزيارة وأهدافها، قال الناصر في تصريح إعلامي إن المجلس النيابي التونسي سيعقد ملتقى بحضور مكتب المجلس ورؤساء الكتل البرلمانية، إلى جانب نواب البرلمان عن الدائرتين الانتخابيتين فرنسا الأولى والثانية، وذلك للنظر في مشروع برنامج توأمة البرلمان التونسي مع الاتحاد الأوروبي بهدف تعزيز قدرات البرلمان، بمشاركة البرلمانين الفرنسي والإيطالي. ومن المنتظر أن يحضر هذا الملتقى لاورا باييزا، سفيرة الاتحاد الأوروبي بتونس، باعتبارها ممولة هذا المشروع.
ووفق مصادر برلمانية تونسية، فإنه من المنتظر أن يساهم هذا المشروع في تكريس دولة القانون والديمقراطية، وتمكين مؤسسة البرلمان من هامش من الاستقلالية، يجعلها تمارس صلاحيات التي كفلها لها الدستور التونسي الجديد (دستور 2014) بشكل أفضل.
يذكر أن كلود برتولون، رئيس المجلس الوطني الفرنسي مولود في تونس لعائلة فرنسية كانت تعيش في تونس قبل استقلالها عن فرنسا سنة 1956.
من جهة ثانية، أدانت 46 منظمة تونسية ودولية ظاهرة الإرهاب، ودعت إلى مقاربة شاملة تحترم الحقوق والحريات وتكافح الإرهاب. وبهذا الخصوص قالت آمنة القلال، رئيسة فرع منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تونس: «إن مكافحة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان لا يتعارضان إطلاقا»، مضيفة أن منظمات حقوقية تونسية ودولية تلقت شهادات كثيرة من أشخاص قالوا: إنهم عانوا انتهاكات خلال مداهمات للمنازل خلال حملات مكافحة الإرهاب. كما انتقدت القلال قانون مكافحة الإرهاب في صيغته الجديدة، وقالت: إنه منح قوات الأمن سلطات واسعة لمراقبة الأشخاص. كما مدد القانون فترة احتجاز المشتبه بهم في قضايا الإرهاب من 6 إلى 15 يوما. وسمح القانون أيضا للمحاكم بعقد جلسات مغلقة، وعدم الكشف عن هويات الشهود أمام المتهمين، ونص على إجراءات تزيد من خطر التعذيب وتمنع ضمانات المحاكمات العادلة.
وأكدت المنظمات الموقعة على مراسلة وجهتها إلى السلطات التونسية، على ضرورة مكافحة جميع الأعمال الإرهابية، وإجراء محاكمات لمرتكبيها والمحرضين عليها والمخططين لها. وعبرت عن دعمها للسلطات التونسية في مواجهة ظاهرة الإرهاب، وضرورة حماية المواطنين من الفوضى وانعدام الأمن. وفي ذات الوقت، حثت الحكومة التونسية «على ألا تنسى أن انتهاك الحقوق يقوض جهود مكافحة الإرهاب بطرق متعددة»، حسب تعبيرها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.