أكد مثقفون سعوديون أن «رؤية السعودية 2030»، يمكنها أن تمثل رافعة لدعم الثقافة والفنون، وأكدوا على الحاجة لتأسيس كليات للفنون وإقامة مسارح وصالات للعروض السينمائية تسهم في التنمية الثقافية.
وفي البدء، تحدث الشاعر والسينمائي السعودي أحمد الملا عن تطلعات المثقفين السعوديين لأن تصبح هذه الرؤية رافعة للتنمية الثقافية، وقال: بدءا نحيي هذه الروح الشابة التي آن لها أن تقود قاطرة التنمية بحماس وعزيمة، وأثق أنها الأقرب لطموحات وأحلام الشباب السعودي وهو ما لمسناه في كثير من الرؤى المستقبلية على أصعدة عدة سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، في حين نتمنى أن تشمل إلى جانبها؛ تحولات أساسية في الثقافة والفنون.. فهذا القطاع الهام في تشكيل الهوية والوجدان الجمعي للشعب، هو الذي تعرض خلال عقود إلى تجريف وتجفيف منابع إلى درجة أن المشهد الثقافي والفني لم يشهد توجها مؤسساتيا يوازي القطاعات الأخرى.
وقال: عليه فإني أرى أن يتم العمل على عدة اتجاهات لتعويض وتأسيس بنى ثقافية وفنية حديثة، منها تسليم المراكز الثقافية والحضارية إلى جمعيات الثقافة والفنون، وإنشاء أكاديميات ومعاهد لدراسة الفنون الجميلة، وفتح أقسام الفنون المختلفة في الجامعات وفصل الثقافة عن الإعلام لتكون الأولى هيئة مختصة للثقافة والفنون.
وقال الملا إن هناك حاجة لتوجيه الدعم المادي والمعنوي إلى المناشط والفعاليات الثقافية والفنية سواء من القطاع العام أو توجيه القطاع الخاص نحو ذلك. وأرى أن قطاعات الثقافة والفنون المرتبطة بالترفيه ليست فقط مطلبا إنسانيا وتعزز الانتماء للوطن بل يمكنها أن تكون صناعة ورافعة اقتصادية إضافية، من المسارح والسينما والمهرجانات.
* د. فهد اليحيى
أما الناقد والكاتب السينمائي الدكتور فهد اليحيى، فقال لـ«الشرق الأوسط» أن خطة التحول الوطني برنامج طموح وطويل الأمد وأعتقد إن هناك خطة أولويات لم يفصح عنها ولكني أتوقع (وآمل) أن يتم إنجاز الكثير خلال السنوات الخمس الأولى.
وقال: توقعاتي؛ أن تكون هناك مكتبات عامة ومراكز ثقافية في الأحياء وأن يتم إنشاء نوادٍ رياضية في الأحياء (أو كل مجموعة من الأحياء بحسب المساحة وكثافة السكان) بحيث تحوي هذي النوادي كل وسائل الرياضة والترفيه وكذلك الثقافة.
كما أتوقع إنشاء مدن ملاهٍ وحدائق عامة تحوي وسائل الترفيه وتقدم فيه عروض فنية فردية أو جماعية. ولن يكتمل هذا من دون استضافة سيرك عالمي بين آونة وأخرى واستضافة استعراضات كالتي يسافر السعوديون لحضورها في البحرين والقطر والإمارات.
وقال اليحيى: لكي تكتمل الثقافة والترفيه أرى إن دور المسرح ودور العرض السينمائي آتية فلا ثقافة ولا ترفيه من دونهما. وكذلك أتوقع تشجيعًا لإنشاء الفرق الجماعية وتكون الحلقات والجماعات الأدبية والثقافية. وأنتظر أيضًا معاهد للفنون الجميلة ومثلها للعلوم السينمائية من إخراج وتصوير وتمثيل ومونتاج.. إلخ. وغيرها للفنون المسرحية.
وأظن أنه سيكون هناك تشجيع على إقامة المسابقات في الثقافة العامة وتشجيع على القراءة في مجتمع لا يقرأ إلا قليلاً.
وأضاف اليحيى: كانت هناك إشارة واضحة إلى المتاحف وأعتقد أن هذا جانب ثقافي وفني مهم، منها متاحف للتراث القديم في بلد مترامي الأطراف يحوي ثقافات شعبية متعددة ومتباينة ومتاحف للفن الحديث وما أشبه كذلك. وكذلك صالات عرض للفنون الجميلة.
كما أرجو أن يتم إحياء الفكرة القديمة بدمج النوادي الأدبية بجمعيات الفنون لتكون مراكز ثقافية تجمع النشطة التي يمارسونها ويكون في كل منها قاعة عرض سينمائي وخشبة مسرح مجهزة بأحدث تقنيات الصوت والضوء. وأن يوكل الإشراف على هذه المراكز الثقافية إلى مجلس أعلى للثقافة والفنون كجزء من استراتيجية ثقافية وفنية يتولاها المجلس.
وقال: أتوقع أن تتم هذه الأمور على مراحل وعبر أولويات تضع في حسبانها أمورًا كثيرًا كي تسير هذه الخطط في سلاسة ويسر.
* د. مبارك الخالدي
أما الناقد والكاتب الدكتور مبارك الخالدي، فقال معلقًا على هذه الرؤية: أتفق مع ولي ولي العهد في أننا نعاني شحًا في الخدمات الثقافية، وهو شح مزمن سببه إهمال «الثقافة» في كل خطط التطوير الخمسية الماضية، إذ لم تعط الاهتمام الجاد الذي تستحقه، فقد كانت منذ أول إلى آخر خطة خمسية، ملحقًا لهذه المؤسسة أو تلك.
وقال الخالدي: لم ينظر كما هو واضح إلى «الثقافة» بصفتها أحد المقومات الأساسية في حياة الإنسان، ترافق هذا مع رؤية سلبية تجاهها وتعامل بالخوف والحذر وحتى الكراهية والعداء عند البعض، ما أدى إلى تهميشها وكبح تطورها والحؤول دون إسهامها في الارتقاء في حياة المواطن وتعزيز جوانب الجمال والحب والخير والترفيه فيها.
وأضاف: بوضعها الحالي وخلال فترة قصيرة، لا تستطيع أن تقدم «الثقافة» الكثير على صعيد تحسين مستوى حياة الفرد السعودي. وهذا نتيجة طبيعية للإهمال الذي عانته في السنوات الخالية. لكن لا نختلف على أنها قادرة على أن تصنع فارقا كبيرا في هذا المجال عند دعمها وتحرريها من القيود التي تعيق حركتها، ووضع خطط واستراتيجيات للنهوض بها لكي تلبى المتطلبات الآنية والمستقبلية.
ومضى يقول: المسرح، الحفلات الموسيقية، المعارض الفنية، المتاحف، المهرجانات، الفعاليات الأدبية والسينما عوامل تلعب دورًا كبيرا في تحسين مستوى الحياة إذا توفر الاعتراف الكامل بها، وسخرت الإمكانات لدعمها وتطويرها. ستكون حينئذ عامل جذب للسائح، ومصدر ترفيه ومتعة دائمين للمواطن، الذي يدفعه هذا الشح المزمن إلى عبور الحدود كلما توفرت الفرص لذلك. في أحايين كثيرة، يكون عبوره لمجرد مشاهدة فيلم أو فلمين، أو حضور حفلة، وتناول وجبة عشاء أو غداء والعودة إلى بيته. مطلب بسيط لا يتوفر في وطنه بسبب ما سماه سمو الأمير شحًا في الخدمات الثقافية. آن الأوان ليخلص الوطن نفسه من هذا الشح إذا كان جادًا في تحسين مستوى حياة الناس!!
* محمد الحرز
الناقد محمد الحرز، قال: لقد وضع سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد الكلام في موضعه الدقيق والمهم حين تحدث عن الاستثمار الثقافي في تحسين ورفع مستوى المعيشة. هذه الرؤية الطموحة لا بد أن ترتكز على إنسان هذا البلد باعتباره الرافعة التي تنهض عليه مثل تلك المرتكزات. وهذا ما حدا بصاحب السمو في حديثه بربط تحسين مستوى المعيشة بتطوير مستوى الثقافة التي تتصل بالترفيه. وهنا أصل إلى المفهوم الجديد للثقافة من خلال ارتباطها بالترفيه الذي ركز عليه في حديثه. حيث يفتح المجال إلى الحديث رؤية للثقافة تنطلق من الاحتياجات التي تمس المجتمع في حياته اليومية، فمثلا الفن بجميع أشكاله وخصوصا في شقه البصري هو الرافد الحقيقي الذي يلبي احتياجات الترفيه ويلبي في نفس الوقت احتياجات الاستثمار في الاقتصادي في الثقافة. ومضى يقول: إظهار الفنون المرتبطة على سبيل المثال بتاريخ البلد بثرائه وتنوعه في الفضاء العمومي للمجتمع هو في حد ذاته نقلة نوعية لممارسة الفن من فضائه المغلق داخل المؤسسات إلى فضائه المفتوح القريب من حياة الناس اليومية، لذا تحتاج هذه الرؤية لأجل تجسيدها إلى ابتكار مهرجانات فنية وأدبية شعبية بشكل مكثف ومتنوع، ومن ثم تقام بشكل يومي. بحيث يشارك فيه جميع فئات المجتمع، ويتفاعل معه المسؤول والمواطن على السواء.
وختم بالقول: هذا واحد من الجوانب التي أشار لها حديث سموه بطرف خفي، عدا ما طرحه من جوانب متعددة من رؤيته، جميعها تصب في ذات الاتجاه: استثمار الإنسان السعودي لكل طاقاته وفي مقدمتها ثقافته الإسلامية الأصيلة.
* نبيل المعجل
الكاتب نبيل المعجل، قال معلقًا على هذه الرؤية في جانبها الثقافي، لقد كان الأمير محمد بن سلمان غاية في الدقة والإيجاز. وأظن باستطاعتي القول بأن الثقافة والترفيه محاربتان منذ عقود مضت من قبل فئات متنفذة لا تحتمل الترفيه والثقافة لأنهما تهددان مصالحهم الضيقة. فتجد نفسية ومزاج السعودي خارج السعودية إيجابيا ومختلفا كليا عما نراه في داخلها وإن تمعنا في السبب الرئيس نجد أنه ثقافي ترفيهي بالدرجة الأولى، وأعني هنا الجانب المعتدل منهما. ولو أجرينا إحصائية رسمية في أعداد الحاضرين والطالبين لوسائل الترفيه والثقافة خارج الوطن لكانت النسبة الكبيرة للسعوديين والسعوديات. إذن، الحاجة لإيجاد وسائل ترفيهية وثقافية محلية لم تعد ترفا بل أصبحت حاجة ملحة وهذا ما فهمته من كلام الأمير محمد بن سلمان.
وأضاف: منذ دخلت الجامعة وأنا أحلم بتحوِل حقيقي وأظن أنني بدأت في رؤية بعض الضوء في نهاية النفق ويبقى الحكم الأخير مع التنفيذ الجاد لهذه الرؤية الجادة، فهذه الرؤية بحاجة لنكون دعما وعونا لها وذلك بالصدق معها والنصح إن أمكن!.
* رحاب أبو زيد
الكاتبة رحاب أبو زيد، قالت إنه من هذه الرؤية الثاقبة والحاسمة يجب أن تنطلق استراتيجيات ذات معالم واضحة للتنفيذ وتحويل هذه المعطيات إلى واقع نتلمس خيراته ونجني ثماره..
ودعت إلى الاتجاه إلى افتتاح دور عرض ومسارح وتدشين المزيد من المناسبات الثقافية التي لن يَصْب في مصلحة ترفيه الفرد على مستوى مادي فحسب بل سيعود عليه بارتقاء وتهذيب معنوي ونفسي ووجداني.
وأضافت: تقدم الأمم يقاس بفلاسفتها وتقدير حكمائها ومفكريها، لذا فالانفتاح الثقافي سيخلق تنوعا فكريا واقتصاديا بتعزيز سبل التواصل مع ثقافات ومراكز عربية وعالمية تعنى بالشأن الثقافي، علاوة على ذلك، يستشف من حديث سموه، حماسه ورغبته الحثيثة في صنع روافد ثقافية جديدة تسهم في إحداث تنمية اقتصادية جديدة وتدير استثمارات السعوديين داخل وطنهم وفي مشاريع بملكيتهم..
ماذا يريد المثقفون من «رؤية السعودية 2030»؟
ماذا يريد المثقفون من «رؤية السعودية 2030»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة