اتهمت واشنطن طرفي النزاع المستمر منذ عامين في جنوب السودان بإعاقة جهود السلام، في وقت قال فيه متمردون إنها عبرت عن احتجاجها عبر سحب التمويل لرحلة جوية، خاصة كان من المفترض أن تنقل قائدهم ريك مشار إلى العاصمة جوبا.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في تعبير عن الإحباط الدولي المتنامي، بعد أشهر من التأخير والجدل، إن حكومة جنوب السودان كانت حتى السبت الماضي ترفض منح إذن الهبوط للطائرات التي تنقل مشار.
وأضافت الولايات المتحدة أن مشار نفسه أعاق الترتيبات عبر التمسك بطلب إرسال المزيد من القوات والأسلحة الثقيلة إلى جوبا لتسبق وصوله.
ومن المفترض أن يعود مشار إلى جوبا للانضمام إلى حكومة وحدة وطنية مع خصومه، بعد أن كانت رحلته مقررة الأسبوع الماضي، وذلك بهدف تكريس اتفاقية السلام التي وقعت في أغسطس (آب) لإنهاء الحرب التي قتلت الآلاف، وأجبرت نحو مليون شخص على النزوح من منازلهم.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في وقت متأخر من ليلة أول من أمس إنه «نظرا لأفعال الطرفين المتمثلة في منع أو تأخير عودته فقد حان الوقت الآن لتتسلم الأطراف المعنية المسؤولية الأساسية لتسهيل عودة ريك مشار إلى جوبا».
وفي إشارة محتملة على تحقيق بعض التقدم، انتقل الجنرال سيمون جاتويك ديوال، رئيس أركان مشار، إلى جوبا أمس رفقة 195 جنديا وكمية الأسلحة التي طلب قائد المتمردين أن تسبقه، لكنه لم يفصح عن موعد وصول مشار.
وقال ديوال للصحافيين في المطار من دون أن يتلقى أي أسئلة: «إنا لأنني في جوبا.. ومجيئنا يهدف لتطبيق عملية السلام، ولن نعود إلى الحرب».
وكانت واشنطن لاعبا رئيسيا في الاتفاقية، التي أدت في النهاية إلى انفصال جنود السودان عن السودان عام 2011، وكانت إحدى الدول المانحة للدولة الوليدة منذ ذلك الحين، لكنها قالت إن أي خطوات مستقبلية لها ستعتمد على مدى انخراط قادة جنوب السودان في عملية السلام.
وأدت إقالة رئيس جنوب السودان سلفا كير لنائبه ريك مشار عام 2013 إلى نشوب قتال بين مؤيديهما، توسع ليصبح قتالا عرقيا في جميع أنحاء البلاد الفقيرة والمنتجة للنفط، بين قبائل الدنكا التي تشكل الغالبية والتي ينتمي إليها كير، وبين قبائل نوير التي ينتمي إليها مشار.
ووقع الطرفان اتفاقية السلام بضغط من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي هددت بفرض عقوبات. لكن غياب الثقة الذي عززته الانقسامات الماضية خلال حرب جنوب السودان الطويلة مع السودان ما زال كبيرا.
من جانبه، قال ويليام ازكييل، المتحدث باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان (الجناح المعارض)، إن قرار الولايات المتحدة سحب التمويل للطائرة الخاصة، التي كان من المفترض أن تنقل مشار سيؤخر عودته يوما واحدا، موضحا أنه «في الوقت الحالي نحن نعمل على حل الموضوع، وربما بحلول يوم غد (اليوم) سيصل نائب الرئيس الأول مشار إلى جوبا»، فيما قال المتحدث باسم الحكومة مايكل ماكي إنه «إذا تبين أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لتسهيل عودته حينها، فإن الحكومة قد تأخذ على عاتقها هذا الأمر» لكن من دون الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.
من جهته، قال وليم ايزيكييل، متحدثا باسم المتمردين: «نأمل تأمين طائرة يمكن أن يستقلها (مشار) اليوم. ونحن نأمل أن يغادر رئيس الأركان والجنود اليوم (أمس)» غامبيلا في غرب إثيوبيا.
وأكد ايزيكييل أن هذا التأخير الجديد سببه أن المانحين الدوليين ألغوا في اللحظة الأخيرة الرحلة، التي كان يفترض أن يضعوها في تصرف مشار ورجاله، ما أجبر المتمردين على اللجوء لحل بديل.
وأثار هذا التأخير المتكرر لمشار إلى جوبا استياء المجتمع الدولي الداعم لعملية السلام، حيث نبه الموفد الأميركي الخاص اليوم لبحث هذه الأزمة، مع إمكان استهداف طرفي النزاع بعقوبات دولية جديدة،
حيث قال بوث في هذا الصدد: «لقد تم تحذيرهما بالتأكيد. فالعالم أجمع ينتظر منهما أن يحترما كلمتهما وأن ينفذا الاتفاق الذي وقعاه في أغسطس الماضي».
وعلى صعيد متصل بالأزمة في جنوب السودان، أعلنت الأمم المتحدة أمس عن وجود نقص حاد في التمويل يحد من المساعدات التي تقدمها إلى الجنوب سودانيين اللاجئين في السودان، بعد أن هرب منذ يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من خمسين ألف لاجئ جنوب سوداني الحدود إلى السودان فرارا من القتال ونقص الغذاء.
وفي هذا السياق، أكدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومنظمة رعاية الطفولة (يونيسيف) وبرنامج الأغذية العالمي أنها تواجه نقصا يزيد على 400 مليون دولار، يؤثر على عملها في مساعدة اللاجئين،
حيث صرح محمد آدار، ممثل المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين في السودان، لوكالة الصحافة الفرنسية أن «مواردنا تواجه ضغوطا من الاحتياجات التي تتزايد بسرعة.. ومزيد من النقص في التمويل سيحد من قدرتنا على الاستمرار في تقديم المساعدات للاجئين الجنوب سودانيين في السودان، والاستجابة للأوضاع الطارئة للواصلين الجدد».
وأكدت المفوضية أنها حصلت عام 2016 على تمويل لا يتعدى 18 في المائة من الاحتياجات الإنسانية «ما يخلف نقصا بنحو 128 مليون دولار لمواجهة الاحتياجات الملحة». كما عبرت اليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي في بيان مشترك عن قلقهما من نقص الموارد الذي يؤثر على حصول اللاجئين على المياه النظيفة والمأوى والمستلزمات المنزلية الضرورية والحماية.
وقالت المنظمتان في البيان إن «اليونيسيف تشعر بقلق بالغ من أنها قد تضطر إلى خفض الإنفاق على المياه والصرف الصحي، والتغذية والصحة والحماية» لأكثر من 100 ألف طفل من جنوب السودان.
فيما قال برنامج الأغذية العالمي إنه يواجه عجزا في التمويل لمدة 12 شهرا يبلغ نحو 181 مليون دولار أميركي.
أميركا تتهم الأطراف في جنوب السودان بإعاقة عملية السلام
تحذير من إمكانية استهداف طرفي النزاع بعقوبات دولية جديدة
أميركا تتهم الأطراف في جنوب السودان بإعاقة عملية السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة